إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله

          4549- 4550- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) بكسر الميم، السُّلميُّ البرسانيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بن سلمة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ) تعالى (عَنْهُ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ) بإضافة «يمين» إلى «صبرٍ» لِمَا بينهما من الملابسة، قال عياضٌ: أي: أُكرِه حتى حَلَف، أو حَلَف جراءةً(1) وإقدامًا؛ لقوله تعالى: {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}![البقرة:175] (لِيَقْتَطِعَ) وللكُشْمِيْهنيِّ: ”لِيَقْطَع“ بحذف الفوقيَّة التي بعد القاف (بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) أو ذِمِّيٍّ أو معاهدٍ أو حقًّا من حقوقهم (لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) اسم فاعلٍ من الغضب، والمراد: لازِمه كالعذاب والانتقام (فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ}... إِلَى آخِرِ الآيَةِ[آل عمران:77]).
          (قَالَ: فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ) الكنديُّ (وَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ) أي: أيُّ شيءٍ يحدِّثكم / (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عبد الله بن مسعودٍ؟ (قُلْنَا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ) بكسر الفاء وتشديد التَّحتيَّة (أُنْزِلَتْ) هذه الآية (كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي) اسمه معدان(2)، ولقبه الجَفْشِيْش، زاد أحمد من طريق عاصم بن أبي النَّجود عن شقيقٍ: «في بئر كانت لي في يده، فجَحَدني» فـ (قَالَ النَّبِيُّ صلعم : بَيِّنَتُكَ) أي: الواجبُ بيِّنتُك أنَّها بئرك (أَوْ يَمِينُهُ، فَقُلْتُ: إِذًا يَحْلِفَ) نُصِبَ بـ «إذًا» (يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَنْ حَلَفَ عَلَى) محلوف (يَمِينِ صَبْرٍ) خُفِضَ بالإضافة‼ كالأولى، وسمَّاه يمينًا مجازًا؛ للملابسة بينهما، والمراد: ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه، وإلَّا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه، فيكون من مجاز الاستعارة (يَقْتَطِعُ) في موضع الحال، وللكُشْميهنيِّ: ”لِيَقْتَطِعَ“، أي: لأجل أن يقتطعَ (بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ) غير جاهلٍ ولا ناسٍ ولا مُكْرَهٍ (لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) فينتقم(3) منه.
          وهذا الحديث قد سبق(4) في «كتاب الشَّهادات» [خ¦2667].


[1] في (ص): «بجراءةٍ».
[2] في (د): «مصانٌ» وهو تحريفٌ.
[3] في (د): «منتقمٌ» ولعلَّه تحريفٌ.
[4] في (د): «وهذا الحديث مرَّ».