مصابيح الجامع الصحيح

النمل

           ░░░27▒▒▒ (سورة النمل)
          فائدة: نملة سيدنا سليمان ◙ اسمها _قال السهيلي في «التعريف»_: حرميا، انتهى، وفي حفظي عن ابن ماكولا: طاخية، ذكر ذلك عن الدارقطني عن الضحاك ابن مزاحم، ورأيت في «تاريخ ابن كثير» اسمها جرش، والوادي: بالطائف، وقال غيره: بالشام، وفي «تفسير ابن عبد السلام» العلامة: اسمها نملة عرجاء، تسمى منذرة، وكان لها جناحان، وقيل: كانت على مثال الذباب، جاءت الريح بقولها، وقيل: فهم كلامها من ثلاثة أميال.
          وعن قتادة أنه دخل الكوفة، فأجتمع عليه الناس، فقال: سلوا عما شئتم، وكان أبو حنيفة حاضرًا، فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرًا أم أنثى؟ فسألوه، فألجم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى، فقيل له: كيف عرفت ذلك، فقال: من قوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} [النمل:18]، ولو كان / ذكرًا لقال: قال؛ لأن النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى.
          يروى أن سليمان ◙ قال لها: لمَ قلتِ للنمل ادخلوا مساكنكم أخفتِ عليها ظلمًا مني؟ قالت: لا، ولكني خشيت أن يفتتنوا يما يروه من جمالك وزينتك، فيشغلهم ذلك عن طاعة ربهمو وروي أنها أهدت له نبتة، فوضعتها في كفه، وقالت:
ألم ترنا نهدي إلى الله ماله                     وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
ولو كان يهدى للجليل بقدره                     لقصر عنه البحر حين يساجله
ولكننا نهدي إلى من نحبه                     فيرضى به عنا ويشكر فاعله
وما ذاك إلا من كريم فعاله                     وإلا فما في ملكنا ما يشاكله
          فقال سليمان ◙: بارك الله فيكم، فهم بتلك الدعوة أشكر خلق الله، وأكثر خلق الله.
          قوله: ({الصرح} [النمل:44] كل ملاط اتخذ من القوارير): هو بكسر الميم في أصلنا، الكرماني: هو الطين الذي يجعل بين ساقي البناء، و(حسن الصنعة) مبتدأ خبره محذوف؛ أي: له، انتهى.
          أقول: بخط الدمياطي: بالباء، وذكره ابن التين بالميم، وقد اختلف فيه فقيل: إنه الصخر، وقيل: كل بناء عال مرتفع، ابن فارس: هو البيت الواحد الممرد الطويل في السماء، فالبخاري مال إلى هذا التفسير، ولابن السكن والأصيلي بالباء، ولغيرهما بالميم.
          قوله: ({ولها عرش} [النمل:23] سرير كريم، حسن الصنعة، وغلاء الثمن) العرش كان مرصعًا بالجواهر، وعليه سبعة أثواب، وقوله: (كريم): كذا في أصلنا الشامي، والتلاوة عظيم، وإنما فسره البخاري بهذا لئلا يعتقد السعة والكبر، وفي «شرح ابن الملقن» {ولها عرش عظيم}: سرير كريم.
          قوله: (يقوله سليمان): غرضه أن {وأوتينا العلم} ليس تتمة قولها فيما قال تعالى: {قالت كأنه هو وأوتينا العلم} [النمل:42]