░░3▒▒ (كِتَابُ الْعِلْم)
حديث: «أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ _وفي لفظٍ: «أَنَا دَارُ العِلْمِ»_ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» منكرٌ، قالَه الترمذيُّ.
ابتَدأ البُخَاريُّ بآياتٍ منَ الكتابِ العزيزِ للتَّبرُّكِ، قال ابْنُ مَسْعُودٍ ☺ : (مدحَ اللهُ تعالى العلماءَ في هذه الآية)؛ أي: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَأُوتُوا الْعِلْمَ عَلَى الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُؤْتَوهُ دَرَجَاتٍ في دِينِهِم؛ أي: وفِي الآخَرَةِ إذَا فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، وقيل: يَرْفَعُهُم في الثوَابِ والكَرَامَةِ.
وقدَّم هذا الكتابَ على مَا بَعْدَهُ؛ لأنَّ مدارَ تلك الكُتُبِ كلِّها على العِلم، وقدَّم الإيمان؛ لأنَّه أوَّل واجبٍ على المكلَّف، أو لأنَّه أفضلُ الأمورِ على الإطلاقِ وأشرفُها، وكيف لا وهو مبدأُ كلِّ خيرٍ عِلمًا وعَملًا، ومنشَأُ كلِّ كَمال دِقًّا وجِلًّا؟ وقدَّم (كتاب الوَحْيِ)؛ لِتَوَقُّفِ معرفةِ الإيمان وجميعِ مَا يتعلَّقُ بالدِّين عليه، أو لأنَّه أوَّلُ خَبَرٍ نَزَلَ من السماء إلى هذه الأُمَّة.
فائدة: مَا اشْتُهِرَ مِن قولهِ ◙ : (عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ) لم يُعْرَف له مُخَرِّجٌ، ولم يُوجَد في كتابٍ مُعْتَمَدٍ.
فائدةٌ: روَى الأُصُوليُّون والفُقَهاء أنَّ النبيَّ صلعم قال: «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَة» ولَا يُعْرَف مَن خَرَّجَهُ، وإنَّما نقلَه ابن الأثِير في مقدِّمة «جَامِعِهِ» مِن قولِ مالكٍ، وفي «المَدْخَل» للبَيهقِيِّ: عن القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أنَّه قال: (اخْتِلَافُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ رَحْمَة)، وقال الحافظ العِرَاقِيُّ: (حديث: «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَة» : البَيهَقيُّ في «المَدْخَل» من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ بلفظِ: «أَصْحَابِي»، وروَاه آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ في كتاب «العلم والحكم» بلفظ: «اخْتِلَافُ أَصْحَابِي لأُمَّتِي رَحْمَة»، وهو مُرْسَلٌ ضعِيف، وذَكَره البَيهَقيُّ في «رسالته الأَشْعَريَّة» بهذا اللفظِ بغيرِ إسنادٍ) انتهى. /
واختلفُوا في معناهُ على قولَين؛ أحدُهما: أنَّه الاختلافُ في الأحكامِ النازِلَة في الحِرَفِ والصنَائِعِ، وقد استَشْكَلَ هذا التفسير الأَذْرَعِيُّ، وسَأَلَ عن هذا الحديثِ الحافظَ تَقِيَّ الدينِ السُّبْكِيِّ، فأجابَ بجوابٍ في «الحَلَبِيَّات».
فائدةٌ: في «مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى» عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☻ أنَّ النبيَّ صلعم قال: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، وفي ذلك تأويلَان؛ أحُدهما: عِلْمُ ما لا يَسَعُهُ جَهْلُهُ مِنَ العباداتِ، والثاني: جُمْلَةُ العلم إذا لم يَقُمْ بِطَلَبِهِ مَن فيه كِفَايَة، وفي «مُسْلِمٍ»: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ؛ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، ونَقَلَ القاضي حُسين في أوَّل «تَعْلِيقِهِ» أنَّه رُوِيَ عن النبيِّ صلعم أنَّه قال: «مَنْ أَحَبَّ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ؛ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ أَيَّامَ حَيَاتِهِ».