مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا بقي في حثالة من الناس

          ░13▒ بابٌ إذا بقي في حثالة من الناس
          فيه حديث حذيفة برسول الله حديثين رأيت أحدهما الحديث بطوله، وسلف في الرقاق سنداً ومتناً سواء، وهو من أعلام نبوته؛ لأن فيه الإخبار عن فساد أديان الناس وقلة أمانتهم في آخر الزمان، ولا سبيل إلى معرفة ذلك قبل كونه إلا من طريق الوحي، وهذا كقوله ◙: ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ)).
          وروى ابن وهب، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمر مولى المطلب، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم لعبد الله بن عمرو: ((كيف بك يا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم واختلفوا فصاروا هكذا؟)) وشبك بين أصابعه، قال: قلت: يا رسول الله، فما تأمرني؟ قال: ((عليك بخاصتك ودع عنك عوامهم)).
          ومن هذا الحديث ترجم (خ) الباب والله أعلم وأدخل معناه في حديث حذيفة، ولم يذكر الحديث بنص الترجمة؛ لأنه لم يخرج عن العلاء في كتابه شيئاً، وقد سبق التنبيه هناك أيضاً.
          قوله: (ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة) يعني: الصحابة.
          قوله: (وحدثنا عن رفعها) فقال: أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة.
          قوله: (ما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً) يذكر أنه بقي الخير في بعض الناس، وهو دال أن الخير يتلاشى شيئاً شيئاً.
          قوله: (ما أظرفه) أي: ما أذكى قلبه.
          ومات حذيفة بعد عثمان بأشهر سنة ست وثلاثين.