المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: لما صلى الناس الصبح اجتمع أولئك الرهط عند المنبر

          2093- قال البخاريُّ: وحدثنا آدم: حدَّثنا شعبة: حدَّثنا أبو حمزة قال: سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال: سمعت عمر. [خ¦3162]
          2094- قال البخاريُّ: وحدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء: حدَّثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري: أن حميد بن عبد الرحمن أخبره: أن المسور بن مخرمة أخبره: أن الرهط الذين ولَّاهم عمر اجتمعوا. [خ¦7207]
          2095- قال البخاريُّ: حدثنا أحمد ابن يونس: حدَّثنا أبو بكر عن حصين. [خ¦4888]
          (ح): وحدثنا موسى بن إسماعيل: حدَّثنا أبو عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف، فقال: كيف فعلتما؟ أتخافا(1) أن تكونا / قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرًا هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل، قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، قال: قالا: لا، فقال عمر: لئن سلمني الله عزَّ وجلَّ؛ لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن(2) إلى رجل بعدي أبدًا، قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب.
          قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين؛ قال: استَوُوا حتى إذا لم ير فيهم(3) خللًا؛ تقدم فكبر، وربما قرأ بسورة(4) يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، فطار العلج بسكين ذاتِ طرفين لا يمر على أحد يمينًا ولا شمالًا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلًا، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين؛ طرح(5) بُرنسًا، فلما ظن العلج أنه مأخوذٌ؛ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر؛ فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله! سبحان الله! فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يا بن عباس؛ انظر من قتلني، فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة بن شعبة. قال: الصَّنْع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله؛ لقد أمرت به معروفًا، فقال: الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي على يد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر(6) العلوج بالمدينة _وكان العباس(7) أكثرهم رقيقًا_ فقال: إن شئت فعلتُ؛ أي(8) : إن شئت قتلنا، قال كذبت؛ بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم، فاحتُمِل إلى بيته فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأُتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه، فعرفوا أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله تبارك وتعالى لك من صحبة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم الشهادة، قال(9) : وددت أن ذلك كفافًا لا علي ولا لي، فلما أدبر؛ إذا إزاره يمر الأرض، قال: ردوا علي الغلام، فقال: ابن أخي؛ ارفع ثوبك، فإنه أنقى(10) لثوبك وأتقى لربك.
          يا عبد الله بن عمر؛ انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفًا أو نحوه، قال: إن وفى مال [آل] عمر؛ فأده من أموالهم، وإلا فاسأل(11) في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم؛ فاسأل(12) في قريش ولا تَعْدُهُم إلى غيرهم، فأدِّ عني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفنَ مع صاحبيه، فقالت: كنتُ أريده لنفسي، ولأوثرنه(13) به اليوم على نفسي، فلما أقبل؛ قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، قد(14) أَذِنَتْ، قال: الحمد لله ما كان شيئًا(15) أهمُّ إلي من ذلك، فإذا أنا قبضتُ؛ فاحملوني، ثم سَلِّمْ، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي؛ فأدخلوني، وإن ردَّتني؛ فردوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها / ، فلما رأيناها؛ قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلًا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أحدٌ(16) أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، فسمى عليًّا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء _كهيئة التعزية له_ فإن أصابت الإمارة(17) سعدًا؛ فهو ذلك(18)، وإلا فليستعن به أيكم ما أُمِّر، فإني لم أعزله من(19) عجز ولا خيانة، وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين؛ أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا، {الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ} [الحشر:10].
          زاد حصين عن عمرو: من قبل أن يهاجر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
          أن يُقبَلَ من محسنهم، وأن يُعفَى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا؛ فإنهم رِدء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وألا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام؛ أن يؤخذ من حواشي أموالهم وتُرَدَّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
          زاد ابن قدامة: سمعت عمر بن الخطاب قال: أوصيكم بذمة الله؛ فإنه ذمة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم(20) ورزق عيالكم.
          قال ابن ميمون: فلما قبض؛ خرجنا به فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبَيه(21)، فلما فُرِغ من دفنه؛ اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، قال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال له عبد الرحمن: أيكما تبرَّأَ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام؛ لينظرن أفضلهم في نفسه، فأُسْكِتَ الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي؟ والله علي أني لأُوَلِّي(22) أفضلكم، قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك(23) قرابة من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمَّرتك؛ لتعدلن، ولئن أمَّرت عثمان؛ لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له: مثل ذلك.
          وقال المسور: فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم؛ فمال الناس على عبد الرحمن حتى ما أرى أحدًا من الناس يتبع أولئك الرهط، ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان، قال المسور: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائمًا! فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث(24) بكبير نوم، انطلق فادع لي عليًّا، فدعوته فناجاه حتى ابهارَّ الليل، ثم قام علي من عنده وهو على طَمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى من عليٍّ شيئًا، ثم قال: ادعُ لي عثمان، [فدعوته] فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى الناس(25) الصبح؛ اجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضرًا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد / وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا؛ تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد؛ يا علي؛ إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنَّ إلى نفسك سبيلًا.
          قال المسور وعمرو: فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه فبايع له علي وولج. [خ¦3700]
          قال عمرو: فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس المهاجرون [والأنصار] وأمراء الأجناد والمسلمون.
          وخرَّجه في باب كيف يبايع الإمام، وفي باب الوصاة وأهل الذمة، وفي باب يقاتل من وراء أهل الذمة ولا يُسْتَرقون، وفي باب الاعتصام بالكتاب والسنة مختصرًا، وفي تفسير سورة الحشر، باب قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر:10]، وفي «الجنائز». [خ¦7207] [خ¦3162] [خ¦3052] [خ¦4888] [خ¦1392]


[1] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (أتخافان).
[2] في الأصل: (يحتجبن)، ولعله تحريف.
[3] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (فيهنَّ).
[4] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (سورة).
[5] زيد في «اليونينية»: (عليه).
[6] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (تكثر).
[7] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، و(العباس): ليس في «اليونينية».
[8] في الأصل: (إني)، وهو تحريف.
[9] في الأصل: (فقد) بدل (قال)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[10] كذا في الأصل، وهي رواية الحموي والمستملي، وفي «اليونينية»: (أبقى).
[11] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فسل).
[12] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فسل).
[13] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ولأوثرن).
[14] كذا في الأصل، و(قد): ليس في «اليونينية».
[15] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (من شيءٍ)، وفي هامشها: (من) ليس في رواية أبي ذرٍّ.
[16] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ما أجد)، والمثبت موافق لنسخة في هامشها.
[17] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (الإمرة).
[18] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ذاك).
[19] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (عن).
[20] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ذمة نبيكم).
[21] في الأصل: (صواحبيه).
[22] في الأصل: (لأُوَلَّوا)، وفي «اليونينية»: (علي أن لا آلو عن).
[23] في الأصل: (ألك)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[24] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحموي والكشميهني، وفي «اليونينية»: (الليلة).
[25] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (للناس).