نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: اللهم إني أعوذ بك من العجز

          2823- (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) قال: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) هو: ابن سليمان التَّيمي البصري، / وأبوه سليمان بن طرخان البصري، مولى لبني مرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة (قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) سليمان المذكور (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم ) ويروى: <كان رسول الله صلعم > (يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ) وهو: ضدُّ القدرة.
          وقال ابن بطَّال: اختلف في معنى العجز؛ فأهل الكلام يجعلونه ما لا استطاعة لأحدٍ عليه؛ لأنَّها عندهم مع الفعل، وأمَّا الفقهاء فيقولون: إنَّه هو ما لا يستطيع أن يعمله إذا أراد فإنَّهم يقولون: إنَّ الحج ليس على الفور، ولو كان على المهلة عند أهل الكلام لم يصحَّ معناه؛ لأنَّ الاستطاعة لا تكون إلَّا مع الفعل، والذين يقولون بالمهلة يجعلون الاستطاعة قبل الفعل (وَالْكَسَلِ) وهو: ضعف الهمَّة وإيثار الرَّاحة للبدن على التَّعب، وإنَّما استعيذ منه؛ لأنَّه يبعِّد عن الأفعال الصَّالحة.
          وقال الحافظ العسقلاني: والفرق بين العجز والكسل أنَّ الكسل ترك الشَّيء مع القدرة، والعجز عدم القدرة، وهو أقرب إلى الفهم.
          (وَالْجُبْنِ) قد مرَّ آنفاً [خ¦2821] ما يتعلَّق به (وَالْهَرَمِ) قال الكرماني: الهرم ضدُّ الشَّباب، وفي «المغرب»: الهرم كبر السِّن الذي يؤدِّي إلى تماوت الأعضاء وتساقط القوى، وإنَّما استعيذ منه لكونه من الأدواء (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) مصدران ميميان بمعنى: الحياة والموت، وفتنة المحيا: أن يُفتتن بالدُّنيا ويشتغل بها عن الآخرة، وفتنة الممات: أن يخافَ عليه من سوء الخاتمة عند الموت (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) ممَّا يعرض له عند مسألة الملكين ومشاهدة أعماله السَّيئة في أقبحِ الصُّور، أعاذنا الله تعالى من جميع ذلك، بحرمة نبيه ╕.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: ((والجبن))، والحديث أخرجه المؤلِّف في الدعوات [خ¦6367] أيضاً، وأخرجه مسلم في الدَّعوات، وأبو داود في الصلاة، والنَّسائي في الاستعاذة.