░░2▒▒ كتاب الإيمان
بدأ البخاريُّ بعد مقدِّمة الكتاب بذكر كتاب (الإيمان)، ثمَّ بكتاب (الصلاة)، فسوابقها من الطهارة بالترتيب الذي رتَّبه صلعم في الحديث، وقدَّم الإيمان؛ لأنَّه ملاك الأمر كلِّه وأصلُه، ثمَّ الصلاة؛ لأنَّها عماد الدين، ثمَّ الزكاة؛ لكونها قرينة الصلاة، أو لأنَّها قنطرة الإسلام، أو لاعتناء الشارع بها؛ لذكرها أكثر من ذكر غيرها من الصوم والحجِّ، أو لشمولها المكلَّفَ وغيرَه؛ كما هو مذهب أكثر العلماء، ثمَّ الحجَّ؛ للتغليظات الواردة فيه، ولعدم سقوطه بالبدل؛ لوجوب الإتيان به؛ إمَّا مباشرة، وإما استنابة؛ بخلاف الصوم، وإنَّما توسَّط كتاب (العلم) بين (الإيمان) و(الصلاة)؛ لأنَّ الإيمان أفضل الأمور على الإطلاق، وأمَّا تقديم كتاب (الوحي)؛ فلتوقُّف معرفة الإيمان وجميع ما يتعلَّق بالدين عليه، انتهى
وقال بعضهم: وفي بعض الروايات جاء الصوم مقدَّمًا على الحجِّ، وعليه وضع الكتب الفقهيَّة؛ وذلك لأنَّ الصوم يتكرَّر كلَّ سنة؛ بخلاف الحجِّ، لكنَّ البخاريَّ قدَّم رواية تقديم الحجِّ.
فائدة: قال الزمخشريُّ: إنَّما بوَّب المصنِّفون في كتبهم أبوابًا موشَّحة الصدور بالتراجم؛ لأنَّ القارئ إذا ختم بابًا من الكتاب ثمَّ أخذ في آخر؛ كان أنشطَ له وأبعثَ على الدرس والتحصيل؛ بخلاف ما لو استمرَّ على الكتاب بطوله، ومثله المسافر إذا علم أنَّه قطع ميلًا، أو طوى فرسخًا، أو انتهى إلى رأس بريد؛ نفَّس ذلك عنه ونشط للمسير، ومن ثَمَّ كان القرآن سورًا وجزَّأه القرَّاء.