أبوابُ المواقيتِ
كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ
♫
قال شيخُنا: كذا للمُسْتَمْلي وبعدَه البَسملةُ، ولرفيقيه البسملةُ مقدَّمةٌ وبعدَها بابُ مواقيتِ الصَّلاة وفضلِها، وكذا في نسخة الصَّغَانيِّ، وكذا لكريمةَ لكن بلا بسملةٍ، وكذا للأَصِيلي لكن بلا باب. وقال العَيني: أي: هذا كتابٌ في بيان أحكامِ مَواقيت الصَّلاة.
ولما فرغَ من بيانِ الطّهارةِ بأنواعِها الَّتي هي شرطٌ، شرعَ في بيان الصَّلاة بأنواعِها الَّتي هيَ المشروطةُ، والشّرطُ مقدَّمٌ على المشروطِ، وقدَّمها على الزَّكاةِ والصَّوم وغيرهِما لما أنَّها تاليةٌ للإيمان وثانيتُه في الكتاب والسُّنَّة، ولشدَّةِ الاحتياج وعمومِه إلى تعلُّمِها لكثرةِ وقوعِها ودوَرانها بخلاف غيرها من العباداتِ.
وهي في اللُّغة: من تحريك الصَّلَوين، وهما العظمانِ الناتئانِ عند العَجِيزة، وقيلَ: من الدُّعاء، فإن كانت من الأوَّل تكون من الأسماء المغيَّرة شرعًا المقرَّرة لغةً، وإن كانت من الثَّاني تكون من الأسماء المنقولة، وفي الشَّرع عبارة عن الأركان المعلومة والأفعال المخصوصة.
والمواقيتُ جمع مِيقاتٍ على وزن مِفعال، وأصلُه مُوقات، قلبَت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها من: وَقَتَ الشيءَ يَقِتُه إذا بيَّن حدَّه، وكذا وقتُه وقتٌ مخصوص، وهو بيانُ مِقدارِ المدَّة، وكذلك التأقيتُ، وقال السَّفَاقُسي: الميقاتُ هوَ الوقتُ المضروبُ للفعل والموضِعُ، وفي «المنتهى»: كلُّ ما جُعل له حينٌ وغايةٌ فهو مُوَقَّتٌ، ووقَّتَه ليوم كذا، أي أجَّلَه، وفي «المحكَم»: وَقْتٌ موقوتٌ ومُوَقَّتٌ محدودٌ، وفي «نوادر الهَجريِّ»: قال القردِي: أيقتوا مَوْقتًا آتيكُم فيه.
ثم قال العَيني أيضًا: قولُه: (بَابُ مَوَاقِيْتِ الصَّلاة وفَضْلِهَا) أي: على رواية رفيقَيْ المُسْتَمْلي، من العادة المستمرَّة عند المصنِّفين أن يذكروا الأبوابَ والفصول(1) بعدَ لفظ الكتاب، فإِنَّ الكتبَ تشمَلُ الأبواب والفُصولَ، والبابُ هو النَّوع، وأصلُه البَوب، قُلِبت الواوُ ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلَها، ويجمع على أبوابٍ، وقد قالوا: أَبوِبةٌ، وإنّما جُمع أبوبةً للازدواج، ولو أفردَه لم يَجُز، ويقال: أبوابٌ مُبَوَّبة كما يقال: أصنافٌ مُصنَّفة، والبَابَةُ: الخَصْلةُ، والبَابَاتُ: الوُجوه، وقال ابن السِّكِّيت: البَابَةُ عند العرب الوَجْهُ.
قوله: ((وقَوْله: {إِنَّ الصَّلاة كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوْتًا}[النساء:103])) وَقَّتَه عليهم.
وقوله: مجرورٌ عطفًا على مواقيت الصَّلاة، أي: هذا بابٌ في بيانِ مَواقيت الصَّلاة وبيانِ قوله:{إِنَّ الصَّلاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء 103]، وفَسَّرَ {مَوْقُوْتًا} بقوله: (وَقَّتَه عليهم) أي: وقَّتَ اللهُ الكتابَ _أي: المكتوبَ الذي هو الصَّلاة_ عليهم، أي على المسلمين، وليسَ بإضمار قبلَ الذكر لوجود القرينة، ووَقَعَ في أكثر الرِّوايات: {مَوْقُوتًا} مُوَقّتًا وَقّته(2) عليهم، وليس في بعض النُّسخ لفظُ: ((مُوَقَّتًا)) يعني بالتشديد، واستشكل ابن التِّين تشديدَ القاف من (وَقَّتَه) وقال: المعروف في اللُّغة التَّخفيفُ. قال العَيني: ليس فيه إشكالٌ؛ لأنَّه جاء في اللُّغة: وَقَتَه بالتخفيف ووقَّتَه بالتشديد، فكأنَّه ما اطَّلع على ما(3) في «المحكم» وغيره، وقال شيخُنا / : والظَّاهر أنَّ المصنِّف أرادَ بقوله: (مُوَقَّتًا) بيانَ قوله: (مَوْقُوْتًا) من التوقيت، فقد جاء عن مجاهد في معنى قوله: {مَوْقُوْتًا} قال: مفروضًا، وعن غيره: محدودًا. انتهى.
قال العَيني: أراد بقوله: (مُوَقَّتًا) بيانَ قوله: {مَوْقُوْتًا} هذا كلامٌ واهٍ، وليس في لفظ (مَوْقُوْتًا) إبهامٌ حتَّى يبيِّنه بقوله: (مُوَقَّتًا). انتهى.
[1] قوله: «والفصول» زيادة من العمدة.
[2] قوله: «وقته» زيادة من العمدة.
[3] قوله: «على ما» زيادة من الفتح.