-
المقدمة
-
في أسانيد روايتنا لـجامع البخاري
-
في التعريف بالإمام البخاري رضي الله عنه
-
في بيان السبب الباعث للتأليف
-
في بيان شرط الإمام البخاري في جامعه
-
في سياق ما في الكتاب من الألفاظ الغريبة
-
في بيان المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والألقاب
-
في عدد ما لكل صحابي في صحيح البخاري
-
في مناسبة ترتيب كتب الجامع
الفصل الرابع:
في بيان شرط الإمام البخاريِّ في «جامعه»، وبيان موضوع الكتاب، والكشف عن مقاصده؛ كوجه تقطيعه للأحاديث وتكراره لها، وتعليقه ما وصله في موضع آخر.
قال ابن حجر: اعلم أنَّ البخاريَّ لم يوجد عنه تصريح بشرط معيَّن، وإنَّما يؤخَذ ذلك من معنى تسميته للكتاب، وبالاستقراء(1) من تصرُّفاته.
فأمَّا أوَّلًا؛ فإنَّه سمَّاه(2) «الجامع الصحيح، المسند المختصر، من أمور رسول الله صلعم وسننه وأيَّامه»، فعرفنا بقوله: (الجامع) أنَّه لم يختصَّ بصنف دون صنف؛ ولهذا أورد فيه الأحكام، والفضائل، والأخبار المحضة عن الأمور الماضية والأمور الآتية، وغير ذلك من الآداب والرقائق، وبقوله: (الصَّحيح) أنَّه ليس فيه شيء ضعيف عنده وإن كان فيه مواضع قد انتقدها غيره، ويُصرِّح بذلك قوله: ما أدخلت في «الجامع» إلَّا ما صحَّ، وبقوله: (المسند) أنَّ مقصوده الأصليَّ تخريج الأحاديث التي اتَّصل إسنادها ببعض الصحابة عن النبيِّ صلعم، سواء كانت(3) مِن قول النبيِّ صلعم، أو فعله، أو تقريره، وأنَّ ما / وقع في الكتاب ممَّا يخالف ذلك إنَّما وقع فيه تبعًا وعرضًا، لا أصلًا مقصودًا، فهذا ما عُرِفَ من كلامه.
وأمَّا ما عُرِف بالاستقراء مِن تصرُّفه؛ فيحتاج أوَّلًا إلى التَّعريف بالصحيح عنده وعند غيره؛ وهو أن يكون الإسناد متَّصلًا، وأن يكون كلٌّ مِن رواته عدلًا، وأن يكون موصوفًا بالضَّبط، فإن قصر؛ احتاج إلى ما يُجيز ذلك التَّقصير، ويكون الحديث مع ذلك قد خلا من أن يكون معلولًا؛ أي: فيه علَّة خفيَّة قادحة، أو أن يكون شاذًّا(4) ؛ أي: خالف رواية مَن هو أكثر عددًا منه أو أشدُّ ضبطًا مخالفة تستلزم التَّنافي، ويتعذَّر معها الجمع الذي لا يكون متعسِّفًا، والاتِّصال عندهم: أن يعبِّر كلٌّ مِن الرواة في روايته عن شيخه بصيغة صريحة في السماع منه؛ كـ(سمعت)، و(حدَّثني)، و(أخبرني)، أو ظاهرة في ذلك؛ كـ(عن)، أو (أنَّ فلانًا قال)، وهذا الثاني في الثقة غير المدلِّس، أمَّا المُدلِّس الثقة؛ فلا يُقبَل منه إلَّا المرتبة الأولى، إلَّا أن يعثر منه على ارتكاب مجاز في الصيغ الصريحة، فيُحترَز منه حينئذٍ، والأصل عدم ذلك؛ ولهذا أطلق كثير من الأئمَّة قبول رواية المدلِّس إذا صرَّح، ثمَّ إنَّ هذا الثاني شرْط حمله على السَّماع عند البخاريِّ أن يكون الراوي قد ثبت له لقاءُ مَن حدَّث عنه ولو مرَّة واحدة، فإذا / ثبت ذلك عنه؛ حُمِلت عنعنته على السماع؛ وسبب ذلك: أنَّه يقول: إذا لم يثبت لقاؤه له، وإنَّما عرفنا أنَّه عاصره فقط؛ احتمل أن تكون روايته عنه على طريق الإرسال؛ لما عُرِف مِن عادة كثير ممَّن لم يوصف بتدليس أنَّه يُرسِل، وإذا لم يترجَّح أحد الاحتمالين على الآخر؛ لم يحسن الحمل على أحدهما.
فإن قيل: فلمَ لم يطَّرد ذلك في جميع عنعنته؛ فالجواب: أنَّ ذلك يخالف فرض المسألة؛ لأنَّها مفروضة في غير المدلِّس، ولو كان بعد أن ثبت لقاؤه لشيخه قد حدَّث عنه بالعنعنة بما لم يسمعه؛ لكان بذلك مُدلِّسًا، والأصل أنَّه غير مدلِّس، فكان الاتِّصال ظاهرًا في ذلك، وعُرِف من هذا أنَّ شرط البخاريِّ في الاتِّصال أتقنُ من شرط غيره ممَّن اكتفى بالمعاصرة، كذا عرفنا بالاستقراء مِن تصرُّفه في الرِّجال الذين يُخرِّج عنهم أنَّه ينتقي أكثرهم صحبةً لشيخه وأعرفهم بحديثه، وإن أخرج مِن حديث مَن لا يكون بهذه الصفة(5) ؛ فإنَّما يُخرَّج في المتابعات، أو حيث تقوم له قرينة بأنَّ ذلك ممَّا ضبطه هذا الراوي.
فبمجموع ذلك: وصف الأئمَّة كتابه قديمًا وحديثًا بأنَّه أصحُّ الكتب المصنَّفة في الحديث، ولم يُنقَل عن أحد أنَّه خالف في / ذلك إلَّا ما حكاه ابن منده: أنَّه سمع أبا عليٍّ النيسابوريَّ يقول: ما تحت أديم السماء أصحُّ من «كتاب مسلم»، فهذا وإن كان مستلزمًا لعدم أفضليَّة «صحيح البخاريِّ» على «صحيح مسلم»؛ لكن لا يلزم منه أنَّ «صحيح مسلم» أصحُّ من «صحيح البخاريِّ» عند أبي عليٍّ؛ لاحتمال أن يرى المساواة بينهما، وعلى تقدير أن يثبت عند أبي عليٍّ أنَّه صرَّح بذلك؛ فهو محجوج بإجماع مَن قبله ومَن بعده على خلافه، وأمَّا ما حُكِي عن المغاربة من أنَّهم يفضِّلون «صحيح مسلم» على «صحيح البخاريِّ»؛ فذلك راجع إلى أمر آخر؛ وهو أنَّه يجمع المتون في موضع واحد ولا يُفرِّقها في الأبواب، ويسوقها تامَّة ولا يُقطِّعها في التراجم، ويحافظ على الإتيان بألفاظها ولا يروي بالمعنى، ويُفرِدها ولا يخلط معها شيئًا مِن أقوال الصحابة ومَن بعدهم في الغالب، وهذا جميعه وإن كان يستدعي أفضليَّته مِن جهة؛ فإنَّه يستدعي أفضليَّة «البخاريِّ» من جهة أنَّه امتاز عن الوقوف عند مطلق الجمع، واختصَّ بنفع الطالب بما استنبط مِن فهمه في تراجمه؛ ممَّا يشوِّق الناظرين ويروق السَّمع.
وبقي ما يتعلَّق بأفضليَّة الأصحيَّة له مسلَّمًا من المخالف والموافق، ناطقًا بذلك أو مقرِّرًا له علماء / المغارب والمشارق، {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21] ، [فهذا ما يتعلَّق بشرطه في الصِّحَّة](6) .
وأمَّا ما يتعلَّق بموضوعه؛ فعُرِف بالاستقراء من طريقته، وبما تقدَّم في المفاضلة أنَّ مسلمًا يجمع المتون في موضع واحد، والبخاري يُفرِّقها في الأبواب اللَّائقة بها، لكن ربَّما كان ذلك الحديث ظاهرًا في ذلك الباب وربَّما كان خفيًّا، والخفاء ربَّما حصل تناوله بالاقتضاء أو اللُّزوم، أو بالتمسُّك بالعموم أو بالرَّمز إلى مخالفة مخالف، أو بالإشارة إلى أنَّ في بعض طرق ذلك الحديث ما يعطي المقصود وإن خلا عنه لفظ المتن المساق هناك؛ تنبيهًا على ذلك المشار إليه بذلك، وأنَّه صالح لأنْ يُحتَجَّ به وإن كان لا ينتهي إلى درجة شرطه، واحتاج إلى هذا(7) وأمثاله أن يكرِّر الأحاديث؛ لأنَّ كثيرًا من المتون يشتمل على عدَّة أحكام، فيحتاج أن يذكر في كلِّ بابٍ يليق ذكر ذلك الحكم به ذلك الحديث بعينه، فإن ساقه بتمامه إسنادًا ومتنًا؛ طال التكرير وخرج عن وضع الاختصار، وإن أهمله؛ فلا يليق به، فتصرَّف فيه بوجوه من التصرُّف؛ وهو أنَّه ينظر في الإسناد إلى غاية مَن يدور عليه الحديث مِن الرواة؛ أي: ينفرد بروايته، فيخرِّجه في باب عن راوٍ يرويه عن ذلك المنفرد، وفي باب آخر عن / راو آخر عن ذلك المنفرد.
وهلمَّ جرًّا، فإن كثرت الأحكام عن عدد الرواة؛ عَدَل عن سياقه تامَّ الإسناد إلى اختصاره معلَّقًا، وهذه أحد الحِكَم في تعليقه ما وصله في موضع آخر، وإن ضاق مخرجه كأن يكون فردًا مطلقًا؛ تصرَّف حينئذ في المتن، فيسوقه تارة تامًّا وتارة مقتصِرًا على بعضه، بحسب استنباطه(8) ، وبحسب ما يحتاج إليه في ذلك الباب، فعُلِم من هذا أنَّه لم يكرِّر إلَّا لفائدة، ففي التحقيق لا تكرار فيه؛ إذ حقيقة التكرار أن يعيده بلا فائدة، ولم أره خالف في هذا إلَّا في مواضع نادرة(9) ، ثمَّ إنَّه في حال تصنيفه كأنَّه يبسط التراجم والأحاديث، فيحمل على كلِّ ترجمة حديثًا يلائمها، وبقيت عليه تراجم لم يجد في الحالة الراهنة ما يلائمها، فأخلاها عن الحديث، وبقيت عليه أحاديث لم يتَّضح له ما يرتضيه في الترجمة عنها فجعل لها أبوابًا بلا تراجم، فيوجد فيه أحيانًا باب مُترجَم، وليس فيه سوى آية وكلام لبعض الصحابة أو مَن بعدهم، وأحيانًا باب غير مُترجَم وقد ساق فيه حديثًا أو أكثر؛ والسبب في ذلك ما أشرت إليه، وممَّن نبَّه على ذلك الحافظ أبو ذرٍّ الهرويُّ عن أبي إسحاق المستملي راوي «الصحيح» عن الفربريِّ صاحب البخاريِّ، / وأشار إلى أنَّ بعض(10) مَن نقل الكتاب بعد موت مصنِّفه ربَّما ضمَّ بابًا مُترجَمًا إلى حديث غير مُترجَم، وأخلى البياض الذي بينهما، فيصير بعض الناس يظنُّ أنَّ هذا الحديث يتعلَّق بالترجمة التي قبله، فيتمحَّل لها وجوهًا من المحامل المتكلَّفة، ولا تعلُّق لها به ألبتَّةَ على ما أرشدَنا إليه كلام المستملي؛ على أنَّ البخاريَّ في هذا القدر دقيق النظر جدًّا، كثير العناية بالاقتصار على الأخفى مع الإعراض عن الأجلى، على ما سيُرى إن شاء الله في أماكنه، اهـ(11) كلامه في «الشرح».
وقال في «المقدِّمة»:
الفصل الثالث: في بيان تقطيعه للحديث واختصاره، وفائدة إعادته له(12) في الأبواب وتكراره.
قال الحافظ أبو الفضل محمَّد بن طاهر المقدسيُّ فيما رويناه(13) عنه في جزء سمَّاه «المتعنت»: اعلم أنَّ البخاريَّ ☼ كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع، ويستدلُّ به في كلِّ باب بإسناد آخر، ويستخرج منه بحسن استنباطه وغزارة فهمه معنًى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه، وقلَّ ما يورد حديثًا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، وإنَّما يورده من طريق أخرى؛ لمعانٍ يذكرها، والله أعلم بمراده منها؛ فمنها: أنَّه يخرِّج الحديث عن صحابيٍّ، / ثمَّ يورده عن صحابيٍّ آخر، والمقصود منه أن(14) يُخرِج الحديث عن حدِّ الغرابة، وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة.
وهلمَّ جرًّا إلى مشايخه، فيعتقد مَن يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنَّه تكرار، وليس كذلك؛ لاشتماله على فائدة زائدة، ومنها: أنَّه صحَّح أحاديث على هذه القاعدة، فيشتمل كلُّ حديث منها على معانٍ متغايرة، فيورده في كلِّ باب من طريق غير الطريق الأوَّل، ومنها: أحاديث يرويها بعض الرواة تامَّة، ويرويها بعضهم مختصرة، فيوردها كما جاءت؛ ليزيل الشبهة عند تأمُّلها، ومنها: أنَّ الرواة ربَّما اختلفت عبارتهم، فحدَّث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنًى، وحدَّث به آخر فعبَّر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنًى آخر، فيورده إذا صحَّت على شرطه ويُفرِد لكلِّ لفظة بابًا مفردًا، ومنها: أحاديث تَعَارَض فيها الوصل والإرسال، ورُجِّج عنده الوصل، فاعتمده(15) وأورد الإرسال منبِّهًا على أنَّه لا تأثير له عنده في الموصول، ومنها: أحاديث تَعَارَض فيها الوقف والرفع، والحكم فيها كذلك، ومنها: أحاديث زاد فيها بعضُ الرواة رجلًا في الإسناد، / ونقصه بعضهم، فيوردها على الوجهين حيث يصحُّ عنده أنَّ الراوي سمعه من شيخ حدَّثه به عن آخر، ثمَّ لقي الآخر فحدَّثه به، فكان يرويه على الوجهين، ومنها: أنَّه ربَّما أورد حديثًا عنعنه راويه، فيورده مِن طريق أخرى مُصرِّحًا فيها بالسماع على ما عُرِف من طريقته في اشتراط ثبوت اللِّقاء في المعنعن، فهذا جميعه فيما يتعلَّق بإعادة المتن الواحد في موضع آخر أو أكثر.
وأمَّا تقطيعه للحديث في الأبواب تارة واقتصاره منه على بعضه أخرى؛ فذلك لأنَّه إن كان المتن قصيرًا أو مرتبطًا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدًا؛ فإنَّه يُعيده بحسب ذلك مراعيًا مع ذلك عدمَ إخلائه مِن فائدة حديثيَّة؛ وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك، كما تقدَّم تفصيله، فنستفيد بذلك تكثير الطرق لذلك الحديث، وربَّما ضاق عليه مخرج الحديث؛ حيث لا يكون له إلَّا طريق واحد، فيتصرَّف حينئذ فيه، فيورده في موضع موصولًا وفي موضع مُعلَّقًا، ويورده تارة تامًّا وتارة مقتصرًا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب، فإن كان المتن مشتملًا / على جمل متعدِّدة، لا تعلُّق لإحداهما بالأخرى؛ فإنَّه يخرِّج كلَّ(16) جملة منها في باب مستقلٍّ؛ فرارًا من التطويل، وربَّما نشط فساقه بتمامه، فهذا كلُّه من التقطيع.
وأمَّا اقتصاره على بعض المتن ثمَّ لا يذكر الباقي في موضع آخر؛ فإنَّه لا يقع له ذلك في الغالب إلَّا حيث يكون المحذوف موقوفًا على الصحابيِّ، وفيه شيء قد يحكم برفعه، فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع، ويحذف الباقي؛ لأنَّه لا تعلُّق له بموضوع كتابه؛ كما وقع له في حديث هذيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود ☺ قال: (إنَّ أهل الإسلام لا يُسيِّبون، وإنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يُسيِّبون)، هكذا أورده، وهو مختصر حديث موقوف؛ أوَّله: (جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إنِّي أعتقت عبدًا لي سائبة، فمات وترك مالًا، ولم يدع وارثًا؟ فقال عبد الله: إنَّ أهل الإسلام لا يُسيِّبون، وإنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يُسيِّبون، فأنت وليُّ نعمته تملك ميراثه، فإن تأثَّمت وتحرَّجت في شيء؛ فنحن نقبله منك، ونجعله في بيت المال)، فاقتصر البخاريُّ على ما يُعطَى حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف؛ وهو قوله: (إنَّ أهل الإسلام لا يُسيِّبون)؛ لأنَّه يستدعي بعمومه(17) النقل عن صاحب(18) الشرع لذلك / الحكم، واختصر الباقي؛ لأنَّه ليس من موضوع كتابه، وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس.
وإذا تقرَّر ذلك؛ اتَّضح أنَّه لا يُعيد إلَّا لفائدة، حتَّى ولو لم يظهر لإعادته فائدة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن؛ لكان لإعادته لأجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية موجبًا؛ لئلَّا يُعدَّ(19) مكرَّرًا بلا فائدة، وكيف؟! وهو لا يُخلِّيه مع ذلك من فائدة إسناديَّة؛ وهي إخراجه للإسناد عن شيخ غير الشيخ الماضي، أو غير ذلك على ما سبق تفصيله، وهذا بيِّن لمن استقرأ كتابه وأنصف من نفسه، والله الموفِّق لا إله غيره، اهـ بلفظه.
قال مؤلِّفه عبد الله تعالى محمَّد بن أحمد ميَّارة عفا الله عنه:
قد آن لنا نقل الفصلين المهمَّين المقصودين بالذات؛ وهما: الفصل الخامس والسادس بلفظ ابن حجر كما وعدنا به أوَّلًا، وقد كنت منذ مدَّة قبل مخالطتي «مقدِّمة ابن حجر» أريد تخريج ذلك مرتَّبًا من البحر الزاخر الفيَّاض، أعجوبة البساتين والرياض، «مشارق القاضي أبي الفضل عياض»، جدَّد الله عليه وحماه، ووالى عليه رضوانه ونعماه، فلمَّا عثرت على هذين الفصلين؛ فتر عزمي عن ذلك، وتكاسلت النفس / عن الخوض في تلك المسالك، على أنَّ ترتيب ذلك على الحروف كما فعل ابن حجر تبعًا لصاحب الدار في «مشارقه» أولى بوجوه كثيرة من ترتيب ذلك على ألفاظ الكتاب؛ كما فعل بعض المتأخِّرين؛ إذ قد يحتاج الطالب لتفسير لفظ ولا يدري موضعه، وقد يدريه ولا يجده مذكورًا فيه، فيظنُّ أنَّه مغفل، وهو قد تقدَّم في محلٍّ آخر، بخلاف الترتيب على الحروف، فإنَّ محلَّ كلِّ لفظة معروف، فيقصد من أوَّل وهلة، على أنَّ ابن حجر أخلَّ بضبط كثير ممَّا يحتاج للضبط، فإن كان في العمر فسحة؛ ألحقت ما لا بدَّ منه من ذلك بالطرَّة، قال ☼:
[1] في (أ): (بالاستقراء).
[2] في هامش (ب): (تسميته له).
[3] في (ب): (كان).
[4] في (أ) و(ب): (شاذ)، ولا يصحُّ.
[5] في (أ): (بالصفة).
[6] ما بين معقوفين ليس في (أ).
[7] في هامش (ب): (لأجل هذا).
[8] في (أ) و(ب): (بساطه).
[9] في هامش (ب): (قف: أي: نحو العشرين؛ انظر منه إرشاد الساري).
[10] في (أ): (وأشار إلى بعض أن بعض).
[11] (اه): ليس في (أ).
[12] في (أ): (لها).
[13] في (ب): (روينا له).
[14] في (أ): (أنَّه).
[15] في (أ) و(ب): (فاعتمد).
[16] في (أ): (على).
[17] في (أ) و(ب): (بعموم).
[18] في (أ) و(ب): (صحب).
[19] في (أ) و(ب): (يمد).