4072- حدَّثني أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حدَّثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى: حدَّثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عن سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ، عن جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قالَ:
خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيارِ، فَلَمَّا قَدِمْنا حِمْصَ، قالَ لِي عُبَيْدُ اللَّهِ (1): هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ، نَسْأَلُهُ عن قَتْلِ (2) حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَكانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنا: هو ذاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ. كَأَنَّهُ حَمِيتٌ (3). قالَ: فَجِئْنا حَتَّى وَقَفْنا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ (4)، فَسَلَّمْنا فَرَدَّ السَّلَامَ، قالَ: وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمامَتِهِ، ما يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. فقالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ قالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: لَا واللَّهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقالُ لَها: أُمُّ قِتالٍ (5) بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ (6) غُلَامًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ، فَناوَلْتُها إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إلى قَدَمَيْكَ. قالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عن وَجْهِهِ ثُمَّ قالَ: أَلَا تُخْبِرُنا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قالَ: نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيارِ بِبَدْرٍ، فقالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ. قالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عامَ عَيْنَيْنِ _وَعَيْنَيْنُِ جَبَلٌ بِحِيالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وادٍ_ خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إلى الْقِتالِ، فَلَمَّا (7) اصْطَفُّوا لِلْقِتالِ، خَرَجَ سِباعٌ فَقالَ: هَلْ مِنْ مُبارِزٍ. قالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقالَ: يا سِباعُ، يا ابْنَ أُمِّ أَنْمارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، أَتُحادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (8) ؟! قالَ: ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قالَ: وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُها فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قالَ: فَكانَ ذاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ
/
رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشا فيها الإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إلى الطَّائفِ، فَأَرْسَلُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا (9)، فَقِيلَ (10) لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ (11) الرُّسُلَ. قالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ على رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآنِي قالَ: «آنْتَ وَحْشِيٌّ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: «أَنْتَ (12) قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟» قُلْتُ: قَدْ كانَ مِنَ الأَمْرِ ما بَلَغَكَ. قالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي؟». قالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، قُلْتُ: لأَخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ، لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكافِئَ بِهِ حَمْزَةَ. قالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكانَ مِنْ أَمْرِهِ ما كانَ، قالَ: فَإِذا رَجُلٌ قائِمٌ فِي ثَلْمَةِ (13) جِدارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثائرُ الرَّأسِ، قالَ: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُها (14) بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ على هامَتِهِ. قالَ: قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ: فَأخبَرَني سُلَيْمانُ بْنُ يَسارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: فقالتْ جارِيَةٌ على ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ (15) الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ.