إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس

          4833- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدويِّ المدنيِّ، مولى عمر (عَنْ أَبِيهِ) أسلم المخضرَم المتوفَّى سنةَ ثمانين، وهو ابنُ أربع عشرة ومئة سنة(1) _زادَ البزَّار من طريق محمد بنِ خالدِ بنِ عَثْمة(2)، عن مالكٍ_ : سمعتُ عمر: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) هو سفرُ الحديبيةِ، كما في حديث ابنِ مسعود عند الطَّبرانيِّ(3)، وظاهر قوله: عن زيد بن أسلم(4)، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلعم ، الإرسالُ؛ لأنَّ أسلمَ لم يدرك هذه القصَّة، لكن قوله في أثناء هذا الحديث: فقال عمر: فحركتُ بعيري... إلى آخره يقضي بأنَّه سمعه من عمر، ويؤيِّده تصريح رواية البزَّار بذلك كما مرَّ، (وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ) ☺ (يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ‼) سقطَ «ابن الخطاب» لأبي ذرٍّ (عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) لاشتغاله بما كان من نزولِ الوحي (ثُمَّ سَأَلَهُ) عمر (فَلَمْ يُجِبْهُ) ╕ (ثُمَّ سَأَلَهُ فُلَمْ يُجِبْهُ) تكرير السُّؤال ثلاثًا يحتمل أنَّه خشيَ أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يكن سمعهُ(5) (فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْ) بفتح المثلثة وكسر الكاف، أي: فقدت (أُمُّ عُمَرَ) عمر، دعا على نفسه بسببِ ما وقع منه من الإلحاحِ. وقال ابنُ الأثيرِ: دعا على نفسه بالموتِ، والموت يعمُّ كلَّ أحدٍ، فإذن الدُّعاءُ كلا دعاء، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”ثكلتكَ أم عمرَ“ (نَزَرْتَ) بزاي مفتوحة مخفَّفة وتثقَّل فراء ساكنة (رَسُولَ اللهِ صلعم ) ألححتَ عليه وبالغتَ في السُّؤال (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ (عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ القُرْآنُ) بتشديد ياء «فيَّ» ولأبي ذرٍّ: ”قرآن“ بإسقاط آلة التَّعريف (فَمَا نَشِبْتُ) بفتح النون وكسر المعجمة وبعد الموحدة الساكنة فوقية، فما لبثت، وما تعلَّقتُ بشيءٍ (أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا) لم يسمَّ (يَصْرُخُ بِي / ، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ) أي: بعد أن ردَّ عليَّ السلام: (لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) لما فيها من البشارةِ بالمغفرةِ والفتحِ وغيرهما، واللَّام في لهي للتَّأكيد (ثُمَّ قَرَأَ) ╕ : ({إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}[الفتح:1]).
          وهذا الحديث أخرجه في «المغازي» [خ¦4177].


[1] قوله: «سنة»: ليس في (ب) و(د).
[2] في (د): «عثمان».
[3] في (د): «عن الطبري».
[4] قوله: «عن زيد بن أسلم»: ليس في (د).
[5] في (ص): «يسمعه».