224- عن أبي الزُّبير عن جابر قال: «بعثنا رسول الله صلعم وأمَّر علينا أبا عُبيدةَ نتلقَّى عِيراً(1) لقريش، وزوَّدَنا جِراباً من تمرٍ لم يجد لنا غيرَه، فكان أبو عبيدةَ يعطينا تمرةً تمرةً، قال: فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نَمَصُّها كما يَمَصُّ الصَّبيُّ، ثمَّ نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومَنا إلى اللَّيل، وكنَّا نضرب بعِصيِّنا الخَبَط(2)، ثمَّ نَبُلُّه بالماء فنأكلُه.
قال: وانطلقنا على ساحلِ البحر، فرُفِعَ لنا على ساحل البحر كهيئة الكَثيب الضَّخم، فأتيناه فإذا هي دابَّةٌ تُدعى العَنبر، قال: فقال أبو عبيدةَ: مَيتةٌ! ثمَّ قال: لا؛ بل نحن رُسُل رسول الله صلعم وفي سبيل الله، وقد اضطررتم فكلوا.
قال: فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثُ مئةٍ حتَّى سَمِنَّا، ولقد رأيتُنا نغترِف من وَقْب عينيه(3) بالقِلال الدُّهنَ، ونقتطع منه الفِدَر(4) كالثَّور _أو كَقَدْرِ(5) الثور_ فلقد أخذ منَّا أبو عبيدةَ ثلاثةَ عشرَ رجلاً فأقعدهم في وَقْب عينه، وأخذ ضِلَعاً من أضلاعه / فأقامها، ثمَّ (6) رَحَلَ أعظم بعيرٍ معنا فمرَّ من تحتها، وتزوَّدنا من لحمه وشائقَ(7)، فلمَّا قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلعم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزقٌ أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيءٌ فتطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلعم منه فأكله». [خ¦4361]
قوله: «نحن رسل رسول الله صلعم» هو مسند أبي عبيدةَ من هذا الحديث، وإلا فهو من مسند جابر، ويقال: انفرد بهذه الزِّيادة من قول أبي عبيدة أبو الزُّبير وسائرُ الرُّواة عن جابر لا يذكرونها، وليس لأبي عبيدةَ بن الجرَّاح في «الصَّحيحين» غيرُ هذا الفصل من هذا الحديث.
آخر ما في «الصَّحيحين» عن العشرة رضوان الله عليهم أجمعين(8). / / /
[1] العِير: الإبل التي تحمل المِيْرَة.
[2] الخَبْط: ضرْبُ الشجر بعصاً ليسقط ورقها فإذا سقط فهو خَبَطٌ.
[3] وَقْبُ العين: ما تقعَّر منها والوقْب كالنُّقرة في الشيء أو الحفرة.(ابن الصلاح) نحوه.
[4] الفِدْرة: القطعة من اللحم وجمعها فِدَر.(ابن الصلاح).
[5] في (ابن الصلاح): (كَفِدَر الثور) وبيّن أنها نسخة (سع)، وفي هامشها (ص: كقَدْرِ) وهي موافقة لـــ(أبي شجاع) ونسختنا من رواية مسلم.
[6] زاد في (أبي شجاع): (جاء)، ولعله من سهو الناسخ.
[7] الوَشَائق: ما قطع من اللحم ليُقدَّد، الواحدة وشيقةٌ.(ابن الصلاح).
[8] في هامش (أبي شجاع): (آخر الجزء السادس من خط الحميدي).