ولما فرغ المؤلف من كتاب (العلم) شرع يذكر العبادات مرتِّبًا لها على ترتيب حديث: «بني الإسلام»، وقدَّم الطهارة؛ لأنَّها مفتاح الصلاة، ولأن أوَّل شيء يسأل عنه العبد في القبر الطهارة فقال:
♫ /
░░4▒▒ (كتاب الوُضوء)؛ بضم الواو من الوضاءة، وهي الحسن والنظافة اسم للفعل، وبفتح الواو: اسم للماء الذي يُتوضَّأ به، وهو المشهور، وحكي: فتح الواو فيهما، وحكي أيضًا: ضم الواو فيهما، وشرعًا: غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، والصحيح: أنه ليس من خصائص هذه الأمة، وإنما الذي اختصت به: هو الغرة والتحجيل، ذكره العلامة نوح أفندي.
وفي رواية عقب البسملة: (كتاب الطَّهَارة باب ما جاء في الوضوء)، وهذا أنسب؛ لأنَّ الطهارة أعمُّ من الوضوء، والكتاب الذي يذكر فيه نوع من الأنواع ينبغي أن يترجم بلفظ عام حتى يشمل جميع أقسام ذلك الكتاب، وهي بفتح الطاء مصدر: طهر؛ بفتح الهاء أفصح من ضمها، وبكسرها: الآلة كالماء والتراب، وبضمها: اسم لما فضُل بعد التطهير، وحكي: الضم فيهما، وحكي أيضًا: الفتح فيهما، وهي النظافة.
وشرعًا: زوال حدث أو خبث، وهو تعريف صحيح؛ لصدقه بالوضوء وغيره كالغسل من الجنابة، أو الحيض، أو النفاس؛ بل وبالتيمم أيضًا.
والحدث: مانعية شرعية قائمة بالأعضاء إلى غاية استعمال المزيل، والخبث: عين مستقذرة شرعًا.
وأمَّا سبب وجوبها؛ فقيل: الحدث والخبث، قيل: وبه أخذ شمس الأئمة السرخسي، وقيل: سببها: إقامة الصلاة، وصححه في «الخلاصة»، لكن نسبه في «العناية» إلى أهل الظاهر، وصرَّح في «غاية البيان» بفساده؛ لصحة الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات مادام متطهِّرًا.
وقيل: سببها: إرادة الصلاة، وصححه في «الكشف»، واعترضه في «الفتح والتبيين»، وقيل: سببها: وجوب الصلاة لا وجودها؛ لأنَّ وجودها مشروط بها فكان متأخرًا عنها، والمتأخر لا يكون سببًا للمتقدم، كما في «العناية»، والذي اختاره الأكثر من أهل المذهب أن سببها: إرادة ما لا يحل إلَّا بها من صلاة ومسِّ مصحف كما في «البحر الرائق».
وهل الحدث حلَّ في جميع البدن كالجنابة حتى يمنع من مسِّ المصحف بظهره وبطنه أو مختص بأعضاء الوضوء؟ اختلف فيه، والأصحُّ: المنع كما في «الدر المختار»، وتمامه في شرحنا «منهل الطلاب».