إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة

          4744- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) بكسر الميم، قال: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) سليمان بن طرخان _بالخاء المعجمة_ التيميَّ (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ) لاحقٌ السَّدُوسيُّ (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ) بضمِّ العين وتخفيف الموحَّدة (عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ☺ ) وسقط لأبي ذرٍّ «ابن أبي طالب» أنَّه (قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو) بالجيم، أي: يجلس على ركبتيه (بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ قَيْسٌ) هو ابنُ عُبَاد مِن قوله موقوفًا عليه: (وَفِيهِمْ) أي: في حمزةَ وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه (نَزَلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج:19] قَالَ: هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ) بنُ عبدِ المطلب (وَعُبَيْدَةُ) بنُ الحارث بن عبد المطلب، والثلاثةُ مسلمونَ (وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ) بنِ عبدِ شمسٍ (وَ) أخوه (عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ) المذكور.
          ومقتضى رواية سليمان بن طرخان هذه الاقتصارُ على قوله: «أنا أوَّل من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة» فقط، كما أنَّ مقتضى رواية أبي هاشم السابقة قريبًا [خ¦4743]: الاقتصار على سبب النزول، فليس في رواية قيس بن عُبَاد عن أبي ذرٍّ وعليٍّ اختلافٌ عليه، لكن أخرج النَّسائيُّ من طريق يوسفَ(1) بن يعقوبَ عن سليمانَ التيميِّ بهذا الإسناد إلى عليٍّ، قال: «فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يومَ بدرٍ {هَذَانِ خَصْمَانِ}» وزاد أبو نُعيم في «مستخرجه» ما في رواية مُعتَمِر بنِ سليمانَ؛ وهو قولُه: «أنا أوَّل من يجثو» وكذا أخرجه الحاكم من طريق أبي جعفرٍ الرازيِّ، ورواه عبدُ بنُ حميدٍ عن يزيد بن هارون، وعن حماد بن مسعدة، كلاهُما عن سليمانَ التَّيميِّ كرواية مُعتَمِرٍ، فإنْ كان محفوظًا فيكون الحديث عند قيسٍ عن أبي ذرٍّ وعن عليٍّ معًا؛ بدليل اختلاف / سياقِهِما، قاله في «الفتح».
          وقد رُوِيَ: أنَّ الآية نزلتْ في أهل الكتاب والمسلمين، قال أهل الكتاب: نحن أحقُّ بالله وأقدمُ منكم كتابًا، ونبيُّنا قبلَ نبيِّكُم، وقال المؤمنون: نحن أحقُّ بالله، آمنا بمحمَّدٍ وآمنا بنبيِّكم وما أنزل الله من كتاب، فأفلج الله الإسلام على مَن ناوأه وأنزل: {هَذَانِ خَصْمَانِ} قاله قتادة بنحوه، وقال عِكرمةُ: «هما الجنَّة والنَّار، قالت النَّار: خلقني الله لعقوبته، وقالت الجنَّة: خلقني الله لرحمته، فقصَّ اللهُ على محمَّدٍ خبرَهما» وخصوصُ السببِ لا يمنَعُ العمومَ في نظير ذلك السبب، وقول(2) عطاء ومجاهد: إنَّ المراد الكافرون والمؤمنون، يشمل الأقوالَ كلَّها، وينتظم فيه قِصَّةَ بدرٍ وغيرها.
          تم الجزء العاشر من كتاب: «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري».
          يليه الجزء الحادي عشر مبتدئًا بـ «سورة المؤمنين» من «كتاب تفسير القرآن»(3).


[1] في (ص): «يونس»، ولا يصح.
[2] في (ص): «قال».
[3] قوله: «تم الجزء العاشر من كتاب... من كتاب تفسير القرآن»، سقط من (د) و(س).