إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث في تفسير: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}

          6613- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) بضم الحاء المهملة وفتح الميم، عبد الله بن الزُّبير قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة قال: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) بفتح العين، ابن دينار (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاس (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) أنَّه قال في تفسير قولهِ تعالى: ({وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ}[الإسراء:60] قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم ) بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة (لَيْلَةَ‼ أُسْرِيَ بِهِ) أي: في طريقه (إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ) هذا من البخاريِّ، كما في «اليونينيَّة» وغيرها(1) كمَا عندَ سعيدِ بن منصورٍ (قَالَ) ابن عبَّاس: ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ}[الإسراء:60] قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ).
          فإن قلتَ: ليس في القرآنِ ذكرُ لعن شجرةِ الزَّقوم.
          أُجيب بأنَّ المعنى والشَّجرة الملعون آكلوها وهم الكفرةُ؛ لأنَّه قال: {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الصافات:66] فوُصِفتْ بلعن أهلِها على المجازِ، ولأنَّ العربَ تقول لكلِّ طعامٍ مكروهٍ وضارٍّ ملعون، ولأنَّ اللَّعن هو الإبعادُ من الرَّحمة، وهي في أصل الجحيمِ، وفي أبعد مكانٍ من الرَّحمة.
          ومطابقة الحديث لِمَا تُرجم له خفيَّة، لكن قال السَّفاقِسيُّ: وجه دخول هذا الحديثِ في «كتاب القدرِ»(2) الإشارة إلى أنَّ الله قدَّر على المشركين التَّكذيب لرؤيا نبيِّه الصَّادق، فكان ذلك زيادةً في طُغيانهم حيث قالوا: كيف يسيرُ إلى بيت المقدسِ في ليلةٍ واحدةٍ، ثمَّ يرجعُ فيها، وكذلك جعلَ الشَّجرة الملعونة زيادةً في طُغيانهم حيث قالوا(3): كيف يكون في النَّار شجرة والنار تحرق الشَّجر؟ والجواب عن شبهتِهم: أنَّ الله خلقَ الشَّجرة المذكورة من جوهرٍ لا تأكلُه النَّار كخَزَنَتِها وحيَّاتِها وعقارِبها، وأحوالُ الآخرةِ لا تقاسُ بأحوال الدُّنيا.
          والحديث مرَّ(4) في «تفسير سورة الإسراء» [خ¦4716]، وأخرجه التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «التَّفسير».


[1] «هذا من البخاريِّ كما في اليونينية وغيرها»: ليست في (ص) و(د).
[2] «في كتاب القدر»: ليست في (د).
[3] قوله: «كيف يسير... حيث قالوا»: ليس في (د).
[4] في (د): «لما مرّ».