الحمد لله، لا يخفى على الضَّمير المنير والقلب المستنير أنَّ خلاصة الرِّسالة المُرسَلَة في تحقيق هذه المسألة هو أنَّ قولَ الزَّرْكشيِّ بنصب (أول) كلامٌ، مع أنَّ ليس له نفعٌ تامٌّ، ثمَّ قولُه: خبرُ كان (نزل) _مبتدأٌ وخبرٌ_ كلامٌ مُنْحَلٌّ، وهذا تأويلٌ بعيدٌ عن الفَهْم؛ ليرتفع عن الزَّرْكشيِّ ما يُتوجَّه إليه من الوهم.
ولِكَمال بُعْدِهِ لم يَمِلْ إليه فَهْمُ أكابرِ العلماء وفحولِ الفُضَلاء، على أنَّه ليس فيه ما يوجبُ الوهمَ للعارفين بالعبارة والإشارة، والبالغين مرتبةَ الفصاحةِ والبلاغةِ؛ لِمَا تقرَّر في قاعدةٍ عليها الاعتماد من أنَّ المرادَ لا يدفع الإيرادَ، وإنَّما يصحُّ نسبةُ الوهمِ إلى جَنَابهم لو وُجِد خَلَلٌ في خِلال إعرابهم، مع أنَّه يكفي لهم مَخْلصًا وحجةً صحةُ أنْ يقال: عبارةُ الزَّرْكشيِّ مُوهمةٌ. ثم تزيينُ العبارة بدون تحسين الإشارة يشبه تلبُّسَ الأغبياء بلبس الأغنياء، وإنَّما كتبتُ هذا الجواب تعظيمًا لذلك الجَنَاب، وإلَّا فالدَّخيل في هذا الباب لا يصلح للخطاب، والله أعلم بالصَّواب.
كتبه أيضًا عفى عنه(1).
[1] هذه الخاتمة ليست في الأصل.