-
المقدمة
-
الركاز حقيقته وحكمه
-
إذا قال قائل: أخدمتك هذه الجارية فهل هذا هبة أم عارية؟
-
إذا قال: حملتك على هذا الفرس، هل هذا هبة أم عارية؟
-
حكم شهادة القاذف إن تاب
-
حكم إقرار المريض لوارثه بدين
-
حد الأخرس إذا قذف بإشارة أو كتابة
-
بيع المكره وهبته
-
الإكراه على شرب الخمر
-
كتاب الحيل
-
في كتاب الحاكم إلى الحاكم في الحدود
-
في ترجمان الحاكم
2 - وقال في (باب الهبة: إذا قال قائل لمخاطب: أخدمتك هذه الجارية أو هذا الغلام على ما) موصولة، والعائد محذوف، أو مصدرية (يَتعارَفُهُ الناس) أي: الذي يتعارفونه، أو تعارُفِهم في صُدور هذا القول منهم، في كون الإِخدام هبةً أو عاريَّةً (فهو جائزٌ) على حسب عُرفهم، فإن كان عُرفُهم أنَّ هذا عاريةٌ فعاريَّة، أو هِبةٌ فهبة. (وقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) قال الكرماني: قيل: أراد به أبا حنيفة. أقول: وهو غير مستبعَد؛ لأنَّه مذهبه، فالمناقشةُ واردة عليه، سواءٌ كان هو المراد، أو مَن وافقه من أهل الاجتهاد، (هذه) الصيغة (عارية)؛ لأنَّها صريحة في إعارة المنافع(1) إلَّا أنْ يريد الهبة؛ لأنَّه محتَمَل كلامِه؛ لأنَّ اللفظ صالحٌ لتمليك العين والمنفعة، والمنفعةُ أدنى فيُحمَل عليها عند عدم النِّيَّة. (وإن قال: كسوتُكَ هذا الثوبَ، فهذا) أي: القولُ واللفظُ _ولأبي ذَرٍّ: فهذه_ أي: الصيغةُ أو العبارةُ (هِبةٌ). قال الكرماني: قوله: (وإن قال: كسوتُك.. إلخ) يحتمل أن يكون من تتمة قول الحنفية ومقصود المؤلف منه أنَّهم تحكَّموا حيث قالوا: ذلك عاريةٌ، وهذا هبةٌ، ويُحتَمَل أن يكون عطفًا على الترجمة. انتهى. أي: فيكون مقصودُه التسويةَ بين الفرعين.
ثم ذكر الحديثَ وقال في آخره: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلعم : «فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ») ومُرادُه أنَّ لفظ الإِخدام للتمليك، كما أنَّ لفظَ الكسوة كذلك. /
وقد عارضه ابنُ بَطَّال فقال: استدلالُهُ بقوله: «أخدَمَها هاجَرَ» على الهبة لا يصح، وإنَّما صَحَّت الهبة في هذه القصة من قوله: «فأعطوها هاجَر». انتهى.
وقال أيضًا: لم يختلف العلماء أنَّه إذا قال: كسوتك هذا الثوبَ مدةً يُسمِّيها، فله شَرْطُه، وإن لم يذكر حدًا فهو هبة؛ لأنَّ لفظ الكسوة يقتضي الهبة؛ لقوله تعالى: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}... {أَوْ كِسْوَتُهُمْ}[المائدة:89] ولم تَختلِف الأُمَّة أنَّ ذلك تمليكٌ للطعام والكسوة. انتهى.
وقال ابن المُنَيِّر: الكسوةُ/ للتمليك بلا شك؛ لأنَّ ظاهرها الأصلي لا يُراد، إذ أصلُها لمباشرة الإلباس، لكنَّا نعلم أنَّ الغني إذا قال للفقير: كسوتك هذا الثوبَ، لا يعني أنِّي باشرتُ إلباسَك إياه، فإذا تعذَّر حملُه على الوضع، حُمِلَ على العُرف وهو العطية. انتهى.
وبما نقلناه يظهر لك أنَّ التفرقة بين الفرعين قول أكثر الأئمة كما قالته الحنفية، ولا تحكُّم بالكلية.
[1] بهامش (ب): الأظهر في تمليك المنافع. طاهر.