4230- 4231- 4232- حدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حدَّثنا أَبُو أُسامَةَ: حدَّثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عن أَبِي بُرْدَةَ:
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: بَلَغَنا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنا مُهاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنا وَأَخَوانِ لِي أَنا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُما أَبُو بُرْدَةَ والآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قالَ: بِضْعٌ (1)، وَإِمَّا قالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي (2)، فَرَكِبْنا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنا سَفِينَتُنا إلى النَّجاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوافَقْنا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طالِبٍ، فَأَقَمْنا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنا جَمِيعًا، فَوافَقْنا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكانَ أُناسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنا _يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ_: سَبَقْناكُمْ بِالْهِجْرَةِ. وَدَخَلَتْ أَسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنا، على حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائِرَةً، وَقَدْ كانَتْ هاجَرَتْ إلى النَّجاشِيِّ فِيمَنْ هاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ على حَفْصَةَ، وَأَسْماءُ عِنْدَها، فقالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْماءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قالَتْ: أَسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلبَحْرِيَّةُ (3) هَذِهِ؟ قالَتْ أَسْماءُ: نَعَمْ. قالَ: سَبَقْناكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقالَتْ: كَلَّا واللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دارِ _أَوْ: فِي أَرْضِ_ الْبُعَداءِ الْبُغَضاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ (4) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ، وايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرابًا، حَتَّى أَذْكُرَ ما قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ (5) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤذَى وَنُخافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، واللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا جاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَتْ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قالَ كَذا وَكَذا! قالَ: «فَما قُلْتِ لَهُ؟» قالَتْ: قُلْتُ لَهُ كَذا وَكَذا. قالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، لَهُ (6) وَلِأَصْحابِهِ هِجْرَةٌ واحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتانِ». قالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبا مُوسَى وَأَصْحابَ
/
السَّفِينَةِ يَأتُونِي (7) أَرْسالًا، يَسْأَلُونِي (8) عن هَذا الْحَدِيثِ، ما مِنَ الدُّنْيا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالَ أَبُو بُرْدَةَ: قالَتْ أَسْماءُ: فَلَقَدْ (9) رَأَيْتُ أَبا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذا الْحَدِيثَ مِنِّي. قالَ (10) أَبُو بُرْدَةَ، عن أَبِي مُوسَى: قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْواتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنازِلَهُمْ مِنْ أَصْواتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إذا لَقِيَ الْخَيْلَ _أَوْ قالَ: الْعَدُوَّ_ قالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحابِي يَأمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ (11) ».