وقال العارف بالله تعالى ابن أبي جمرة(1) المالكيُّ نفعنا الله تعالى ببركاته: قال لي مَن لقيتُه من العارفين، عمَّن لقيَ من السَّادة المقرِّ لهم بالفضل: إنَّ «صحيح البخاريَّ» ما قُرئ في شدَّةٍ إلَّا فرجت، ولا رُكِبَ في مركبٍ فغرق.
وقال الحافظ السَّخاويُّ: وقال المحدِّث الكمال ابن علي الهَمْدَاني: قرأنا البخاريَّ في نوبة حمص سنة ثمانين، _يعني وستمائة_ لدفع البلاء، فقال لي ابن دقيق العيد: قد انقضى الشُّغل من بعد العصر، فقلت: عن يقين؟! فقال: وهل يُقال هذا من غير يقين.
قلت: ووقع من الدَّيبع(2) مثله لمَّا حصرت(3) زَبِيْد، وأحاط بها العدوُّ وكاد يأخذها، فحلَّ بهم الكرب الشَّديد والغمُّ المزيد، فقرأوا «الصَّحيح» أجزاءَ أجزأوه(4) ، فما(5) كانت صبيحة ذلك اليوم إلَّا وتفرَّق العدوُّ من غير سبب محسوسٍ، ولا محدَّد(6) من شيء مأنوس.
ووقع في هذا الزَّمان بالبصرة أنَّ عسكر الشَّاه حاصرها فقُرِئ بإشارة بعض الشُّيوخ فأرسل الله تعالى عليهم مطراً وسيلاً وأبادهم عن آخرهم، وأخذ أهل البصرة جميع أموالهم وعُدَدِهم.
ووقع للشَّيخ محمَّد المُنْيَتِي أنَّه ركب البحر وانفتحت المركب، قال: فخرجنا إلى السَّاحل، وكان معي «صحيح البخاريِّ» في مجلَّدين اشتدَّ أسفي عليه دون غيره، فما لبثتُ أن قدَّمهما إليَّ الرِّيح(7) فتناولتهما وجففتهما(8) فلم ينطمس فيهما حرف.
[1] في (ظ): «حمزة»، والمثبت من (ن)، وهو موافق لـ«فتح الباري».
[2] في (ن): «الربيع».
[3] في (ظ): حضرت.
[4] في (ظ): «أجزا جزاوة»، وفي (ن): «أجزا اجزاوه».
[5] في (ن): «كما» والمثبت من (ظ).
[6] في (ن): «مدد» والمثبت من (ظ).
[7] في (ظ): «بالريح».
[8] في (ظ): «وحفظتهما» والمثبت من (ن).