شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل رباط يوم في سبيل الله

          ░73▒ باب: فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللهِ.
          وَقَوْلِ اللهِ تعالى: {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ}الآية[آل عِمْرَان:200]
          فيه: سَهْلٌ: قَالَ ◙: (رِبَاطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) الحديث. [خ¦2892]
          قال المُهَلَّب: إنَّما صار رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ(1) من الدُّنيا وما فيها؛ لأنَّه عملٌ يؤدِّي إلى الجنَّة، وصار موضع سوطٍ في الجنَّة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها من أجل أنَّ الدُّنيا فانيةٌ وكلُّ شيءٍ في الجنَّة وإن صغر في التَّمثيل لنا _وليس فيها صغيرٌ_ فهو أدوم وأبقى من الدُّنيا الفانية المنقطعة / فكان الدَّائم الباقي خيرًا من المنقطع.
          وقوله تعالى: {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ}[آل عِمْرَان:200]اختلف فيها أهل التَّأويل فقال زيدٌ: اصبروا على الجهاد، وصابروا العدوَّ، ورابطوا الخيل على العدوِّ. وعن الحسن وقَتادة: اصبروا على طاعة الله، وصابروا أعداء الله، ورابطوا في سبيل الله. وعن الحسن أيضًا: اصبروا على المصائب، وصابروا على الصَّلوات الخمس.
          قال محمَّد بن كعبٍ: اصبروا على دينكم، وصابروا لوعدي الذي وعدتكم عليه، ورابطوا عدوِّي وعدوَّكم حتَّى يترك دينه لدينكم، واتَّقوا الله فيما بيني وبينكم لعلَّكم تفلحون غدًا إذا لقيتموني. وعن أبي(2) سلمة: رابطوا على الصَّلوات أي: انتظروها.


[1] كذا في (ص) والمطبوع هنا وفي الموضع بعده والجادة: ((خيرًا)).
[2] قوله: ((أبي)) ليس في (ص) والمثبت من المطبوع.