- المقدمة
- كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
- كتاب الإيمان
- كتاب العلم
- كتاب الوضوء
- كتاب الغسل
- كتاب الحيض
- باب التيمم
- كتاب الصلاة
- →كتاب مواقيت الصلاة←
- →كتاب الأذان←
- باب فرض الجمعة
- باب صلاة الخوف
- باب في العيدين وتجمل فيه
- باب ما جاء في الوتر
- كتاب الاستسقاء
- باب الصلاة في الكسوف الشمس
- باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
- أبواب تقصير الصلاة
- باب التهجد بالليل
- باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
- باب استعانة اليد في الصلاة
- باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
- كتاب الجنائز
- باب وجوب الزكاة
- فرض صدقة الفطر
- كتاب الحج
- أبواب العمرة
- باب المحصر وجزاء الصيد
- باب جزاء الصيد
- فضائل المدينة
- كتاب الصوم
- كتاب صلاة التراويح
- أبواب الاعتكاف
- كتاب البيوع
- كتاب السلم
- كتاب الشفعة
- كتاب الإجارات
- كتاب الحوالة
- كتاب الكفالة
- كتاب الوكالة
- كتاب المزارعة
- باب في الشرب
- كتاب الاستقراض
- باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
- باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
- كتاب المظالم والغضب
- كتاب الشركة
- كتاب الرهن
- كتاب العتق
- كتاب المكاتب
- كتاب الهبة
- كتاب العارية
- كتاب الشهادات
- كتاب الصلح
- كتاب الشروط
- كتاب الوصايا
- كتاب الجهاد والسير
- كتاب الخمس
- كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
- كتاب بدء الخلق
- كتاب الأنبياء
- كتاب المناقب
- باب فضائل أصحاب النبي
- باب مناقب الانصار
- كتاب المغازي
- كتاب التفسير
- كتاب فضائل القرآن
- كتاب النكاح
- كتاب الرضاع
- كتاب الطلاق
- كتاب النفقات
- كتاب الأطعمة
- كتاب العقيقة
- كتاب الذبائح والصيد
- كتاب الأضاحي
- كتاب الأشربة
- [كتاب المرضى]
- كتاب الطب
- كتاب اللباس
- كتاب الأدب
- كتاب الاستئذان
- كتاب الدعوات
- [كتاب الرقاق]
- [كتاب القدر]
- كتاب الأيمان والنذور
- باب كفارات الأيمان
- كتاب الفرائض
- كتاب الحدود
- كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
- كتاب الديات
- كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
- كتاب الإكراه
- كتاب الحيل
- كتاب التعبير
- كتاب الفتن
- كتاب الأحكام
- كتاب التمني
- كتاب أخبار الآحاد
- كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
- كتاب التوحيد
░░61▒▒ كِتَابُ الْمَنَاقِبِ
░1▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]، وَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1] وَمَا يُنْهَى مِن دَعْوَى الجَاهليَّةِ.
الشُّعُوبُ: النَّسَبُ البَعِيدُ، والقَبَائلُ: دُونَ ذَلِكَ).
3489- ثمَّ ساق مِن حديث سَعِيدِ بن جُبَيرٍ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} [الحجرات:13] قَالَ: الشُّعُوبُ: الْقَبَائِلُ العِظَامُ، والقَبَائِلُ: البُطُون).
الشرح: ما ذكره مِنْ أنَّ الشُّعُوب النَّسَبُ البعيدُ يريد مثل مُضَرَ ورَبِيْعَةَ، هذا قول مجاهدٍ والضَّحَّاك، وواحد الشُّعُوب شَعْب بفتح الشِّين مثل كَعْبٍ كما قاله في «الموعَب»، وعن ابن الكلبيِّ بالكسر، وقال الهَجَريُّ في «نوادره»: لم يُسمع ذلك فصيحًا، وما ذكره عن ابن عبَّاسٍ ☻ في القبائل أنَّها البُطُون ذُكِرَ عنه أيضًا أنَّها الأفخاذُ. والذي ذكره أهل اللُّغة أنَّ الشُّعُوب مثلُ مُضَرَ ورَبِيْعَةَ، والقبائل دونَ ذلك مثل قُرَيْش وتميمٍ واحدتها قبيلةٌ، ثمَّ العَمَائِر واحدتها عِمَارة، ثمَّ البُطُون واحدتها بَطْن، ثمَّ الأفخاذ واحدها فَخْـِـذ _سكَّنَ خاءَه ابن فارسٍ وكسرها غيره_ ثمَّ الفَصَائِل واحدتها فَصِيلةٌ، ثمَّ العَشَائر واحدتها عَشِيرة، وليس بعد العَشِيرة حَيٌّ يُوصف.
وقد أسلفنا عن الجَوَّانِي أنَّه قسَّم العرب إلى عشر طبقاتٍ، فبدأ بالجِذْم ثمَّ الجمهور ثمَّ الشَّعْب ثمَّ القبيلة ثمَّ العِمَارة ثمَّ البطن ثمَّ الفخذ ثمَّ العشيرة ثمَّ الفَصِيلة ثمَّ الرَّهْط، وقال ابن خَالَوَيه في كتاب «ليس»: الغاز دون الجِذْم وفوق الشَّعْب، وفي «الكامل» للمُبرِّد: الغازي بزايٍ مكسورةٍ، وذكر بعضُهم بعد العشيرة الذُّريَّة والعِتْرَة والأُسرَة، قال صاحب «المنتهى»: الشَّعب ما تشعَّبَ مِن قبائل العربِ والعجمِ، والشُّعُوب الأمم المختلفة، فالعربُ شعبٌ وفارسُ شعبٌ والرُّوم شعبٌ والتُّركُ شعبٌ، وفي الحديث: ((أنَّ رَجَلًا مِن الشُّعُوب أسلَمَ)) يعني: مِن العجم، وعن الزُّبَيْر بن بكَّارٍ: القبائل ثمَّ الشُّعُوب ثمَّ البُطُون ثمَّ الأفخاذ ثمَّ الفَصَائِل، وفي «المحكم»: الشَّعْبُ: هو القبيلة نفسُها، وقد غلبت الشُّعُوب بلفظ الجمع على جيل العجم.
وقال الأَزْهَريُّ في «تهذيبه»: أُخِذت القبائل مِن قبائل الرأس لاجتماعها، وقال الجَوْهَريُّ: قبائل الرَّأس هي القِطع المَشْعوب بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ تَصِلُ بها الشُّؤون، وقال الزَّجَّاجُ: القَبيلة مِنْ وَلَدِ إِسماعيلَ كالسِّبْط مِنْ وَلَدِ إِسحاقَ سُمُّوا بِذَلِكَ ليُفرَّق بَيْنَهُمَا، وَمَعْنَى القَبيلةِ مِن ولد إسماعيلَ معنى الجماعة، يُقال لكلِّ جماعةٍ مِن واحدٍ: قبيلة، وَيُقَالُ لِكُلِّ جَمْعٍ عَلَى شَيْءٍ واحدٍ: قَبِيل، أُخِذ مِن قبائل الشَّجرة وهو أغصانها. وذكر ابن الهبَّاريَّة في كتابه «فلك المعاني» أنَّ القبائلَ مِن ولد عدنانَ مائتان وسبعٌ وأربعون قبيلةً، والبُطُون مِن ولده مئتان وأربعة وأربعون بطنًا، والأفخاذ خمسة عشر فخذًا غير أولاد أبي طالبٍ.
فَصْلٌ: وقوله: ({لِتَعَارَفُوا}) قال مجاهدٌ: لِيُقال فلانُ ابنُ فلانٍ، وقرأ ابن عبَّاسٍ: لتعرفوا أنَّ، وأنكره بعضُ أهل اللُّغة، قال: لأنَّه خَلَقَهم ليتعارفوا في الأنساب، ولم يخلقهم ليعرفوا أنَّ أكرمَهم عند الله أتقاهم، وقيل: يجوز أن يكون معناه لأنَّ أكرمكم، وكَسْرُ (إنَّ) أحسَن لأنَّ الكلام تمَّ، ثمَّ أعلَمَهم بأرفعهم منزلةً عنده، فقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] كما رُويَ: ((إذا كانَ يومُ القيامةِ واستوى النَّاسُ في صَعيدٍ واحدٍ نادى منادٍ مِنْ قِبَل العرش لَيَعْلَمَنَّ اليومَ أهلُ الموقفِ مَن أَولَى بالكرم، ليقُم الْمُتَّقُون))، ثمَّ تلا رسول الله صلعم هذهِ الآية.
فَصْلٌ: وقوله تعالى: ({تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ}) [النساء:1] قال عِكْرِمَةُ: المعنى واتَّقُوا الأرحام أن تقطعوها، وقال إبراهيمُ: هو مِن قولك أسألك بالله وبالرَّحِم، وهذا على قراءة الخفض، وأُنكر لأنَّه عطفٌ على الخافض مِن غير إعادة حرف الجر، وقيل: هو قَسَمٌ. و({رَقِيبًا}): حافظًا.
وقوله: (وَمَا يُنْهَى عَنْه مِن دَعْوَى الجَاهِلِيَّة) سيأتي قريبًا له بابٌ مَعْقُودٌ.
ثمَّ ذكر البخاريُّ في الباب خمسةَ أحاديثَ:
3490- أحدها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُم، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ؟ قَالَ:فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ)، وقد سلف.
والنَّبيُّ صلعم أتقى النَّاس، ويوسف نبيٌّ رسولٌ صِدِّيقٌ، وإبراهيم نبيٌّ رسولٌ خليلٌ، وإسحاق ويعقوب نبيَّانِ، فهم أربعة أنبياءٍ في نسقٍ لا يُعلم أربعةٌ في نسقٍ غيرُهم، نبَّه عليه ابن التِّين.
3491- الحديث الثاني: حديث كُلَيبِ بن وَائِلٍ: (حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صلعم زَيْنَبُ بنت أَّبِي سَلَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ النَّبِيَّ صلعم أَكَانَ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلَّا مِنْ مُضَرَ؟! مِنْ بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ).
3492- الحديث الثالث: حديثُ كُلَيبِ أيضًا: (حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صلعم _وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ_ قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلعم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالْمُزَفَّتِ، وَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي النَّبِيُّ صلعم مِمَّنْ كَانَ؟ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلَّا مِنْ مُضَرَ؟ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) ابن خُزَيْمَة بن مُدْرِكة بن إلياسَ بن مُضَر بن نزار بن مَعدِّ بن عدنانَ، ورُوِيَ أنَّه ◙ قال: ((لا يعلمُ مَا بعدَ عدنانَ إلَّا كاهنٌ أو مُتَخَرِّصٌ))، وقال ابن دِحْيةَ في «معجمه»: أجمع العلماء أنَّه ◙ إنَّما انتسبَ إلى عدنانَ ولم يتجاوزه، وأجمعوا أنَّ عدنانَ بلا شكٍّ مِن ولد إسماعيلَ.
فَصْلٌ: في النَّهي عن سبِّ مُضَرَ: قال ابن حبيبٍ بإسناده إلى ابن عبَّاسٍ ☻ قال: ماتَ أُدَدُ والد عدنانَ، وعدنانُ ومَعدُّ ورَبِيعةُ ومُضَرُ وقيسُ عَيلانَ وتميمُ وأسدُ وضَبَّةُ على الإسلام، على مِلَّة إبراهيمَ، فلا تذكروهم إلَّا بما يُذكر به المسلمون، وعن سعيدِ بن المسيِّب أنَّه ◙ قال: ((لا تَسُبُّوا مُضَرَ فإنَّه كانَ مُسْلمًا على مِلَّة إبراهيمَ))، وعند الزُّبَيْر بن أبي بكرٍ مِن حديث / ميمون بن مِهْرَانَ عن ابن عبَّاسٍ ☻ مرفوعًا: ((لا تسبُّوا مُضَر ولا رَبِيْعَة فإنَّهما كانا مُسْلِمَين))، وقال ◙: ((إذا اختلفَ النَّاسُ فالحقُّ مَع مُضَر))، ورُوي أنَّه ◙ قال: ((إنَّ اللهَ جلَّ وعزَّ اختارَ مِنَ العربِ هذا الحيَّ مِن مُضَرَ))، وسمع ◙ قائلًا يقول:
إنِّي امْرُؤٌ حِمْيَرِيٌّ حينَ تَنْسُبُنِي لا مِن رَبِيعَةَ أَجْدَادِي وَلَا مُضَرُ
فقال: ((ذَلِكَ أَبعدُ لكَ مِن اللهِ ورسولِه))، وعند ابن الأثير: ((صارَ أَصْعَرَ لخدِّكَ وأَصْغَرَ لجدِّكَ))، ومِن حديث عَمْرو بن عُبَيدٍ عن الحسنِ عند الزُّبَيْر مرفوعًا: ((لا تسبُّوا مُضَرَ فإنَّه قد أسلَمَ)).
فَصْلٌ: في اشتقاقِهِ: قال ابن الأنباريِّ: مُضَرُ يجوز أن يكون اشتقاقه مِن قولهم: ذهبَ دمُ فلانٍ خَضِرًا مَضِرًا أي: باطلًا، وعند القزَّاز: هو إتباعٌ، وعند الرُّشَاطيِّ عن إسماعيلَ بن القاسمِ قولهم: خَضِرًا مَضِرًا بمعنى نَضِرًا أبدلوا النُّون بميمٍ لقرب المخرَج، قال مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق: أمَّا أنا فلا أراه إلَّا مِن البياض إلى أنَّ دمه ذهب، خَضِرًا يعني ناعمًا، أي نَعِم فيه أصحابُهُ فلم يكدِّر عليهم، مُضَرًا أي أبيضَ لم يُقتل فيه أحدٌ فيحمرَّ دمه.
وقال ابن سِيْدَه: سُمِّيَ مُضَرٌ لأنَّه كان مُولَعًا بشُرب اللَّبن الماضِر _أي: الحامض_ وقيل: سُمِّي بذلك لبياضه، وقال ابن دِحْيةَ: لأنَّه كان يَضِيرُ بالقلوب لحسنه وجماله وكان على دين إسماعيلَ، وعند التَّاريخيِّ عن ابن هَرْمَة: هذا البناءُ الذي في نَقْب الرَّوْحَاء هو قبر مُضَر بن نزارٍ، وعند القُتَبيِّ: هو مِن الْمَضِيرَة، وهو شيءٌ يُصنع مِن اللبن، والعربُ تُسَمِّي الأبيضَ أحمرَ، فلذلك قيل: مُضَرُ الحمراء، وقيل: بل أوصى له أبوه بقُبَّةِ حمراءَ، وعند العَسِكَرِيِّ هو أوَّلُ مَن سَنَّ حِدَاءَ الإبل وكان أحسنَ النَّاس صوتًا، فلمَّا وقع عن النَّجِيب فانكسرتْ يده كان يقول: وايداه وايداه.
فَصْلٌ: وعِلمُ النَّسَب علمٌ جليلٌ يتعيَّنُ الاعتناء به، وقد صحَّ مِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا: ((تعلَّموا مِن أنسابكم ما تَصِلُون به أَرحامَكم)) قال الحاكم: صحيح الإسناد.
وجعل ابن حزمٍ مِن فرضِهِ أن يُعلم أنَّ سيِّدَنا مُحَمَّدَ بنَ عبد الله القرشيَّ الهاشميَّ هو المبعوث إلى الجنِّ والإنسِ بدين الإسلام الذي كان بمكَّةَ ورحل منها إلى المدينة، فمن شكَّ فيه أهو قُرشيٌّ أو يمانيٌّ أو تميميٌّ أو عجميٌّ فهو كافرٌ إلَّا أن يكون جاهلًا فيتعلَّمَ، ومنه أن يعلم أنَّ الخلافةَ لا تجوزُ إلَّا في ولد فِهْر بن مالكِ بن النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، وأن يعرفَ كلَّ مَن يلقاه بنسبٍ في رَحمٍ مُحَرَّمةٍ ليتجنَّبَ ما حُرِّم عليه، وأن يعرفَ كلَّ مَن يتَّصِلُ به برحمٍ يُوجِب ميراثًا أو صلةً أو نفقةً أو عقدًا أو حُكمًا.
قال: ومِن فروض الكِفايةِ معرفةُ أسماء أُمَّهَاتِ المؤمنين وأكابر الصَّحابة مِن المهاجرين والأنصار الذين حبُّهم فرضٌ، فمن لم يعرف أنسابَ الأنصار لم يعرف إلى مَن يُحْسِنُ ولا عمَّن يتجاوز، وهذا حرامٌ، ومعرفة مَن يَجِبُ له حقٌ في الخُمُس مِن ذوي القُربى، ومعرفة مَن يحرم عليه الصَّدَقةُ ممن لا حقَّ لهُ فيهِ، وكلُّ ذلك جزءٌ مِن عِلم النَّسَب، وقد صحَّ بطلان قولِ مَن قال: إنَّ علم النَّسَب علمٌ لا يَنفعُ وجَهْلٌ لا يَضُرُّ، وقد أقدم قومٌ فنسبوه إلى رسول الله صلعم وهو باطلٌ، وقد كان ◙ يتكلَّمُ في النَّسَب بقوله: ((نحنُ بَنو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ))، وذكرَ أفخاذ الأنصار إذ فاضلَ بينهم، فقدَّمَ بني النَّجَّار ثمَّ بني عبد الأَشْهَلِ ثمَّ بني الحارث ثمَّ بني سَاعِدةَ، وذكر بني تميمٍ وبني عامر بن صَعْصَعةَ وغَطَفَان، وأخبر أنَّ مُزَيْنَة وجُهَيْنَة وأسلمَ وغِفَارَ أَخْيَرُ منهم يومَ القيامة، وأخبر أنَّ بني العَنْبر بن عَمْرو بن تميمٍ مِن ولد إسماعيلَ، ونسب الحَبَشَ إلى أَرْفِدَةَ، ونادى قُرَيْشًا بطنًا بطنًا، وكلُّ هذا يُبطل ما رُويَ عن بعض الفقهاء مِن كراهية الرَّفع في الأنساب إلى الآباء مِن أهل الجاهليَّة.
ثمَّ أسند عن عُمَرَ ☺: ((تعلَّمُوا مِن أَنسابِكُم مَا تَصِلُون بهِ أَرحَامَكُم))، وأخرجه أبو نُعَيمٍ مِن حديث العَلاءِ بن خَارِجَةَ المدنيِّ مرفوعًا، وعن سعد بن أبي وقَّاصٍ: قلت: يا رسول الله، من أنا؟ قال: ((أَنْتَ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ مالكِ بنُ أُهَيْبِ بنِ عبدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَن قَالَ غَيرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ))، وكان عَمْرُ وعُثْمَانُ وعليٌّ به علماء. وقوله ◙ لحسَّانَ: ((اذهبْ إلى أبي بكرٍ ليُخلِّصَ لَكَ نَسَبِي)) يُكَذِّبُ قولَ مَن نسب إليه أنَّ عِلم النَّسَب علمٌ لا يَنفع لأنَّه لا يَصحُّ، وكلُّ ما ذكرناه صحيحٌ مشهورٌ، وما فرضَ عُمَر وعُثْمَانُ وعليٌّ الدواوين إذ فرضوه إلَّا على القبائل، ولولا عِلْمهم بالنَّسَب ما أمكنهم ذلك، وكان ابن المسيِّب وابنه مُحَمَّدُ والزُّهريُّ مِن أعلم النَّاس بالأنساب في جماعةٍ مِن أهل الفضل والفقه والإمامة كالشَّافعيِّ وأبي عُبَيدٍ، ولذا قال ابن عبد البرِّ: لَعَمْرِي ما أنصف القائل: أنَّه لا ينفع لأنَّه بيِّنٌ نفعُهُ لأشياءَ، منها: قوله ◙: ((كُفرٌ باللهِ ادِّعاءُ نسبٍ لَا يُعْرَف، وكُفرٌ باللهِ تبرُّؤٌ مِن نَسبٍ وَإِنْ دَقَّ))، ورُويَ عن أبي بكرٍ مثله، وقال ◙: ((مَن ادَّعى إلى غير أبيهِ أو انْتَمَى إِلى غَيْرِ مَوالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ))، وقد رُويَ مِن الوجوه الصِّحاح عن رسول الله صلعم ما يدلُّ على معرفتِه بأنساب العرب.
قلت: وفي التِّرْمذيِّ مصحَّحًا مِن حديث عبد الله بن عَمْرِو: خرج رسولُ الله صلعم وفي يده اليمنى كتابٌ وفي اليسرى كتابٌ، فقال: ((هَذَا كِتَابٌ مِن ربِّ العَالَمِينَ فِيه أسماءُ أَهلِ الجَنَّة وأَسماءُ آبائهم وقبائلهم))، وأخرجه الرُّشَاطيُّ مِن حديث ابن عَمْرَ بمثله وفيه: ((أَسمَاؤُهم وَأَنسَابُهم)).
فَصْلٌ: ذُكِرَتْ في الحديث النَّهيُ عن الدُّبَّاء وغيره لتأتي بالحديث على وجهه، وقد أسلفنا بيان ذلك ولا بأس بإعادته لبُعد العهد به.
فـالدُّبَّاءُ جمع دُبَّاءَة وهي: القَرْعة وهي ممدودةٌ في أشهر اللُّغَات، وذكر القزَّاز في «جامعه» أيضًا أنَّها قُصِرت في لغةٍ، و(الحَنْتَمِ) قال أبو عُبَيدٍ: جَرَارٌ خُضرٌ كانت تُحْمَل فيها إلى المدينة الخمرُ، و(الْمُقَيَّر) هو المُزَفَّت وهو ما طُلِيَ داخله بالزِّفْت، ولم يذكر هنا النَّقِير وهو خشبٌ كانوا ينقرونه فيجعلون منه أوعيةً يَنْتَبِذُون فيها؛ وعِلَّة النَّهي إسراعُ الإسكار في هذه الأمور، وقيل: لإضاعة المال ثمَّ نُسِخَ.
3493- 3494- الحديث الرابع: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم قَالَ: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الِإسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هذا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ: الذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه).
هذا الحديث أخرجه مسلمٌ بتمامه في الفضائل، وفي الأدب بقِصَّة ذي الوجهين.
الشرح: قوله: (النَّاسُ مَعَادِنٌ) يوضِّحه الحديث الأخر: ((الناسُ معادن كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)) وجه التمثيل اشتمال المعادن على جواهر مختلفةٍ مِن نفيسٍ وخسيسٍ، كذلك النَّاس مَن كان شريف الأصل في الجاهليَّة لم يزده الإسلامُ إلَّا شرفًا، فإنْ تفقَّهَ وصل إلى غاية الشَّرف، وكانت لهم أصولٌ في الجاهليَّة يَسْتَنْكِفُون عن كثيرٍ مِن الفواحش، قال الزُّبَيْر: كُنَّا في الجاهليَّة في ملك قابط تكفينا أحلامُنا فبقيت تلك الأخلاق في إيمانهم مع ما زادهم الإسلام.
وقوله: (أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً) يعني الإمارة؛ مَن نالها مِن غير مسألةٍ أُعِينَ عليها، ومَن نالها عن مسألةٍ / وُكِلَ إلى نفسه، وهذا في الأكثر، وربَّما أخذها مَن هو أهلٌ لها مِن غير أن يُعطاها، أخذ الرَّايةَ خالدٌ مِن غير إمرةٍ، وقال ◙: ((أَخَذَها سَيفٌ مِن سُيوف اللهِ))، ورُوي عن عُمَرَ أنَّه قال: لأنْ أقدَّمَ فتُضْرَب عنقي _إلَّا أن تتغيَّر لي نفسي عندَ الموت_ أحبُّ إليَّ مِن أَلِيَ على قومٍ فيهم أبو بكرٍ.
وقوله: (تَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسَ) وفي روايةٍ: ((مِنْ خَيْرِ النَّاسِ)) وهو لبيان جنس الخير، كأنَّهُ قال: تجدون أكره النَّاس في هذا الأمر مِن خيارهم، ويصحُّ على مذهب الكوفيِّين أنَّها زائدةٌ، والكراهةُ بسبب عِلمه بصعوبة العدل فيها والمطالبة في الأخرى، وقال الخطَّابيُّ: معناه إذ وقعوا فيها لم يَجُز أن يكرهوها لأنَّهم إذا أقاموا فيها كارهين ضيَّعُوها.
وقوله: (خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَاُرُهْم فِي الإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا)، ومثله: ((مَن يُردِ اللهُ بِهِ خَيرًا يفقِّهْهُ في الدِّين))، وقال عليٌّ: النَّاس ثلاثةٌ: عالمٌ رَبَّانيٌ، ومتعلِّمٌ على سبيلِ نجاةٍ، وهَمَجٌ رَعَاعٌ يميلون مع كلِّ ناعِقٍ.
3495- 3496- الحديث الخامس: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أيضًا: (النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هذا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ، النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ كَرَاهِيَةً لهذا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ).
الشرح: هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا.
وقوله: (النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَأْنِ) يعني في الخلافة لأنَّ النَّاس في الجاهليَّة كانت قُرَيْشٌ رؤوسهم، ولذلك قالوا يوم السَّقِيفة: نحن الأمراء.
فيه أنَّ مِن شروط الإمامة الكبرى أن يكونَ المتولِّي قُرشيًّا، وهو إجماعٌ ولا عِبْرةَ بمن شَذَّ.
وقوله: (وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ) لَمَّا كانت قُرَيْش عَندَت عن الإسلام أباه أكثر النَّاس، ومالت معهم مَن قَرُبَتْ داره وامتنع مَن بَعُدَتْ داره، فلمَّا فتح مكَّةَ وأسلموا إلَّا مَن قُتِل منهم دخل النَّاس في دين الله أفواجًا، ثمَّ حُورب مِن سواهم ففتح الله على رسوله وعلى المؤمنين بعده، وقيل: معناه الإخبار عنهم فيما تقدَّمَ مِن الزَّمان أنَّهم لم يزالوا متبوعين، وكانت العرب تقدِّمُ قُرَيْشًا.
وقوله: (وتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهم كَرَاهِيَةً) قيل: أراد إذا وقعوا في الإمارة عن رغبةٍ وحرصٍ زالت عنهم فضيلةُ حسنِ الاختيار، وقيل: أراد أنَّ خيارَ النَّاس مَن يكره الولاية، حتَّى إذا وقع فيها زال معنى الكراهة فلم يَجُز لهم أن يكرهوها؛ لأنَّهم إذا قاموا بها على كُرهٍ ضيَّعُوها.
اسم الكتاب : التوضيح لشرح الجامع البخاري
اسم المؤلف الكامل : ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي
تاريخ الوفاة : 804
دار النشر : عطاءات العلم
تاريخ النشر : 1441
بلد النشر : المملكة العربية السعودية
المحقق : مقابلة وتحرير بإشراف الدكتور عبد الجواد حمام
الأجزاء : 20
حول الكتاب :
كتاب التوضيح موسوعة علمية شاملة للعلوم الشرعية، بدأ في تصنيفه العلَّامة ابن الملقن سنة ░772▒ ضمَّ نقولًا منتقاة من شروح للبخاري أكثرها اليوم في عداد المفقود، كشرح الداودي والقطب الحلبي ومغلطاي وابن التين، بالإضافة إلى كتب في علم الحديث هي في عداد المفقودات أيضًا، كتاريخ نيسابور وسنن ابن السكن والصحابة للعسكري وتفسير ابن مردوية، وهو في كل ذلك ليس مجرد ناقل بل يستدرك وينقد ويؤيد، لذا لا عجب أن يكون مصدرًا غنيًّا نقل منه الحافظ سبط ابن العجمي في «التلقيح» ووصفه بـ (شيخنا)، وهو أس كتابه وعموده، وكذلك فعل موفق الدين سبط ابن العجمي في «الناظر» وابن حجر في «الفتح» والعيني في «العمدة».
وصحَّ فيه قول مصنفه: واعلم أيَّها الناظر فِي هذا الكِتَاب أنَّه نخبة عمْر المتقدمين والمتأخرين إِلَى يومنا هذا، فإني نظرت عليه جُلُّ كتب هذا الفن مِن كلِّ نوع.
أما منهج الشرح فقد بيَّنه المصنف ابنُ الملقن بقوله: «وأحَصرُ مقصودَ الكلام في عشرةِ أقسامٍ:
أحدها:
في دقائق إسنادِه ولطائفِه.
ثانيها
في ضبطِ ما يُشكلُ مِن رِجالِه، وألفاظ متونِه ولغتِهِ وغَريبِهِ.
ثالثها:
في بيان أسْماء ذوي الكُنى، وأسْماء ذَوي الآباء والأُمَّهات.
رابعها:
فيما يَخْتلف مَنها ويَأْتلف.
خامسها:
في التَّعريف بحالِ صَحابتِه، وتابعيهم، وأتباعهِم، وضبطِ أنسابِهم، ومولدِهم ووفاتِهم. وإنْ وقعَ في التَّابعينَ أو أتباعِهم قَدْحٌ يسيرٌ بيَّنتُه، وأجبتُ عنه، كلُّ ذلك على سبيلِ الاخْتصار، حَذرًا مِن المَلالة والإكثار.
سادسها:
في إيضاحِ مَا فيه مِن المُرسل، والمُنقطع، والمقطوع، والمُعضل والغَريب، والمتواتر والآحاد، والمُدْرج والمُعلَّل، والجوابِ عمَّن تَكلِّم على أحاديثَ فيه بسببِ الإرْسال، أو الوقف، أو غير ذلك.
سابعها:
في بيان غامضِ فقهِهِ واسْتنباطِهِ، وتراجم أبوابِه؛ فإنَّ فيه مواضع يتحيَّر النَّاظرُ فيها، كالإحالة على أصلِ الحديث ومخرجِه، وغيرِ ذلك ممَّا ستَراه.
وثامنها:
في إسنادِ تعاليقِه، ومُرسلاتِه، ومقاطيعِه.
تاسعها:
في بيان مُبهماتِه، وأماكنِهِ الواقعة فيه.
عاشرها:
في الإشارة إلى بعضِ ما يُستنبط مِنه مِن الأصول والفروع، والآداب والزُّهد، وغيرها، والجمع بَين مختلفها، وبيان النَّاسخ والمنسوخِ منها، والعامِّ والخاصِّ، والمُجمل والمبيَّن، وتبيين المَذاهب الواقعةِ فيه، وأذكرُ إنْ شاءَ الله تعالى وجْهَها، وما يظهرُ منها ممَّا لا يظهرُ، وغيرَ ذلك مِن الأقسام الَّتي نسألُ الله إفاضتَها عَلينا.
أما موارد المصنف في كتابه هذا فقد ذكرها آخر شرحه.
إذ ذكر من كتب المتون الكتب الستة
و«الموطأ» لمالك مِن طرقه، و«موطأ عَبْد الله بن وهب»، و«مسند الشافعي»، و«الأم»، و«البويطي»، و«السنن» مِن طريق الطحاوي، عن المزني، وعنه، و«مسند الإمام أحمد»، و«مسند أبي داود الطيالسي»، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، والحميدي، والبزَّار، وإسحاق بن راهويه، وأبي يعلى، والحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن منيع شيخ البخاري، و«المنتقى» لابن الجارود، و«صحيح أبي بكر الإسماعيلي» و«تاريخ البخاري الأكبر» و«الأوسط» و«الأصغر»، و«تاريخ ابن أبي خيثمة»، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«الكامل» لابن عدي، و«الضعفاء» للبخاري، والنسائي، والعقيلي، وابن شاهين، وابن حبان وأبي العرب، وابن الجوزي، و«تاريخ نيسابور» للحاكم، و«بغداد» للخطيب، و«ذيله» و«ذيل ذيله»، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر، و«مستدرك الحاكم على الصحيحين» و«صحيح ابن خزيمة»، و«صحيح ابن حبان»، و«صحيح أبي عوانة»، والمعاجم الثلاثة للطبراني: «الكبير» و«الأوسط» و«الأصغر»، و«سنن البيهقي» و«المعرفة» له، و«الشعب» أيضَاً، و«سنن اللالكائي»، و«سنن أبي علي ابن السَّكن»، و«معجم أبي يعلى الموصلي»، و«جامع المسانيد» لابن الجوزي، وأحكام عبد الحق الثلاثة: «الكبرى» و«الوسطى» و«الصغرى».
ومن كتب الأحكام:
كلام ابن القطَّان على «الكبرى»، و«أحكام الضياء المقدسي»، وابن بزيزة، و«أحكام المحبِّ الطبري»، وابن الطَّلاع، وغير ذلك.
ومن كتب الرجال:
«ثقات ابن شاهين»، وابن حبان، و«المختلف فِيْهِ» لابن شاهين، وآخرهم «الكمال» لعبد الغني، و«تهذيب الكمال» للحافظ المِزي _وقد هذَّبته بزيادات واستدراكات_ ومختصره للذَّهبي و«ميزانه»، و«المغني فِي الضعفاء» له، و«الذبُّ عن الثقات»، «ومن تُكُلِّمَ فِيْهِ وَهْوَ موثَّقٌ». ومن كتب الكُنى للنسائي، والدولابي، وأبي أحمد الحاكم، و«رجال الصَّحيحين» للكلاباذي، وابن طاهر وغيرهما، و«المدخل للصَّحيحين» للحاكم، و«الأسماء المفردة» للحافظ أبي بكر البرديجي، و«رجال الكتب الستة» لابن نقطة، و«كشف النقاب عن الأسماء والألقاب» لابن الجوزي، و«الأنساب» لابن طاهر، و«إيضاح الشكِّ» للحافظ عبد الغني المقبري، و«غنية الملتمس فِي إيضاح الملتبس» للحافظ أبي بكر البغدادي، و«موضح أوهام الجمع والتفريق» له، و«تلخيص المتشابه فِي الرسم وحماية مَا أشكل مِنْهُ عن نوادر التصحيف والوهم» أيضَاً، و«أسماء مَن روى عن مالك» له، وكتاب «الفصل للوصل المدرج فِي النقل» له.
ومن كتب الطبقات:
مسلم، وابن سعد، وكتب السير والمغازي لابن إسحاق، والواقدي، وغيرهما، وما يتعلق بها مِن ضبط كالسهيلي، وغيره.
وكتب المؤتلف:
عبد الغني، والدارقطني، والخطيب، وابن ماكولا، وابن نقطة، وابن سليم، وغيرهم.
وكتب الأنساب:
الرشاطي، والسَّمعاني، وابن الأثير.
ومن كتب العلل:
مَا أودعه أحمد وابن المديني وابن أبي حاتم، والدَّارقطني، وابن القطَّان فِي «وهمه»، وابن الجوزي فِي عللهم، قال ابن مهدي الحافظ: لأنْ أعرف علَّة حَديث أحبُّ إليَّ مِن أن أكتب عشرين حديثاً ليس عندي.
ومن كتب المراسيل:
مَا أودعه أبُو داود، وابن أبي حاتم، وابن بدر الموصلي، وغيرهم.
ومن كتب الموضوعات
مَا أودعه ابن طاهر، والجوزقاني، وابن الجوزي، والصَّغاني، وابن بدر الموصلي فِي موضوعاتهم.
ومن كتب الصَّحابة:
كتاب أبي نعيم، وأبي موسى، وابن عبد البرِّ، وابن قانع فِي «معجمه»، والعسكري، و«أسد الغابة» لابن الأثير، ولخَّصه الذهبي فِي «معجمه» وفيه إعواز.
ومِن كتب الأطراف:
«أطراف خلف»، وأبي مسعود، وابن عساكر، وابن طاهر، و«أطراف المزِّي» الجامعة.
ومن كتب الخلافيات الحديثية:
«خلافيات البيهقي»، وابن الجوزي، و«المحلى» لابن حزم _ولنا معه مناقشات_ ولابن عبد الحقِّ، ولابن مفوز و«تهذيب ابن جرير»، وكتب ابن المنذر «الأوسط» و«الإشراف».
ومن كتب الأمالي:
«أمالي ابن السَّمعاني»، و«أمالي ابن منده»، و«أمالي ابن عساكر».
ومن كتب النَّاسخ والمنسوخ:
«اختلاف الحديث»، للشافعي وكتب الأثرم، والحازمي، وابن شاهين، وابن الجوزي في تواليفهم.
ومن كتب المبهمات:
كتب الخطيب، وابن بشكوال، وابن طاهر، وابن باطيش، وما أودعه النووي في «مختصر الخطيب»، وابن الجوزي في آخر «تلقيحه».
ومن كتب اللغات والغريب:
«غريب أبي عبيد»، وأبي عبيدة _وجمعه في أربعين سنة_ والحربي صاحب الإمام أحمد، والزَّمخشري في «الفائق»، والهروي في «غريبيه»، وابن الأثير في «نهايته» و«جامعه»، وابن الجوزي، و«المحكم»، و«المخصص» لابن سيده، و«الصِّحاح»، و«العباب»، و«التهذيب»، و«الواعي»، و«الجامع»، وغير ذلك، و«المجمل»، و«الزاهر»، و«الجمهرة» لابن دريد، وعياض في «مشارقه»، وتلاه ابن قرقول في «مطالعه»، والخطابي في «تصحيفه»، والصولي، والعسكري، والمطرزي.
وشروح البخاري:
شروح: القزَّاز، والخطابي، والمهلَّب، وابن بطَّال، وابن التين، ومِن المتأخرين: شيخنا قطب الدين بن عبد الكريم في ستة عشر سفراً، وبعده علاء الدين مغلطاي في تسعة عشر سفراً صغار.
ومن شروح كتب السنة الأخرى:
شروح الحديث المازري، وعياض، والقرطبي، والنووي، و«شرح سنن أبي داود» للخطابي، والحواشي للزكي عبد العظيم، و«شرح مسند الإمام الشافعي» لابن الأثير، والرافعي.
ومن كتب أسماء الأماكن:
ما أودعه الوزير أبو عبيد البكري في «معجم ما استعجم مِن أسماء البلدان»، ثمَّ الحازمي في «مختلفه ومؤتلفه».
ومن كتب أخرى:
نفي النقل» لابن الجوزي، و«تحريم الوطء في الدبر» له، و«الأشربة» لأحمد، و«الحلية» لأبي نعيم، و«الأمثال» للرامهرمزي، و«علوم الحديث» للحاكم، ثمَّ ابن الصلاح وما زدُته عليها، وكتب ابن دحية «العلم المشهور»، و«الآيات البينات»، و«شرح مزج البحرين»، و«التنوير»، وغيرها.
وأمَّا الأجزاء فلا تنحصر، وكذا كتب الفقه.
حول المؤلف :
سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المصري الشافعي، المعروف بابن النحوي؛ لأن أباه كان عالمًا بالنحو، وسمي بابن الملقن؛ لأن والده توفي وله من العمر سنة واحدة، فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي، وكان يلقن القرآن في الجامع الطولوني، فلازمه سراج الدين وصحبه من صِغره، وتزوج من أمه.
نشأته ومولده:
ولد:في يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة كما نقل السخاوي.
لما توفي والده وأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي اعتنى به الشيخ عيسى عناية فائقة، فنشأ ابن الملقن في كنفه فحفظ القرآن الكريم والعمدة للمقدسي والمنهاج وغيرها.
شيوخه:
رحل إلى دمشق، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس ومصر وغيرها من البلدان، ومكنته هذه الرحلة من لقاء العلماء والحفاظ في تلك الأمصار والأقطار فقرأ عليهم واستفاد منهم وأجيز.
ومن شيوخه:
الحافظ العلائي.
وابن سيد الناس.
وتقي الدين السبكي.
ومغلطاي والعز ابن جماعة.
والقطب الحلبي.
وأجاز له الحافظ المزي.
وجمال الدين الأسنوي.
وأبي حيان الغرناطي.
والبرهان الرشيدي وغيرهم كثير جدًّا.
تلامذته:
رجل جمع مثل هذا الجمع، وأخذ عن علماء عصر ومصره، حريٌّ أن يرتحل إليه.
فمن تلامذته:
الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
والحافظ أبو زرعة العراقي
والحافظ إبراهيم بن محمد برهان الدين المعروف بـسبط ابن العجمي
وغيرهم جمّ غفير.
تصانيفه:
اتفق الأئمة المترجمون على أنه من المكثرين في التصنيف، ولعل ذلك يرجع إلى أنه اشتغل بالتصنيف مبكرًا.
ومن مصنفاته في الحديث:
1-البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي
مطبوع.
2-المقنع في علوم الحديث
مطبوع.
3- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام
مطبوع
4-التوضيح لشرح الجامع الصحيح
وهو مطبوع، وهو كتابنا هذا.
5-تعليقته مستلة من التوضيح.
6- التلويح إلى رجال الصحيح
ومراده رجال صحيح البخاري، قيد التحقيق في دار الكمال المتحدة
7-رجال مسلم ممن تفرد بهم عن البخاري
قيد التحقيق في دار الكمال المتحدة.
8-رجال السنن الأربعة ممن لم يخرج لهم الشيخان
قيد التحقيق في دار الكمال المتحدة. وغير ذلك كثير..
وفاته:
بتلي ☼ باحتراق كتبه، وأكلت النار أكثر مسوداته، فتغير حاله بعدها وكان ذلك سببًا في حجب ابنه له عن التحديث، ثم وافاه الأجل في ليلة الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانمائة بالقاهرة، رحمه الله وغفر لنا وله ولجميع المؤمنين.
عملنا :
العمل في الكتاب شاق ومجهد يدرك هذا من عانى طرفًا من مخطوطاته، وهو في قسمه الثاني أوعر وأصعب، لذا رأينا جعل العمل فيه على ثلاث مراحل، مرحلة المقابلة الأولية، ومرحلة المقابلة الثانية، مرحلة تحرير النص ومراجعة موارده، أنهينا الكتاب في مرحلته الأولى، وقطعنا نصف الكتاب في مرحلته الثانية والثالثة، وللإلحاح الباحثين ورعاية لحاجتهم رأينا رعاية رفعه في حالته هذا قبل اكتمال العمل فيه، على أن نعيد رفعه كاملًا _بإذن الله_ بشكله المرضي في التحديث القادم، فمن وجد فيه خللًا فيرجى تنبيهنا على ذلك جزاه الله خيرًا وقد قدمنا عذرنا في ذلك.
ووقفنا بحمد الله على عدة نسخ وقطع من الكتاب سنتكلم عنها مجملًا، على أن يأتي تفصيل الكلام عليها مع ما تضمنه من أقسام للكتاب في التحديث القادم للكتاب بإذن الله تعالى.
النسخ المعتمدة في التحقيق:
النسخة الأولى:
نسخة مكتبة فيض الله أفندي بتركيا ░377-392▒ : وهي نسخة ملونة ملفقة تقع في ستة عشر مجلداً، غير تامة، وهي على أقسام:
القسم الأول:
كتبه بدر الدين محمد بن إبراهيم البشتكي الناسخ الشهير والعلامة المعروف، نسخها من نسخة المصنف ما بين ░789-791▒، ورمزنا لها بالرمز (ب)، وهي الأصل المعتمد في القسم الذي وجدت فيه، إذ ظهر لنا بعد المقارنة دقة البدر العالية في هذه الأجزاء من هذا الكتاب.
القسم الثاني:
ما كان منها بخط الحافظ ابن حجر، وهي المرموز لها بالرمز (ر).
القسم الثالث:
قطع على بعضها تعليقات الحافظ ابن حجر وتعقباته، وليست بخطه، وهي المرموز لها بالرمز (ض).
النسخة الثانية:
نسخة المكتبة العثمانية التابعة للمكتبة الوقفية بحلب، وهي نسخة تامة ملونة تنقصها أوراق من أولها إذ تبتدأ بباب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر، نسخها الحافظ برهان الدين الحلبي الشهير بسبط ابن العجمي، منقولة من أصل المؤلف، تقع في أربعة مجلدات، قرأ الجزء الأول والثاني منها على المصنف، وبلاغات القراءة مقيدة بخطه، وعليها تعليقات وحواشي للبرهان، والجزء الثالث والرابع منقولة من نسخة سقيمة من الكتاب كما صرح بذلك البرهان، وعليها تعليقات وحواشي وهي المرموز لها بالرمز (ن).
النسخة الثالثة:
وهي نسخة ملفقة أيضًا تبعثرت أجزاؤها في عدة مكتبات عالمية، استطعنا تجميعها من خلال التملك الذي عليها والعائد ليحيى بن حجي الشافعي سنة 855 هـ، ثم آلت في ملكيتها لأحمد بن عمر العمري الشافعي المقدسي سنة 871 هـ، وتقع هذه النسخة في أربعة عشر مجلداً كما جاء في التملك المذكور، وقد كتبت هذه النسخة الملفقة في حياة المؤلف وعليها خطه في كثير من أجزائها، مما يعني أن التلفيق فيها قديم، وهذه النسخة رمزنا لها بالرمز (ح).
النسخة الرابعة:
نسخة بغداد، وهي المرموز لها بالرمز (غ).
قطع من نسخ متفرقة وهي:
قطعة الخزانة الملكية بتطوان وهي منقولة من نسخة المؤلف، كُتب عنوان الكتاب واسم مؤلفه بخط المؤلف نفسه، عليها تعليقات، ورمزنا لها بالرمز (ك).
قطع من دار الكتب المصرية بعضها مقابلة ومقروءة على المؤلف وطالعها وعلَّق عليها البرهان الحلبي، وبعضها قطع من نسخ متفرقة.
قطع كتبت بخط حمَّاد بن عبد الرحيم بن علي المارديني كتبت في حياة المصنف سنة ░795▒، رمزنا لها بالرمز (م).
قطع من نسخة الخزانة الملكية بتطوان، عليها بعض التعليقات، وهي المرموز لها بالرمز (و).
قطعة من المكتبة الأحمدية بحلب، رمزنا لها بالرمز (د).
قطع من الجامع المظفري بتعز، رمزنا لها بالرمز (ع).
قطعة من المكتبة السليمية وهي نسخة الوراق الشهير أحمد بن محمد بن علي الناسخ بمسجد القصب ورمزنا لها بالرمز (س).
قطعة من المكتبة السليمية كتبت في حياة المصنف، رمزنا لها بالرمز (ل).

