إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لم أنس ولم تقصر

          6051- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) بن الحارث بنِ سَخْبرة الحوضيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) التُّستَريُّ أبو سعيد قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هو: ابنُ سيرين (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ، أنَّه(1) (قَاْلَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلعم ) أي: أمَّنَا، وفي رواية: ”لنا“ باللام بدل الموحدة (الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ) وكانت جذعًا من نخل (فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، وَوَضَعَ يَدَهُ) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”يديه“ (عَلَيْهَا، وَفِي القَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) ☻ (فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ) في سبب تسليمه من الرَّكعتين، وروي: ”فهاباه“ بإثبات المفعول وحذفه، فإنَّ «يُكلِّماه» بدل من ضميرِ المفعول في «هاباه»، و«أن» هي المصدريَّة النَّاصبة وعلامة النَّصب / في يكلِّماه حذف النُّون، والجملة كلُّها في الحقيقةِ مفسِّرة لمعنى قولهِ: وفي القوم أبو بكر وعمر؛ لأنَّه لو لم يقل: فهاباه لقيل: فما منعهما، وهما أقربُ من غيرهما، وأدلَّ عليه صلعم (وَخَرَجَ) بلفظ الماضي، وللحَمُّويي والمُستملي: ”ويخرج“ (سَرَعَانُ النَّاسِ) بفتح السين المهملة والراء أوائلهم، جمع: سريع، وحكى المنذريُّ: تجويز كسر السين وسكون الراء عن بعضهم، وحكى ابنُ سيدَه عن ثعلب: أنَّه إذا كان السَّرعان وصفًا في النَّاس فالتَّحريك أفصحُ من التَّسكين (فَقَالُوا: قَـُصُـِرَتِ الصَّلَاةُ) بفتح القاف وضم الصاد المهملة مبنيًّا للفاعل، وبضم القاف وكسر الصاد للمفعول، أي: قال بعضُهم لبعض لمَّا رأوا من فعله صلعم ، وأداة الاستفهام مقدَّرة (وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ) اسمه الخِرْبَاق بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة فألف فقاف (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَدْعُوهُ ذَا اليَدَيْنِ) لطولهمَا (فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَنَسِيتَ) الرَّكعتين (أَمْ قَـُصُـِرَتْ؟) بفتح القاف وضم الصاد للفاعل وللمفعول(2) أيضًا (فَقَالَ) ╕ : (لَمْ أَنْسَ) في ظنِّي (وَلَمْ تُـَقْصُـَرْ) بفتح أوله وضمِّ ثالثه، أو مبنيًّا للمفعول، وأمْ حرف عطفٍ‼ متَّصلة؛ لأنَّها جاءت على شرطها من تقدُّم الاستفهام والسُّؤال بأي، والجواب بأحد الشَّيئين المستَفْهم عنهما أو الأشياء، وجملة «لم أنْسَ ولم تقصر» محكيَّة بالقول، وجزم «أَنْسَ» بحذف الألف وتقصر بالسكون، ولمَّا كانت «أم» هنا هي المتَّصلة لم يحسُنْ في الجواب لا أو نعم (قَالُوا: بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ) لأنَّه لَمَّا نفى الأمرين وكان قد تقرَّر عندهم أنَّ السَّهو غير جائزٍ في الأمور البلاغيَّة جزموا بوقوعِ النِّسيانِ لا القصر، وقوله: بلْ، بسكون اللام (قَالَ: صَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) بانيًا على ما سبقَ بعد أن تذكَّر أنَّه لم يُتمَّها إذ لم يَطُلِ الفصل (ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ) للسَّهو سجودًا (مِثْلَ سُجُودِهِ، أَوْ أَطْوَلَ) منه بالشَّكِّ من الرَّاوي (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) من السُّجود (وَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ) رأسه فكبَّر، فسجدَ سجودًا (مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ) منه (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) من السُّجود (وَكَبَّرَ).
          ومطابقةُ الحديث للترجمة في قولهِ: «يدعوه ذا اليدينِ» لأنَّه إنَّما كان يُعرفُ(3) بذلك.
          والحديث سبق في «الصَّلاة» [خ¦482].


[1] قوله: «أنه»: ليس في (د).
[2] في (د): «والمفعول».
[3] في (د) و(ع): «لكونه معروفًا».