الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ائذن له وبشره بالجنة

          465- الأربعون: عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ عن أبي موسى الأشعريِّ أنَّه أخبَره: «أنَّه توضَّأَ في بيتِه ثمَّ خرَج فقال: لَألزمَنَّ رسولَ الله صلعم ولَأكوننَّ معه يومِي هذا، قال: فجاءَ المسجدَ، فسأَلَ عن النَّبيِّ صلعم، فقالوا: خرَج، وَجَّهَ(1) ههنا، قال: فخرجْتُ على إِثْرِه أسْألُ عنه حتَّى دخَل بئْرَ أَريسٍ، قال: فجلسْتُ عند البابِ وبابُها من جريدٍ حتَّى قضى رسولُ الله صلعم حاجتَه وتوضَّأَ، فقمتُ إليه، فإذا هو قد جلَس على بئرِ أريسٍ، وتوسَّطَ قُفَّها(2)، وكشَفَ عن ساقَيهِ ودلَّاهُما في البئرِ، قال: فسلَّمتُ عليه، ثمَّ انصرفتُ فجلَستُ عند البابِ، فقلتُ: لأكوننَّ بوَّابَ رسولِ الله صلعم اليومَ، فجاء أبو بكرٍ فدفَع البابَ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقال: أبو بكرٍ، فقلتُ: على رِسْلِكَ، قال: ثمَّ ذهبتُ فقلتُ: يا رسولَ الله، هذا أبو بكرٍ يستأذِنُ، فقال: ائذَنْ له وبَشِّرهُ بالجنَّةِ. قال: فأقْبَلتُ حتَّى قلتُ لأبي بكرٍ: ادخُلْ، ورسولُ الله صلعم يُبَشِّرُكَ بالجنَّةِ، قال: فدخَلَ أبو بكرٍ فجلَس عن يمين رسولِ الله صلعم معه في القُفِّ، ودلَّى رجلَيْهِ في البئر كما صنَع النَّبيُّ صلعم، وكشَفَ عن ساقَيْهِ، ثمَّ رجَعْتُ فجلَسْتُ وقد تركتُ أخي يتوضَّأُ ويَلحَقُني، فقلتُ: إن يُردِ الله بفلانٍ _يريدُ أخاه_ خيراً يأتِ به، فإذا إنسانٌ يحرِّك البابَ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقال: عمرُ بنُ الخطَّابِ، فقلتُ: على رِسْلِكَ، ثمَّ جئتُ إلى رسول الله صلعم فسلَّمتُ عليه وقلتُ: هذا عمرُ يستأذِنُ، فقال: ائذَنْ لهُ وبَشِّرْهُ بالجنَّة. فجئتُ عمرَ فقلتُ: أَذِنَ، ادخُلْ، ويُبَشِّرُكَ رسولُ الله صلعم(3) بالجنَّةِ، قال: فدخَلَ فجلَسَ مع / رسولِ الله صلعم في القُفِّ عن يسارِه، ودلَّى رجلَيهِ في البئرِ، ثمَّ رجَعتُ فجلَستُ، فقلتُ: إن يردِ اللهُ بفلانٍ خيراً _يعني أخاه_ يأتِ بهِ، فجاءَ إنسانٌ فحرَّك البابَ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقال: عثمانُ بنُ عفَّانَ، فقلتُ: على رِسْلِكَ، قال: وجئتُ النَّبيَّ صلعم فأخبرتُه، فقال: ائذَنْ له وبَشِّرْهُ بالجنَّة مع بَلوى تُصيبُهُ.
          قال: فجِئتُ فقلتُ: ادخُلْ، ويُبَشِّرُكَ رسولُ الله صلعم بالجنَّة مع بَلوى تُصيبُكَ، قال: فدخَلَ فوجَدَ القُفَّ قد مُلِئَ، فجلَسَ وُِجاهَهم منَ الشِّقِّ الآخَرِ».
          قال سعيدُ بنُ المسيَّبِ: فأوَّلْتُ ذلك قبورَهم، اجتمع(4) ههنا، وانفردَ عثمانُ، ♥. [خ¦3674]
          وأخرَجاه جميعاً من روايةِ أبي عثمانَ النَّهديِّ عن أبي موسى بمعناهُ مختصراً: «كنتُ مع النَّبيِّ صلعم في حائطٍ مِن حِيطانِ المدينةِ، فجاء رجلٌ فاستَفتَح...»، وفي بعض طرقِه: «أنَّ رسولَ الله صلعم دخَل حائطاً وأمرَني بحِفظِ البابِ، فجاء رجلٌ...» الحديثَ، وفيه «أنَّ عثمانَ حين بَشَّرَهُ قال: اللَّهمَّ صَبْراً، واللهُ المستعانُ». [خ¦3693]
          وفي رواية يوسف بنِ موسى: فحمِدَ اللهَ ثمَّ قال: اللهُ المستعانُ. [خ¦3693]


[1] وجّه: أي: توجّه.هامش (ابن الصلاح).
[2] القُفُّ: ما ارتفع من متن الأرض، وهو في حديث أبي موسى مكانٌ مبنيٌ مرتفعٌ حول البئر كالدَّكَّة، تُمكِّن الجالسَ عليها من الجلوس.(ابن الصلاح) نحوه.
[3] سقط قوله: (رسولُ الله صلعم) من (ابن الصلاح).
[4] هكذا في الأصلين، واستشكلها في (ابن الصلاح)، وهي في نسخنا من الصحيحين: (اجتمعت).