-
المقدمة
-
حديث سلمة: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار
-
حديث سلمة: كان جدار المسجد عند المنبر
-
حديث سلمة: فإني رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها
-
حديث سلمة: كنا نصلي مع النبي المغرب
-
حديث سلمة: أن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل
-
حديث سلمة: أمر النبي رجلاً من أسلم أن أذن في الناس
-
حديث سلمة: كنا جلوساً عند النبي إذ أتي بجنازة
-
حديث سلمة: أن النبي أتي بجنازة، ليصلي عليها
-
حديث سلمة: على ما توقد هذه النيران
-
حديث أنس: يا أنس كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ألا تبايع
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح.
-
حديث بسر: كان في عنفقته شعرات بيض
-
حديث سلمة: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة
-
حديث سلمة: غزوت مع النبي سبع غزوات
-
حديث أنس: كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: لما أمسوا يوم فتحوا خيبر أوقدوا
-
حديث سلمة: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة
-
حديث سلمة: أسمعنا يا عامر من هنيهاتك
-
حديث أنس: أن ابنة النضر لطمت جاريةً، فكسرت ثنيتها
-
حديث سلمة: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال
-
حديث أنس: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش
الحديثُ الثانِي والعشرونَ:
من ثلاثياتِ الإمام البخاريِّ: هو ما أخرجهُ في كتابِ التَّوحيدِ، في ((باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} [هود:7])).
وقال القسطلانيُّ: وفيه دليلٌ على أنَّ العرشَ والماءَ كانا مخلوقينِ قبلَ خَلْقِ السماواتِ والأرضِ.
ثم قال نقلًا عن ((المدارك)): إنَّ الله خلقَ ياقوتةً خضراءَ فنظر إليها بالهَيْبَةِ فصارتْ ماءً، ثم خلقَ ريحًا فأقرَّ الماءَ على متنهِ ثم وضعَ عرشهُ على الماءِ.
قال: وفي وقوفِ العرشِ على الماءِ أعظمُ اعتبارٍ لأهلِ الأفكارِ.
فقال: (حَدَّثَنَا خَلَّادُ) بفتحِ الخاءِ المعجمةِ وتشديدِ اللامِ (بْنُ يحيى(1) السُّلَمِيُّ) بضمِّ السينِ وفتحِ اللامِ، أبو محمدٍ الكوفيُّ، نزيلُ مكةَ، صدوقٌ من كبار شيوخ البخاريِّ.
سمع مسعرًا والثوريَّ وإبراهيمَ بن نافعِ [ومالك] بن مغول ونافعَ بن عمرَ وعيسى بنَ طهمانَ وعبدَ الواحدِ بن أيمنَ.
روى عنهُ البخاريُّ في الغُسْلِ [خ¦277] والصلاةِ [خ¦443] والذبائحِ [خ¦5510] والتوحيدِ [خ¦7421] ومواضعٍ.
ماتَ بمكةَ قريبًا من سنةِ ثلاثة عشر ومائتينِ.
(قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ) بفتحِ الطاءِ وسكونِ الهاءِ، الجُشَمِيُّ، بضمِّ الجيمِ وفتحِ المُعجمةِ: أبو بكر البصريُّ، نزيلُ الكوفةِ، صدوقٌ.
سمعَ أنسَ بن مالكٍ وثابتًا البناني والمساورَ مولى أبي بُرْزَةَ الأسلميِّ وأبا صادقٍ الأزديَّ، روى عنه أحمدُ الزُّبَيْرِيُّ وعبدُ اللهِ بن المباركِ ووكيعُ بن الجرَّاحِ وخلادٌ في التوحيدِ [خ¦7421] واللباسِ [خ¦5858].
قال عبدُ اللهِ بن أحمدَ بن حنبلٍ عن أبيهِ: شيخٌ ثقةٌ.
(قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺) وقد تقدمَ بيانُ مناقبِهِ وتاريخُ وفاتِهِ، أعادَ الله علينا من نفحاتهِ وبركاتهِ.
(يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب:53] (فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) / ☻ (وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا) أي على وليمتها (يَوْمَئِذٍ) الناسَ (خُبْزًا وَلَحْمًا) كثيرًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صلعم، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ الله) ╡ (أَنْكَحَنِيْ) به صلعم (فِي السَّمَاءِ) حيثُ قال: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب:37] وذاتُ اللهِ تعالى منزَّهَةٌ عن المكانِ والجهةِ، والمرادُ بقولها: في السماءِ، الإشارةُ إلى علوِّ الذاتِ والصفاتِ، وليس كذلكَ باعتبار أن محلهُ تعالى في السماءِ، تعالى الله عن ذلكَ علوًا كبيرًا.
وعن ابن سعدٍ، عن أنسٍ: قالتْ زينبُ: يا رسولَ الله لستُ كأحدٍ من نسائِكَ، ليستْ منهنَّ امرأةٌ إلا زوجَها أبوها أو أخوها أو أهلُها.
ومن حديثِ أمِّ سلمةَ، قالت زينبُ: ما أنا كأحدٍ من نساءِ النبي صلعم: إنَّهُنَّ زُوِّجْنَ بِالمُهُوْرِ وَزَوَّجَهُنَّ الآبَاءُ، وَأَنَا زَوَّجَنِي اللهُ وَرَسُوْلُهُ، وأُنْزِلَ فيَّ الكِتَابُ.
وفي مرسلِ الشَّعبيِّ مما أخرجهُ الطبرانيُّ وأبو القاسم الطَّلحِيِّ في كتاب ((الحجة والبيانِ))، قال: كَانَتْ زَيْنَبُ تَقُوْلُ للنبيِّ صلعم: أنَا أَعْظَمُ نِسَائِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، أَنَا خَيْرُهُنَّ مَنْكَحًا وَأَكْرَمُهُنَّ سَفِيْرًا وَأَقْرَبُهُنَّ رَحِمًا، زَوَّجَنِيْكَ الرَّحْمَنُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، وَكَانَ جِبْرِيْلُ هُوَ السَّفِيْرُ بِذَلِكَ، وأنا ابنةُ عمَّتِكَ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ نِسَائكَ قريبةُ غيري.(2)
روى البخاريُّ عن أنسٍ قالَ: قالَ عمرُ: قُلْتُ يَا رَسُوْلَ الله يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فلو أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ بِالحِجَابِ، فأنزلَ اللهُ ╡ آيةَ الحجابِ [خ¦4790].
وروى البخاريُّ أيضًا [خ¦4793] عن أنسٍ ☺ قالَ: بَنَى النبيُّ صلعم على زينبَ [بنتِ] جحشٍ بخبزٍ ولحمٍ، فأرسلتْ على طعامٍ داعيًا، فيجيء قومٌ يأكلونَ / ويخرجونَ... فدعوتُ حتى ما أجدُ أحدًا أدعو، فقلتُ: يا نبيَ اللهِ ما أجدُ أحدًا أدعوهُ، فقالَ: «ارْفَعُوْا طَعَامَكُمْ» وبقيَ ثلاثةُ رهطٍ يتحدثونَ في البيتِ، فخرجَ النبيُّ صلعم، فانطلقَ إلى حجرةِ عائشةَ فقالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ»، فقالتْ: وعليكَ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، كيفَ وجدتَ أهلكَ باركَ اللهُ لكَ؟.
فَتَقَرَّى حُجَرَ نسائهِ كُلَّهُنَّ، يقولُ لهنَّ كما يقولُ لعائشةَ، ويقلنَ لهُ كما قالتْ عائشةُ، ثم رجعَ النبيُّ صلعم فإذا رهطٌ ثلاثةٌ [في البيت] يتحدثونَ، فكانَ النبيُّ صلعم شديدَ الحياءِ، فخرجَ مُنطلقًا نحو حجرةِ عائشةَ، فما أدري أخبرَته أو أُخْبِرَ أن القومَ خرجوا فرجعَ، حتى إذا وضعَ رجلهُ في أُسْكُفَّةِ البابِ داخلةً، وأخرى خارجةً أرخَى السِّتْرَ بيني وبينهُ، وأنزلتْ آيةُ الحجابِ.
قال في ((الفتح)): قوله: ((فَتَقَرَّى))، بفتحِ الفوقيةِ والقافِ وتشديدِ الراءِ، مقصورةٌ من غير همزةٍ، بصيغةِ الماضِي، أي تَتَبَّعَ الحجرات واحدةً واحدةً، يقال قريتُ الأرضَ إذا تتبعتها أرض بعد أرضٍ وناسًا بعد ناسٍ.
وأخرجَ ابنُ أبي حاتمٍ عن السُّدِّيِّ في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} الآية [الأحزاب:37]: قد بَلَغَنَا أن هذه الآيةَ نزلتْ في زينبَ بنتِ (جحشٍ)(3) وكانت أمها ميمونةُ بنتُ عبدِ المطَّلبِ عمَّةُ رسولِ الله صلعم، فأرادَ أنْ يزوِّجَها زيدَ بن حارثةَ، فَكَرِهَتْ ذلكَ، ثم إنها رضيتْ بما صنعَ رسولُ الله عليه وسلم فزوَّجَها إياهُ، ثم أعلمَ اللهُ نبيَهُ صلعم بَعْدُ أنها من أزواجِهِ، فكان يستحييِّ أن يأمرَ زيدَ بن حارثةَ بطلاقِها، وكان لا يزالُ يكونُ بين زيدٍ وزينبَ بعضَ / ما يكونُ بين الناسِ، فيأمرُهُ رسولُ اللهِ صلعم أن يُمسكَ عليهِ زوجَهُ وأن يتَّقِ اللهَ، وكانَ يخشى الناسَ أن يعتبوا عليهِ أن يقولوا تزوَّجَ امرأةَ ابنِهِ، وكانَ رسولُ الله صلعم قد تبنَّى زيدًا.
وعندهُ عن عليِّ بن الحسينِ بن عليٍّ ♥: أعلمَ اللهُ نبيَّهُ أنَّ زينبَ ستكونُ من أزواجِهِ قبلَ أن يتزوجَها، فلما أتاهُ زيدٌ يشكوهَا إليهِ، وقالَ لهُ: اتَّقِ اللهَ وأمسكْ عليكَ زوجكَ، قالَ اللهُ: قد أخبرتُكَ إنِّي مُزَوِّجُكَهَا وتُخفي في نفسكَ ما اللهُ مُبديهِ.
قال في ((الفتح)): والحاصلُ أنَّ الذي كان يخفيهِ النبيُّ صلعم هو إخبارُ اللهِ إيَّاهُ أنها ستصيرُ زوجتَهُ، والذي كان يحملهُ على إخفاءِ ذلك خشيةَ قولِ الناسِ تزوَّجَ امرأةَ ابنهِ، وأرادَ اللهُ إبطالَ ما كانَ أهلُ الجاهليةِ عليهِ من أحكامِ التَّبَنِّي بأمرٍ لا أبلغَ في الإبطالِ منهُ وهو تزوجُ امرأةِ الذي يُدْعَى ابنًا، ووقوعُ ذلكَ من إمامِ المسلمينَ ليكونَ أدعى لقبولِهم، وإنما وقعَ الخبطُ في تأويلِ مُتَعَلَّقِ الخشيةِ.
قال: ووردت(4) آثارٌ أُخرى أخرجَها ابنُ أبي حاتمٍ والطبريِّ ونقلَها كثيرٌ من المفسرينَ لا ينبغي التشاغلُ بها، والذي أوردتُهُ منها هو المعتمدُ.
وقالَ القسطلانيُّ في بيان قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْه} [الأحزاب:37](5) أي: بنعمةِ الإسلامِ وهي أجلُّ النِّعمِ، وأنعمتُ عليهِ أي بالإعتاقِ بتوفيقِ اللهِ لكَ، وهو زيدُ بن حارثةَ الكلبيُّ، وكانَ من سبي(6) الجاهليةِ فملكَهُ رسولُ اللهِ صلعم قبلَ البعثةِ، وأعتقَهُ وتبنَّاهُ وخطبَ له زينبَ فأبَتْ هي وأخوهَا عبدُ الله، ثم رضيا لما نزلَ قولُ اللهِ تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} الآية [الأحزاب:36]، وكانَ الرجلُ في الجاهليةِ وصدرٍ من الإسلامِ إذا تَبَنَّى ولدَ غيرِهِ / يدعوهُ الناسُ ويرثُ ميراثَهُ وتحرمُ عليهِ زوجتُهُ، فنسخَ اللهُ تعالى التَّبني بقولهِ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب:5] بهذهِ القصةِ ليثبتَ الحكمَ بالفعلِ، فأوحى الله تعالى بالفعلِ أن زيدًا سيُطَلِّقُهَا وأنه ◙ يتزوجُهَا، وألقى في قلبِ زيدٍ كراهَتها، فأرادَ فراقَها فأتى رسولَ الله صلعم، فقال: إني أريدُ أن أفارقَ صاحبتَي، قال: مالكَ أرابكَ منها شيءٌ؟ قال: لا والله يا رسول الله، ما رأيتُ منها إلا خيرًا ولكنها تتعظَّمُ عليَّ شرفَها وتؤذيني بلسانِها، فقال له النبي صلعم: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ» أي في أمرِها فلا تطلقْها ضررًا وفعلًا {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} ولم يبقَ فيها حاجةٌ وطلَّقَها وانقضت عدتُها زوجَكها الله تعالى، كما قال الله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب:37] والمعنى أنه أمرٌ بتزويجِهَا منهُ، وجعلها زوجتَهُ بلا واسطةِ عقدٍ، ويؤيدهُ أنها كانت تقولُ لسائرِ نساءِ النبيِّ صلعم أنَّ الله تعالى تولَّى نكاحِي وأنتن زَوَّجَكُنَّ أولياؤكُنَّ.
وقيل: إنَّ زيدًا كان السفيرَ للتزويجِ وفي ذلكَ لزيدٍ ابتلاءٌ عظيمٌ وشاهدٌ على قوةِ إيمانِهِ.
وقد عللَ تعالى تزويجَهُ إيَّاها بقولهِ تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِم} [الأحزاب:37] أي أن يتزوجوا زوجاتِ من كانوا يتبنُّوْنَهُ إذا فارقوهُنَّ، وأن هؤلاءِ الزوجاتِ ليست داخلاتٍ في ما حرَّمَ في قوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُم} [النساء:23].
وأما قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب:37] فمعناه: علمُكَ أنه سيطلقها فعاتبهُ الله على هذا القدرِ في شيءٍ إباحةً بأن قال: أمسكْ عليكَ، مع علمِهِ أنه يُطَلِّقُ، وهذا مرويٌّ عن عليِّ بن الحسينِ وعليه أهلُ التحقيقِ من المفسرينَ كالزُّهريِّ وبكرِ بن العلاءِ / والقاضي أبو بكرِ بن العربي وغيرهم.
فالمراد بقوله: {وَتَخْشَى النَّاسَ} [الأحزاب:37] إنما هو إرجافُ المنافقينَ في تزويجِ نساءِ الأبناءِ، والنبيُّ صلعم معصومٌ في الحركاتِ والسكناتِ، ولبعضِ المفسرينَ كلامٌ هُنا، كلامٌ لا يليقُ بمنصبِ النُّبُوةِ.
وقيل: قوله: {واتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب:37] خطابٌ من اللهَ تعالى أو من الرسولِ ╕ لزيدٍ؛ فإنه أخفى الميلَ إليها وأظهرَ الرغبةَ عنها لما توهَّمَ أن رسولَ الله صلعم يريدُ أن تكونَ من نسائِهِ.
قالَ جارُ اللهِ: وكم من شيءٍ مُباحٍ ويتحفَّظُ الإنسانُ منهُ ويستحيي من إطلاعِ الناسِ عليهِ، وهو مباحٌ، فطموحُ قلبِ الإنسانِ إلى بعضِ مُشتهياتِهِ من إمرأةٍ أو غيرِهَا، غيرُ موصوفٍ بالقبحِ في العقلِ ولا في الشَّرعِ، وتناول المباحِ بالطريقِ الشرعيِّ ليس بقبيحٍ أيضًا.
وهو خطبةُ زينبَ ونكاحُهَا من غيرِ استنزالِ زيدٍ عنها ولا طلبٍ إليه، ولم يكن مُستَكرهًا عندهم أن ينزلَ منهم عن امرأتهِ لصديقهِ ولا مُستهجنًا إذا نزلَ عنها أن ينكحَها آخرُ، فإن المهاجرينَ حين دخلوا المدينةَ واستهمَ الأنصارُ بكلِّ شيءٍ حتى إن الرجلَ منهم إذا كانت له امرأتانِ نزلَ عن إحداهما وأنكحَها المهاجرين، فإذا كانَ الأمر مباحًا من جميعِ جهاتهِ لم يكن فيه وجهٌ من وجوهِ القُبْحِ، انتهى.
وقالَ القاضي عياضٌ في ((الشفا)): واعلم أكرمكَ اللهُ ولا تَسْتَرِبْ في تنزيهِ النبيِّ صلعم عن هذا الظاهرِ، وأن يأمرَ زيدًا بإمساكِها وهو يحبُّ تطليقَهُ إياها كما ذُكِرَ عن جماعةٍ من المفسرينَ، ثم نقلَ القشيريُّ قوله: وهذا إقدامٌ عظيمٌ من قائلهِ، وقلةُ معرفةٍ بحقِّ / النبيِّ صلعم وفضلِهِ. انتهى.
ختمَ اللهُ أعمالَنَا على دينهِ وصلتِهِ، وبلَّغَ آمالَنا إلى نيلِ شفاعتِهِ، وشرحَ صدورَنَا بمعرفةِ حديثهِ وكلامهِ، ويسَّرَ لنا العملَ بما فيهِ من بدايته إلى اختتامِهِ، والحمدُ للهِ الذي بعزتِهِ وجلالهِ تتمُّ الصالحاتُ، والصلاةُ والسلامُ على حبيبهِ محمدٍ الذي بقربِ الإسنادِ إليهِ نرتجي الطلباتِ، وعلى آلهِ وأصحابهِ الذين بالتَّوَسُّلِ بهم ترتفعُ الدرجاتُ، وعلى المقتبسينِ منهم أنوارَ الحديثِ الموصلِ إلى أعلى الغاياتِ.
وهُنا آخرُ ما قصدتُهُ من شرحِ الثلاثياتِ، فاللهِ الحمدُ على إتمامِهِ في أفضلِ البقعاتِ، وكان ذلكَ في ثاني ذي القعدةِ الحرامِ، سنة ثلاثٍ بعدَ الألفِ، ووافقَ حسنُ الختامِ، وعلى الله القبولُ والإيجابُ، وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.(7) /
[1] في المخطوط: « بن صفوان».
[2] في المخطوط: « غيرك »، ، وهو خطأ، وأثبت الصواب.
[3] في المخطوط: « وحش »، وهو خطأ.
[4] في المخطوط: « وورت »، وهو خطأ.
[5] في المخطوط: « تقول »، وهو خطأ بدليل الآية.
[6] في المخطوط: « سني »، وهو خطأ.
[7] في آخر المخطوط: ووافقَ الفراغُ من كَتْبِهِ صباحَ يومَ السبتِ تاسعَ عشرَ شهر رمضان المعظم قَدْرُهُ، سنةَ 1017، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبهِ وسَلم.
بلغ مقابلة على الأم المنسوخ منها على حسب الطاقة والإمكان، يسر الله مقابلة أخرى على نسخة أخرى وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .