إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة قال ألا تصليان

          4724- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ) بسكون العين، ابنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمن بنِ عوفٍ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) إبراهيمُ (عَنْ صَالِحٍ) هو(1) ابنُ كيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّدِ بنِ مسلمٍ الزُّهريِّ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ) بضمِّ الحاء، هو زينُ العابدين: (أَنَّ) أباه (حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ) أبيه (عَلِيٍّ) بن أبي طالبٍ(2) ( ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ) أي: أتاهما ليلًا (قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”وقال“ أي: لهما حثًّا وتحريضًا (أَلَا تُصَلِّيَانِ؟!) كذا ساقه مختصرًا، ولم يذكرِ المقصودَ منه هنا جريًا على عادته في التعمية وتشحيذ الأذهان، فأشار بطرفه إلى بقيته [خ¦1127] وهو قول عليٍّ: «فقلت: يا رسول الله أنفسُنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا(3) ذلك ولم يرجع إليَّ شيئًا، ثم سمعتُه‼ وهو مُوَلٍّ يضرب فخذه وهو يقول(4): {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[الكهف:54]» وهذا يدُلُّ على أنَّ المراد بـ {الْإِنسَانُ} الجنسُ، ففيه ردٌّ على مَن قال: المرادُ بـ {الْإِنسَانُ} هنا: الكافر، وليس في الآية مع قوله: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ}[الكهف:56] إشعارٌ بالتَّخصيص؛ لأنَّ ذلك صفةُ ذَمٍّ، ولا يستحقُّه إلَّا مَن هو له أهل وهمُ الكفَّارُ.
          وهذا الحديث قد مرَّ في «التَّهجد» في أواخر «كتاب الصَّلاة» [خ¦1127].
          ({رَجْمًا بِالْغَيْبِ}) في قوله: {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ}[الكهف:22] أي(5): (لَمْ يَسْتَبِنْ) لهم، فهو قولٌ بلا علم، وقد حُكي ثلاثةُ أقوالٍ في اختلاف الناس في عددهم؛ فمنهم مَن قال: ثلاثة رابعهم كلبهم، قيل: وهو قولُ اليهود، وقيل: _هو قول السَّيد من نصارى نجران وكان يعقوبيًّا_: وقال النَّصارى أو العاقب منهم: خمسة سادسهم كلبهم، وقد أتبعَ هذين القولين بقوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} وقال المسلمونَ بإخبارِ الرَّسول {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} و{ رَجْمًا}: يجوزُ كونُه مفعولًا مِن أجله، وكونُه في موضعِ الحال، أي: ظانِّين، وقوله «{رَجْمًا}...» إلى آخره ساقطٌ لأبي ذَرٍّ.
          (يُقَالُ: {فُرُطًا}) يريدُ قولَه تعالى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:28] أي: (نَدَمًا) وهذا وصله الطَّبريُّ من طريق داود بن أبي هند بلفظ: ندامة، وقال أبو عبيدة: تضييعًا وإسرافًا، وسقط قوله: «يقال» لغير أبي ذَرٍّ.
          ({سُرَادِقُهَا}) في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}[الكهف:29] والضَّميرُ يرجعُ إلى النَّار، والمعنى: أنَّ سرادقَ النَّار (مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالحُجْرَةِ) بالرَّاء (الَّتِي تُطِيفُ بِالفَسَاطِيطِ) أي: تُحيطُ بها، والفساطيط: جمع فسطاط؛ وهي الخيمةُ العظيمةُ، والسرادق: الذي يُمَدُّ فوقَ صحنِ الدَّار ويُطيفُ به، وقيل: {سُرَادِقُهَا} دخانها، وقيل: حائط من نار.
          ({يُحَاوِرُهُ}) في قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ}[الكهف:37] هو (مِنَ المُحَاوَرَةِ) وهي المراجعةُ.
          ({لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي}[الكهف:38] أَيْ: لَكِنْ أَنَا هُوَ اللهُ رَبِّي) كما كُتبتْ في مصحف أُبيٍّ بإثبات «أنا» (ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ) التي هي صورة الهمزةِ والهمزةَ (وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الأُخْرَى) عند التقاء المثلين، وقوله: «ثمَّ حذَف(6) الألفَ» يَحتملُ أن يكونَ بنقل حركة الهمزة لنون «لكن»، أو حُذفت مِن غير نقلٍ على غيرِ قياسٍ، قال / في «الدر»: والأوَّل أحسنُ الوجهين، وقال في «المصابيح»: قولُ بعضِهم: نُقلتْ حركةُ الهمزةِ إلى النُّون، ثمَّ حُذِفتْ على القياسِ في التَّخفيف، ثم سُكِّنتِ النُّون وأُدغمت؛ مردودٌ لأنَّ المحذوف لعلَّةٍ بمنزلة الثابت؛ ولهذا تقول: هذا قاضٍ بالكسر لا بالرَّفع؛ لأنَّ حذف الياء للسَّاكنين، فهي مقدَّرةُ الثبوت، فيمتنع الإدغام؛ لأنَّ الهمزة فاصلة في التقدير.
          ({وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا}[الكهف:33] يَقُوْلُ: بَيْنَهُمَا نَهَرًا) وهذه ساقطة لغير أبي ذَرٍّ.
          ({زَلَقًا}) في قوله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}[الكهف:40] (لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ) لكونها أرضًا ملساء، بل يزلق عليها، وهذه ساقطة لأبي ذَرٍّ أيضًا.
          ({هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ})‼ بكسر الواو، ولأبي ذَرٍّ: ”الوَلَايَةُ“ بفتحِها، لغتانِ بمعنًى، أو(7) الكسرُ مِنَ الإمارة، والفتح من النُّصرة، وبالكسر قرأ(8) حمزة والكسائي، وهي (مَصْدَرُ الوَلِيِّ) ولأبي ذَرٍّ: ”مصدر ولي“ بغير ألف ولام، وفي رواية: ”مصدر ولي الولي ولاء“ قال في «الفتح»: والأوَّل أصوبُ، والمعنى: النُّصرة في ذلك المقامِ لله وحدَه، لا يقدرُ عليها غيرُه.
          ({عُقْبًا}) في قوله: {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا}[الكهف:44] أي: (عَاقِبَةٌ وَعُقْبَى وَعُقْبَةٌ وَاحِدٌ؛ وَهْيَ الآخِرَةُ) وقرأ عاصمٌ وحمزةُ {عُقْبًا} بسكون القاف، والباقون بضمِّها، فقيل: هما لغتانِ: كالقُدْس والقُدُس، أوِ الضَّمُّ الأصلُ، والسكونُ تخفيفٌ منه، وكلاهما(9) بمعنى العاقبة، وهذا ساقطٌ لأبي ذرٍّ.
          ({قُبُلًا}) بكسر القاف وفتح الموحَّدة (و {قُبُلًا}) بضمِّهِما، وبه قرأ الكوفيُّونَ، وبالأوَّل الباقون (وَقَبَلًا) بفتحهما (اسْتِئْنَافًا) قال أبو عبيدة: قوله: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا}[الكهف:55] أي: أوَّلًا، فإن فتحوا أوَّلها؛ فالمعنى استئنافًا، فقول السَّفاقسيِّ: لا أعرف هذا التفسير، إنَّما هو استقبالًا، وهو يعود على «قَبَلًا» بفتح القاف، يُقال عليه: قد عرفه أبو عبيدةَ، ومنَ عرف حُجَّةٌ على مَن لم يعرف، وفسَّر الجمهور الأوَّل بمعنى: عيان، والضَّمُّ بأنَّه جمعُ «قبيل» بمعنى: أنواع، وانتصابُه على الحال من الضمير أو {الْعَذَابُ}.
          ({لِيُدْحِضُوا}[الكهف:56]) أي: (لِيُزِيلُوا) بالجدال الحقَّ عن موضعه ويُبطلوه (الدَّحَضُ): بفتح الحاء، هو (الزَّلَقُ) الذي لا يثبت فيه خُفٌّ ولا حافرٌ، وسقط لأبي ذَرٍّ «الدَّحَضُ الزَّلَق».


[1] «هو»: ليس في (د).
[2] «ابن أبي طالب»: مثبتٌ من (د).
[3] في (د) و(م): «قلت».
[4] في (د): «يقول».
[5] في (م): «إذ».
[6] في غير (ب) و(س): «حذفت».
[7] في (ص): «و».
[8] في (م): «قراءة».
[9] في (م): «كلا».