4953- 4954- حدَّثنا يَحْيَى (1): حدَّثنا اللَّيْثُ، عن عُقَيْلٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ.
حدثني (2) سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ: أخبَرَنا أَبُو صَالِحٍ سَلْمُوَيْةُ (3): حدَّثني عَبْدُ اللَّهِ، عن يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، (4) أخبَرَني ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أخبَرَهُ:
أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَتْ: (5) أَوَّلُ ما بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ (6)، فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ _قالَ: وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ_ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا (7)، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وهو فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءهُ الْمَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ. فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنَا بِقَارِئ». قالَ: «فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ (8)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: ما أَنَا بِقَارِئ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ (9)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: ما أَنَا بِقَارِئ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ (10)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (11) } الآيَاتِ إلى قَوْلِهِ: { عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [آية: 1-5] ». فَرَجَعَ بها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ (12)، حَتَّى دَخَلَ على خَدِيجَةَ، فقالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي (13) ». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. قالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، ما لِي، لَقَدْ (14) خَشِيتُ على نَفْسِي». فَأخبَرَها الْخَبَرَ، قالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ على نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ
/
وهو ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي (15) أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ ما شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فقالتْ خَدِيجَةُ: يَا عَمِّ (16)، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. قالَ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأخبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ ما رَأَى. فقالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ على مُوسَى، لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا، ذَكَرَ حَرْفًا، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟». قالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ (17) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- قالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأخبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ (18):
أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (19) قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يُحَدِّثُ عن فَتْرَةِ الْوَحْيِ، قالَ فِي حَدِيثِهِ: «بَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي (20)، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، جَالِسٌ على كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَدَثَّرُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرِّجْزَ (21) فَاهْجُرْ } [المدثر: 1-5] _قالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَهيَ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ_ قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ.
/