( بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة مقدمة على الكتاب لكريمة، ومؤخرة عنه لأبي ذر.
قال العيني: وتقديم البسملة على الكتاب ظاهر للحديث الوارد فيه، وأما تأخيرها عن الكتاب فوجهه: أن الكتب التي فيها التراجم مثل السور حتى يقال: سورة كذا وسورة كذا والبسملة تذكر بعدها انتهى. وسقطت البسملة للأصيلي.
░░7▒▒ (كِتَابُ التَّيَمُّمِ) كذا لأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر، ولغيرهم: <باب التيمم>، ولا يخفى أن الأول أولى ؛ لأن تحته أبواباً كثيرة، وهو في اللغة: القصد يقال: أم وتأمم، ويمم وتيمم بمعنى واحد، والتيمم أصله من ذلك ؛ لأن المتيمم يقصد التراب فيتمسح به.
قال الفراء: ولم أسمع يممت بالتخفيف انتهى.
ويدل على أنه في اللغة مطلق القصد قول الشاعر:
وما أدري إذا يممت أرضاً أريد الخير أيهما يليني
وفي الشرع: قصد الصعيد الطاهر واستعماله بصفة مخصوصة وهو: مسح اليدين والوجه لاستباحة الصلاة ونحوها سواء كان الحدث أصغر أو أكبر.
وقال الكرماني: هو في الاصطلاح القصد إلى التراب بمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها، وهو إما مجاز لغوي أو حقيقة شرعية.
قال ابن السكيت: فتيمموا صعيداً؛ أي: اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعماله حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب وهو ثابت بالكتاب والسنة ولإجماع، وهو خصيصة خص الله تعالى به هذه الأمة.
وأجمعوا على أن التيمم لا يكون إلا في الوجه واليدين سواء كان عن حدث أصغر أو أكبر انتهى.
قال العيني وغيره: وخالف في جوازه للجنب: عمر بن الخطاب وابن مسعود والنخعي والأسود، كما ذكره ابن حزم، وقد ذكروا رجوعهم عن هذا انتهى.
(قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: <╡>، ولابن عساكر والأصيلي: <وقول الله> بواو العطف فـ: ((قول الله)) على رواية ترك العطف إما مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: قول الله دال على ذلك، أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: الدال على ذلك قول الله.
وقال الكرماني وتبعه العيني: قول الله مبتدأ: و{فَلَمْ تَجِدُواْ} [النساء:43] إلخ خبر؛ أي: قول الله في شأن التيمم هذه الآية.
وفيه توقف؛ لأن {فَلَمْ تَجِدُواْ} مقول القول، وإن جعل القول بمعنى المقول فالإخبار صحيح، لكن لا فائدة فيه كما يعلم بالتأمل الصادق، وأما على رواية العطف فهو مرفوع بالعطف على ((كتاب)).
وقال في ((الفتح)): وقول الله بزيادة واو والجملة استئنافية وتعقبه العيني فراجعه.
({فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}) [النساء:43] كذا للأكثر موافقة للتلاوة التي في آيتي النساء والمائدة.
قال العيني: ورواية الأكثرين على هذا وهو الصواب، وفي رواية النسفي وعبدوس والحموي والمستملي: <فإن لم تجدوا>، ووقع التصريح به في رواية حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة ♦ في قصتها المذكورة قال: ((فأنزل الله آية التيمم {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [النساء:43])) الحديث.
والظاهر: أن هذا وهم من حماد أو غيره، أو قراءة شاذة لحماد انتهى.
قال في ((الفتح)): وخفي على الجميع ما ظهر للبخاري: من أن المراد بها آية المائدة بغير تردد لرواية عمرو بن الحارث فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6].
ويلحق بعدم وجدان الماء وجدانه مع عدم التمكن من استعماله إذ الممنوع منه كالمفقود كما في تفسير البيضاوي.
({فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}) [النساء:43] هو عند الشافعية التراب الطهور وعند الحنفية كلما صعد على وجه الأرض من جنسها / كالتراب والرمل والصخر.
ففي ((الكشاف)): قال الزجاج: الصعيد وجه الأرض تراباً كان أو غيره وإن كان صخراً لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده عليه ومسح لكان ذلك طهوره، وهو مذهب أبي حنيفة انتهى.
والطيب قال أبو إسحاق: هو النظيف وقيل: الحلال، وقيل: الطيب: ما تستطيبه الناس والأكثر أن معناه طاهراً بل قال ابن عبد البر: أنه لا خلاف في ذلك كذا في العيني.
({فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6]) يحتمل أن يراد باليد هنا إلى المرفقين، ويحتمل أن يراد بها إلى الكوعين، ذهب إلى الأول أبو حنيفة والشافعي، وإلى الثاني مالك وأحمد.
وتقدم الكلام على الآية في أول كتاب الغسل، ووقع في رواية الأصيلي بعد: (({فَتَيَمَّمُواْ})) الآية، وفي رواية كريمة والشبوي ذكر منه.
قال في ((الفتح)): وهي تعين آية المائدة دون آية النساء وإلى ذلك نحا البخاري فأخرج حديث الباب في تفسير سورة المائدة، وأيد ذلك برواية عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم في هذا الحديث ولفظه فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6] إلى قوله: {تَشْكُرُونَ} [المائدة:6].