(بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت لابن عساكر، وفي بعض النسخ تأخيرها عن كتاب الصلاة.
░░8▒▒ (كِتَابُ الصَّلَاةِ) بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف ويجوز نصبه على المفعولية لفعل محذوف؛ أي: خذ كتاب الصلاة.
قال العيني: وهي في اللغة الدعاء قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:103] أي: ادع لهم، وقيل: هي مشتقة من صليت العود على النار إذا قومته.
قال النووي: هذا باطل لأن لام الكلمة في الصلاة واو بدليل الصلوات وفي صليت ياء فكيف يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف الأصلية؟.
قلت: دعواه البطلان غير صحيحة لأن اشتراط اتفاق الحروف الأصلية في الاشتقاق الصغير دون الكبير والأكبر انتهى.
وأقول: إذا أطلق الاشتقاق لا ينصرف عندهم إلا إلى الصغير وأما الكبير والأكبر فلا يذكران إلا مقيدين وكلام النووي مبني على ذلك، وقيل: الصلاة / مشتقة من الصلوين تثنية الصلة وهو ما عن يمين الذنب وشماله، قاله الجوهري.
وهما العظمان الناتئان عند العجيزة؛ لأن المصلي يحركهما والمصلي هو الثاني من خيل السباق؛ لأن رأسه يلي صلوى السابق وقيل غير ذلك فانظر العيني.
وفي الشرع أقوال وأفعال، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم وهي صلة بين العبد وبين ربه تعالى، وجامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنية من الطهارة، وستر العورة، وصرف المال فيهما، والتوجه إلى الكعبة، والعكوف للعبادة، والخشوع بالقلب والجوارح، وإخلاص النية، ومجاهدة الشيطان، ومناجاة الحق، ولهذا قال صلعم: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة وقراءة القرآن والنطق بالشهادتين وكف النفس عن الأطيبين)).
وشرعت المناجاة فيها سراً وجهراً ليجمع للعبد فيها بين ذكر السر وذكر العلانية، وليتطبق عليه حديث أبي هريرة رفعه: ((يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)).
أي: من الملائكة المقربين والكروبيين الذين اختارهم الله تعالى لحضرته، ولا شك أنهم أفضل من عوام البشر فهم خير بالنسبة إليهم فليس فيه دليل على أفضلية الملائكة مطلقاً على البشر كما تقول المعتزلة، فلهذا السر شرع لهم الجهر بالقراءة تارة والسر أخرى.
قال في ((الفتح)): وقد تأملت في كتاب الصلاة منه فوجدته مشتملاً على أنواع تزيد على العشرين فرأيت أن أذكر مناسبتها في ترتيبها قبل الشروع في شرحها.
وقال العيني: نحن نذكر وجه المناسبة بين كل بابين من هذه الأبواب بما يفوق ذلك على ما ذكره يظهر ذلك عند المقابلة وذكرها في مواضعها أنسب وأوقع في الذهن وأقرب إلى القبول.
أقول: وقد سنح لي أن أجمع بين الطريقتين فأذكر ما ذكره صاحب ((الفتح)) مجملاً، ثم ما ذكره العيني إن شاء الله تعالى مفصلاً في محاله.
قال في ((الفتح)): بدأ أولاً بالشروط السابقة على الدخول في الصلاة وهي الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب، واستفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها لتعين وقتها دون غيرها من أركان الإسلام، وكأن ستر العورة لا يختص بالصلاة فبدأ به لعمومه، ثم ثنى بالاستقبال للزومه في الفريضة والنافلة إلا ما استثنى كشدة الخوف، ونافلة السفر، وكأن الاستقبال يستدعي مكاناً فذكر المساجد، ومن توابع الاستقبال سترة المصلي فذكرها، ثم ذكر شرط الباقي وهو دخول الوقت وهو خاص بالفريضة وكان الوقت يشرع الإعلام به فذكر الأذان إعلاماً، وفيه إشارة إلى أنه حق الوقت، وكان الأذان إعلاماً بالاجتماع إلى الصلاة فذكر الجماعة، وكان أقلها إماماً ومأموماً فذكر الإمامة، ولما انقضت الشروط وتوابعها ذكر صفة الصلاة.
ولما كانت الفرائض في الجماعة قد تختص بهيئة مخصوصة ذكر الجمعة، والخوف، وقدم الجمعة لأكثريتها ثم تلا ذلك بما تشرع فيه الجماعة من النوافل فذكر العيدين، والوتر، والاستسقاء، والكسوف وأخره لاختصاصه بهيئة مخصوصة وهي زيادة الركوع، ثم تلاه بما فيه زيادة سجود فذكر سجود التلاوة؛ لأنه قد يقع في الصلاة، وكان إذا وقع اشتملت الصلاة على زيادة مخصوصة فتلاه بما يقع فيه نقص من عددها وهو قصر الصلاة.
ولما انقضى ما تشرع فيه الجماعة ذكر ما لا تستحب فيه وهو سائر التطوعات، ثم للصلاة بعد الشروع فيها شروط ثلاثة وهي ترك الكلام، وترك الأفعال الزائدة، وترك المفطر فترجم لذلك ثم بطلانها يختص بما وقع على وجه العمد فاقتضى ذلك ذكر أحكام السهو، ثم جميع ما تقدم يتعلق بالصلاة ذات الركوع والسجود فعقب ذلك بصلاة لا ركوع فيها ولا سجود وهي الجنازة هذا آخر ما ظهر لي من مناسبة ترتيب كتاب الصلاة من هذا الجامع الصحيح ولم يتعرض أحد من الشراح لذلك انتهى بحروفه.
ولا شبهة أن فرضية الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وقدم المصنف باب بيان كيفية فرضيتها؛ لأنها هي الأصل وغيرها عارض، وما بالذات / مقدم على ما بالصفات فقال كما في العيني، ولتوقف فعلها على معرفة الكيفية.