مزيد فتح الباري بشرح البخاري

باب إمامة المفتون والمبتدع

          ░56▒ (بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)
          أي: هذا بابٌ في بيان حُكم إمامة المفتون، وهو من فُتِن الرجل فهو مفتون إذا ذهب مالُه وعقلُه، والفاتن: المضِلُّ عن الحق، فالمفتونُ المضَلُّ بفتح الضاد، هكذا فسره الكِرماني. وقال شيخنا: أي: الذي دخل في الفتنة فخرج على الإمام، ومنهم من فسره بما هو أعمُّ من ذلك. قال العيني: هذا التفسير لا ينطبق إلا على الفاتن؛ لأن الذي يدخل في الفتنة ويخرج على الإمام هو الفاعل. وكان ينبغي للبخاريِّ أن يقول: باب إمامة الفاتن. انتهى. قلت: هو باعتبار / إسناد الفعل إليه فاتنٌ، وباعتبار إسناد الفعل إلى الفاعل الحقيقيِّ مفتونٌ، وبالاعتبار الثاني ركَّبَ المصنف. انتهى.
          قوله: (وَالمُبْتَدِعِ) وهو الذي يرتكب البدعة، والبدعةُ لغةً: كل شيء عُمل على غير مثالٍ سابقٍ، وشرعًا: إحداث ما لم يكن له أصلٌ في عهد رسول الله صلعم. وهي على قسمين: بدعةٌ ضلالةٌ وهي التي ذكرنا، وبدعةٌ حسنةٌ وهي: ما رآه المؤمنون حسنًا ولا يكون مخالفًا للكتاب أو السنة أو الأثر أو الإجماع. قال شيخنا: المبتدع من اعتقد شيئًا مما يخالف أهل السنة والجماعة، والمرادُ هنا: البدعة الضلالة.
          قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ) أي: البصري، ترجمته في باب {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا } في كتاب الإيمان.
          قوله: (صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ) أي: إثم بدعته، هذا التعليق وصله سعيد بن منصور عن ابن المبارك عن هشام بن حسان: أن الحسن سُئل عن الصلاة خلف صاحب بدعةٍ فقال: صل خلفَه وعليه بدعتُه.