الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة.

          4285- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): أي: التَّبوذكيُّ، قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) أي: (ابْنُ سَعْدٍ): أي: العوفيُّ، قال: (أَخْبَرَني ابْنُ شِهَابٍ): أي: الزُّهريُّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): بفتحات؛ أي: ابن عبد الرحمن.
          (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم حِينَ أَرَادَ أَنْ يَغْزُو حُنَيْناً): بالحاء المهملة ونونين مصغَّر، وفي أكثر الأصُولِ: <حين أرادَ حُنيناً> / ؛ أي: غزوتها عقبَ فتحِ مكَّة (مَنْزِلُنَا غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ): قال في ((الفتح)): وتقدَّمَ في باب: نزولِ النَّبيِّ ◙ بمكَّةَ من كتاب الحجِّ، من روايةِ شعيبٍ عن الزُّهريِّ بلفظ: حين أرادَ قدوم مكَّةَ، ولا مغايرةَ بين الرِّوايتينِ بطريق الجمعِ، لكن ذكرَ هناك أيضاً من روايةِ الأوزاعيِّ عن الزُّهريِّ بلفظِ: قال وهو بمنَى: ((نحن نازلون غداً بخيفِ بني كنانَةَ)).
          وهذا يدلُّ على أنَّه قال ذلك في حجَّتِهِ، لا في غزوةِ الفتحِ، فهو شبِيهٌ بالحديثِ الذي قبلَهُ في الاختلافِ في ذلك، ويحتملُ التعدُّدَ، وقال: قيل: إنَّما اختارَ النَّبيُّ ◙ النُّزُولَ في ذلك الموضعِ ليتذكَّرَ ما كانوا فيه، فيشكُرَ الله تعالى على ما أنعمَ به عليه من الفتحِ العظِيمِ وتمكُّنِهم من دخولِ مكَّة ظاهراً على رَغْمِ من سعى في إخراجِهِ منها، ومبالغةً في الصَّفحِ عن الذين أساؤوا، ومقابلتهم بالمنِّ والإحسانِ، ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاءُ.