-
المقدمة
-
حديث سلمة: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار
-
حديث سلمة: كان جدار المسجد عند المنبر
-
حديث سلمة: فإني رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها
-
حديث سلمة: كنا نصلي مع النبي المغرب
-
حديث سلمة: أن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل
-
حديث سلمة: أمر النبي رجلاً من أسلم أن أذن في الناس
-
حديث سلمة: كنا جلوساً عند النبي إذ أتي بجنازة
-
حديث سلمة: أن النبي أتي بجنازة، ليصلي عليها
-
حديث سلمة: على ما توقد هذه النيران
-
حديث أنس: يا أنس كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ألا تبايع
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح.
-
حديث بسر: كان في عنفقته شعرات بيض
-
حديث سلمة: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة
-
حديث سلمة: غزوت مع النبي سبع غزوات
-
حديث أنس: كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: لما أمسوا يوم فتحوا خيبر أوقدوا
-
حديث سلمة: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة
-
حديث سلمة: أسمعنا يا عامر من هنيهاتك
-
حديث أنس: أن ابنة النضر لطمت جاريةً، فكسرت ثنيتها
-
حديث سلمة: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال
-
حديث أنس: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش
الحديثُ السادسُ عشرَ: /
من ثلاثياتِ الإمامِ البخاريِّ: هو ما أخرجهُ في كتابِ التفسيرِ في ((باب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى} [البقرة:178] ))فقال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) هو أبو عبدِ الله محمدُ بن عبدِ بن المثنى بن عبدِ اللهِ ابن المثنى بن عبدِ الله بن أنسِ بن مالكٍ ابن النَّضرِ، وسقطَ ابن عبدِ الله، لأبي ذرٍّ(قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، أَنَّ أَنَسًا) خادمُ رسولِ اللهِ صلعم، وقد تقدَّمَ بيانُ مناقِبِهِ، وبقيةُ رواةِ هذا الحديثِ العاشرِ (حَدَّثَهُمْ) أي الحاضرينَ عندهُ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم، قَالَ: كِتَابُ الله القِصَاصُ) برفعِهما على أن ((كتابَ الله)) مبتدأ، والقصاصُ خبرُهُ، ونَصَبَهُما على أن الأولَ إغراءٌ، والثاني بدلٌ منه، ونصبَ الأولَ ورفعَ الثاني على أنه مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ، أي اتَّبَعوا كتابَ اللهِ ففيه القصاصُ، والمعنى حكمُ كتابِ اللهِ القصاصُ، ففيه حذفُ مضافٍ، وهو يسيرُ إلى قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} وقوله: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:45].
قال القسطلانيُ: وهو ثلاثيُّ الإسنادِ مختصرٌ هنا، ساقَهُ مطوَّلًا في الصلح، وقال في ((الفتح)): والحديثُ الذي أشارَ إليهِ في سورةِ البقرةِ مختصرٌ من حديثٍ طويلٍ ساقَهُ البخاريُّ في الصلحِ بتمامهِ من طريقِ حُميدِ لنِ أنسٍ. انتهى.
قلتُ: فهذا الحديثُ هو المختصرُ الذي أشارَ إليه، وقد بيَّنَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في مقدمةِ فتحِ الباري سرَّ اختصارِهِ وتقطيعهِ للأحاديثِ، حيثُ قال: وأما تقطيعهُ الحديثَ في الأبوابِ تارةً واقتصارهُ منه على بعضهِ أُخرى؛ فذلك لأنه إن كان المتنُ قصيرًا أو مرتبطًا بعضهُ ببعضٍ، وقد اشتملَ على حكمينِ فصاعدًا فإنه يُعيدهُ بحسبِ ذلك مراعيًا مع ذلك / عدم إخلائه من فائدةٍ حديثيةٍ، وهي إيرادهُ له عن شيخٍ سوى الشيخِ الذي أخرجه [لأعنه] قبلَ ذلك، ويستفيدُ بذلك تكبيرَ الطرقِ لذلك الحديثِ، وربما ضاقَ عليهِ مخرجَ الحديثِ حيثُ لا يكون إلا طريقٌ واحدةٌ فيتصرفُ حينئذٍ فيه، فيورده في موضعٍ موصولًا، في موضعٍ معلقًا، ويوردهُ تارةً تامًا وتارةً مقتصرًا على طرفهِ الذي يحتاجُ إليه في ذلك البابِ، فإن كان المتنُ مشتملًا على جملةٍ متعددةٍ لا تعلُّقَ لأحدها بالأخرى، فإنه يُخرجُ كل جملةٍ منها في باب مستقبلٍ فرارًا من التطويلِ، وربما نشط فساقه بتمامه فهذا كله في التقطيعِ، وقد حكى بعضُ شرَّاحِ البخاريِّ أنه وقعَ في ابتداءِ ((الحجِّ)) في بعضِ النُّسخِ: بعد بابِ قصرِ الخطبةِ بعرفةَ (( بابِ التعجيلِ إلى الموقفِ))، قال أبو عبد [الله]: يزادُ في هذا البابِ حديثُ مالكٍ عن ابن شهابٍ: ولكني لا أريدُ أدخل فيه معاذا. انتهى.
وهو يقتضي أنه لا يعتمدُ أن يخرجَ في كتابهِ حديثًا مُعَادًا بجميعِ إسنادهِ ومتنهِ، وإن كان قد وقعَ له من ذلكَ شيءٌ فعن غير قصدٍ، وهو قليلٌ جدًا.
قلتُ: وقد روى مسلمٌ هذه القصةِ على وجهٍ آخر، فقال: عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ، أُمَّ حَارِثَةَ، جَرَحَتْ إِنْسَانًا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلعم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «الْقِصَاصَ، الْقِصَاصَ»، فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ وَاللهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا، [فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: «سُبْحَانَ اللهِ يَا أُمَّ الرُّبِيعِ، الْقِصَاصُ كِتَابُ اللهِ»، قَالَتْ: لَا، وَاللهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا] فَقَالَ: فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ».
هذه روايةُ سلمةَ، وخالفهُ البخاريُّ في روايتهِ، فقالَ: عن أنسِ بن مالكٍ: أَنَّ عَمَّتَهُ الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ وَطَلَبَوْا لَهَا العَفْوَ فَأَبَوُا، / فَأَتَوْا النبيَّ صلعم وَأَبَوْا القِصَاصَ، فَأَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم بِالقِصَاصِ، فقالَ أَنَسُ بْنُ النَّضِرِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ، لا، والذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله وسلم: كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ فَرَضِيَ القَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسولُ الله صلعم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ».
هذا لفظ رواية البخاري، قال النووي: قال العلماءُ: المعروفُ روايةُ البخاريِّ، ويحتملُ أنها قصتانِ، وأما الرُّبيعُ الجارحةُ في روايةِ البخاريِّ وأختُ الجارحةِ في روايةِ مسلمٍ، فهي بضمِّ الراءِ وفتحِ الباءِ وتشديدِ الياءِ وأمَّا أمُّ الرُّبيعِ الحالفةُ في روايةِ مسلمٍ فبفتحِ الراءِ وكسرِ الباءِ وتخفيفِ الياءِ. انتهى.
وقال في ((الفتحِ)): قلتُ: وجزمَ ابنُ حزمٍ بأنهما قصتانِ صحيحتانِ وَقعتا لامرأةٍ واحدةٍ، أحدهُما أنها جَرحتْ إنسانًا فقُضِيَ عليها بالضمانِ، والأخرى أنَّها كسرتْ ثَنيةَ جاريةٍ فقُضي عليها بالقصاصِ، وحلفت أمها في الأولى وأخوها في الثانية، وقال البيهقيُّ _بعد أن أوردَ الروايتينِ_: ظاهرُ الخبرينِ يدلُّ على أنهما قصتانِ، فإن قبلَ هذا الجمعُ وإلا فثابتٌ أحفظُ من حُميدٍ. قلتُ: في القصتينِ مغايراتٌ: منها: هل الجانيةُ الرُّبيعُ أو أختها، وهل الجنايةُ(1) كسرُ الثَّنيةِ أو الجراحةِ، وهل الحالفُ أمُّ الرُّبيعِ أو أخوهَا أنسُ بن النضرِ، وفي الحديثِ أن كل من وجبَ له القصاصُ في نفسٍ أو دونَها فعَفَى على مالٍ فرضوا به جازَ.
[1] في المخطوط: « الجانية ».