التوضيح لمبهمات الجامع الصحيح

حديث: أرب ماله تعبد الله ولا تشرك به شيئًا

          1396- قوله: (أنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلعم: أَخْبِرْنِي): هذا الرجل: هو سعد، قاله ابن الأثير، وقال ابن الملقن: وفي «الطبراني» من حديث المغيرة بن سعد بن الأخرم عن عمه أنه سأله، وقال ابن البُلقيني: هذا الرجل أو الأعرابي لعله عبد الله بن الأخرم، وقيل فيه: سعد بن الأخرم، وسعد بن الأخرم مختلف في صحبته، ثم قال: وفي «الطبراني» من حديث المغيرة بن سعد بن الأخرم عن عمه أنه سأل، ثم ذكر مستنده من «الأسد» في أنه عبد الله، ثم قال: وفي «الأسد» صخر بن القعقاع، فذكر قصة تشبه هذه، ثم قال: يحتمل أن يفسَّر به ما، تقدم، قال: ونُقل لي عن الصريفيني أنه روى الحديث من طريق أبي أيوب، وقال فيه: إن وافد بني المنتفق قال الحديث، فعلى هذا يكون الرجل لَقِيط بن عامر، ويقال: ابن صَبِرة، انتهى.
          وعن ابن السكن في «الصحابة»: هو ابن المنتفق رجل من قيس، قال: وغلط ابن قتيبة في «غريب الحديث» حيث جعل السائل أبا أيوب، وإنما هو الراوي عنه، انتهى.
          ورأيت في «مسند أحمد» من حديث المغيرة بن عبد الله اليشكري أن السائل: هو ابن المنتفق(1).


[1] زيد في هامش الأصل: (قوله: هذا الرجل حكى العلامة ابن حجر في «الفتح»: من الرجل ابن قتيبة في «غريب الحديث» له: أنه أبو أيوب الراوي، وغلّطه بعضهم في ذلك، فقال: إنَّما هو راوي الحديث، وفي التغليط نظر؛ إذ لا مانع أن يُبْهم الراوي نفسه لغرض له، ولا يقال: يبعد لوصفه في رواية أبي هريرة التي بعد هذه بكونه أعرابيًّا؛ لأنَّا نقول: لا مانع من تعدد القصة، فيكون السائل في حديث أبي أيوب هو نفسه، والسائل في حديث أبي هريرة أعرابي آخر قد سُمِّي فيما رواه البغوي، وابن السكن، والطبراني في «الكبير»، وأبو مسلم الكجي في «السنن» من طريق محمد بن جُحَادة وغيره عن المغيرة بن عبد الله اليشكري: أنَّ أباه حدثه قال: انطلقت إلى الكوفة فدخلت المسجد فإذا رجل من قيس يُقال له: ابن المنتفق، وهو يقول: وُصِف لي رسول الله صلعم فطلبته فلقيته بعرفات فتزاحمته عليه، فقيل لي: إليك عنه، فقال: دعوا الرجل أَرَب ما له، قال: فزاحمته عليه حتى خلصتُ إليه فأخذتُ بخطام راحلته، فقلت: شيئين أسألك عنهما ما ينجيني من النار، وما يدخلني الجنة؟ قال: فنظر إلى السماء، ثم أقبل عليَّ بوجهه، فقال: لئن كنت أوجزت المسألة لقد أعظمت وطولت: اعبد الله لا تشرك به شيئًا، وأقم الصلاة المكتوبة، وأد الزكاة المفروضة، وصم رمضان، وأخرجه البخاري في «التاريخ» من طريق يونس بن أبي إسحاق عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن أبيه قال: غدوتُ فإذا رجل يحدثهم، قال: وقال جرير عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن المغيرة بن عبد الله قال: سأل أعرابي النبي صلعم، ثم ذكر الاختلاف فيه عن الأعمش، وأن بعضهم قال فيه: عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه، والصواب: المغيرة بن عبد الله اليشكري، وزعم الصريفيني أن اسم ابن المنتفق هذا: لَقِيط بن صبرة وافد بني المنتفق، والله أعلم، وقد يؤخذ من هذه الرواية أن السائل في حديث أبي هريرة هو السائل في حديث أبي أيوب؛ لأن سياقه شبيه بالقصة التي ذكرها أبو هريرة، لكن قوله في هذه الرواية: «أَرَب ما له» في رواية أبي أيوب دون أبي هريرة، وكذا حديث أبي أيوب وقع عند مسلم من رواية عبد الله بن نمير عن عمرو بن عثمان بلفظ: أن أعرابيًّا عرض لرسول الله صلعم وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته، ثم قال: يا رسول الله؛ أخبرني...؛ فذكره، وهذا شبيه بقصة سؤال ابن المنتفق، وأيضًا فأبو أيوب لا يقول عن نفسه إن أعرابيًّا، والله أعلم، وقد وقع نحو هذا السؤال لصخر بن القعقاع الباهلي، ففي حديث الطبراني أيضًا من طريق قَزَعة بن سويد الباهلي حدثني أبي، حدثني خالي واسمه صخر بن القعقاع قال: لقيتُ النبي صلعم بين عرفة ومزدلفة، فأخذت بخطام ناقته، فقلت: يا رسول الله؛ ما يقربني من الجنة، ويباعدني من النار؟...؛ فذكر الحديث، وإسناده حسن).