النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

حديث: والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم

          3862- فيه قول سعيد بن زيد: وَلَوْ أنَّ أحَدًا ارْفَضَّ لِمَا صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَرفَضَّ.
          أي: لم يكن ارفضاضه، أي: انقلاعه من مكانه واندكاكه عجبًا؛ لأنَّه حقيق به.
          ففي الكلام إيجاز، حيث ذكر علَّة الجواب وجعلها دليلًا عليه؛ إذ ليس جواب (لو) هنا هو كون أُحد حقيقًا بأن يرفضَّ، ضرورة أنَّ شرط (لو) هو أنَّه ارفضَّ فلا يكون جوابُها أنَّه حقيق بأن يرفضَّ؛ لأنَّه يقال: هو حقيق بكذا، أي: جدير بأن يقع فلا يكون فيما قد وقع، ألا ترى قول الأعشى: /
وإن امرأ أسرى إِليكِ ودونــه من                     الأرض مَوْمَاءَ وبيداء سَمْلق
لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته                     وأن تعلمي أن المُـعَــانَ مُــوفــق
          ووقع في رواية أبي ذرَّ الهروي الاقتصار على قوله: (لكان)، دون قوله: (محقوقًا أن يرفضَّ) فيكون من الحذف اقتصارًا بدون دليل، فيقدَّر بما يفرضه السامع لعظَم المقام، أو أراد بالفعل الماضي الواقع شرطًا لـــ(لو) معنى المستقبل على خلاف الشائع في (لو) بقرينة المقام كقول توبة بن الحمير:
ولو أنَّ ليلى الأخيلية سلمت                     عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ
          و (كان) تامة، وفاعلها المصدر المأخوذ من قوله: (ارفضَّ)؛ أي: لو كان يرفضَّ الجبل لحصل الارفضاض، والكلام جار على المبالغة كقول أُبَيِّ بن سُلمى من الحماسة:
فلو طَارَ ذو حافرٍ قبلها                     لطارت ولكنَّه لم يَطِرْ