هذا «البخاري» بعون الله قد ختما وليس فيه حديث واحد كتما
وقد قرأناه أبوابًا مبوَّبة مملوءة أدبًا موفورة(1) حِكما
وأضحت كل عين من بصائرنا للحق مبصرةً ليست تخاف عمى
هذا الكتاب الذي ما شاب قوَّتَه ضعفٌ وصِحَّتُه(2) ما تعرف السقما
هذا الكتاب الذي نرجو الشفاء به هذا الكتاب به نستدفع النقما
هذا الكتاب الذي فيه الدواء لنا هذا الكتاب الذي للداء قد حسما
من روضة / كان فيها الشيخ ألَّفه هبت لنا نسمه قد [أحيتِ] النسما
وقد قرعنا به الأسماع فانفتحت من بعد ما مُلئت من قبله(3) صمما
لا يستلذُّ به إلَّا الخبير(4) ولا يحلو مكرَّرُه إلَّا لمن فهما
كم قد كشفنا به من كربة عظُمت كم قد طردنا به من حادث(5) هجما
كأنَّ أسطره من عنبر رقمت كأنَّ ألفاظَه زهرٌ قد ابتسما
ما للبخاري نظيرٌ في جلالته [ومثله حافظ ما أمسك القلما]
[قد كان وهْو صغيرُ السِّنِّ مجتهدًا] وكان ذا هِمَّةٍ قد فاقتِ الهمما(6)
كأنَّما صدره بحرٌ يموجُ ذكا كأنَّما ذِهنُه غيثٌ قدِ انسجما
شرقًا وغربًا على حفظ الحديث سعى دهرًا ولا عربًا أبقى ولا عجما
فكلُّ حفاظ بغداد له اعترفوا لما زكى بالذكا محفوظه ونما
ومسلم قام أجلاه(7) وقبَّله ولم يدعه البخاري يلثم(8) القدما
هما الأمامان في(9) عِلمٍ ومعرفة كالبحر حين طمى والغيث حين هما
لو قيل: مَن فاق أهلَ الأرض قاطبةً في النقل والتقديم(10) والتحرير قيل: هما
اللهُ [يجزيهما] خيرًا بما فعلا(11) واللهُ(12) يجمعنا يوم اللقا بهما
يا سيدي يا رسول الله يا سندي يا مَن بحبي له أستوجب النعما
أنت الحبيب الذي طاب الحديث به أنت الذي تستقي من بحرك العلما
أنت الذي للعلا فوق البُراق رقى أنت الذي قد سما من فوق كلِّ سما
أنت الذي / لم يخب من أنت شافعه أنت الذي بك كلُّ الخلق(13) قد رحما
وأنتَ أفضل مَن صلى وصام ومَن سعى وطاف ومسَّ الركن واستلما
يا مَن صحابتُه نالوا بصحبتِه فضلًا وأمتُه قد فاقتِ الأمما
أنت الشفيعُ ونحن المذنبون وما في جمعنا مذنبٌ إلَّا وقد ندما
وقد ختمنا حديثًا أنت قائلُه يا مَن به ربُّه للرسل قد ختما
فاشفع لنا ولكل المسلمين فما شفعت في(14) مسلمٍ إلَّا وقد سَلِما
وأنتَ أكرمُ مَن يمشي على قدمٍ صلَّى عليك الذي أحيا بك(15) الأمما
والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
تمتْ بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، بمنه وكرمه، إنَّه أرحم الراحمين آمين
والحمد لله رب العالمين، آمين آمين آمين.
وكان الفراغ من نسخها نهار الجمعة، سابع عشرين مضى من رجب الفرد من شهور سنة ثلاث وستين وتسع مئة على يد كاتبها الفقير الحقير محمَّد بن التقي بن عقفان الحنبلي، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين. /
[1] في الأصل: (موقرة).
[2] في الأصل: (ما شاب صحته ضعف وقوته)، والمثبت موافق لما في «الحطة في ذكر الصحاح الستة».
[3] في الأصل: (قلبه).
[4] في الأصل: (لا تبلو به إلَّا الخير).
[5] في الأصل: (حارب).
[6] في الأصل: (الهمام).
[7] كذا في الأصل، وفي «الحطة»: (في عينيه).
[8] في الأصل: (يكتم).
[9] في الأصل: (هما الأمان باقي).
[10] في «الحطة»: (في العقل والنقل).
[11] في الأصل: (فعلوا).
[12] في الأصل: (وإليه).
[13] في الأصل: (لك كل مخلق).
[14] في الأصل: (بها).
[15] في الأصل: (به). وهذه القصيدة منسوبة مع بعض التحوير إلى علاء الدين ابن أيبك قالها عند ختم البخاري، واعتاد العلماء أن يختموا بها مجالس الختم من بعده.
