-
مقدمة المصنف
-
حديث أبي شريح
-
حديث: رأيت النبي صلعم يمسح على عمامته
-
حديث الفأرة تقع في السمن
-
حديث: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا
-
حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادةً فهلكت
-
حديث: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسّفر
-
حديث الإسراء
-
حديث: لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائطٍ ولا بول
-
حديث: بينما الناس بقباء في الصلاة إذ جاءهم آت فأخبرهم
-
حديث: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر إلا الإقامة
-
حديث: لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة
-
حديث ابن عباس في صلاة الليل
-
حديث: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب
-
حديث: أن الميت يسمع خفق النعال إذا ولوا عنه مدبرين
-
حديث الصلاة على شهداء أحد
-
حديث موسى مع الخضر عليهما السلام
-
حديث ابن عباس إذ سأله عما استيسر من الهدي
-
حديث: أن النبي أسلم من يهودي طعامًا
-
حديث: أن امرأتين من هذيلٍ رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها
-
حديث طلاق ابن عمر لامرأته
-
الحديث الحادي والعشرون
-
حديث: رأيتك في المنام يجيء
الحديث السادس عشر: سؤالكَ عن الصَّبيِّ الذي قتله الخضر أكان قد بلغ الحلم أم لم يبلغ؟ أو كان ممَّن اجترح الذنوب أم لا؟ وما يجب أن يُعتقد في أطفال المشركين، هكذا في كتابك عن الصبيِّ الذي قتله الخضر.
فالجواب أنَّه لو صحَّ أنَّه صبيًّا حين قتله الخضر صلعم؛ لصحَّ أنَّه كان ممَّن لم يبلغ الحلم؛ لأنَّ اسم الصبيِّ لا يقع على مَن احتلم، والصبيُّ عند أهل اللغة: المولود ما دام رضيعًا، فإذا فُطِمَ سُمِّي غلامًا إلى سبع سنين، ويصير يافعًا إلى عشر سنين، ثمَّ يصير حزورًا، وإلى خمس عشرة سنة، فالغلام الذي قتله الخضر قد سمَّاه الله غلامًا ولم يسمِّه صبيًّا، ولا حزورًا، ولا رجلًا، وهذا الاسم حقيقته عند أهل اللُّغة ما ذكرتُ لك، وإذا كان ذلك كذلك ارتفع عنه اكتساب الإثم واجتراح السيِّئات.
وأمَّا قول موسى ◙: {قَالَ(1) أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف:74]، فإنَّه لمَّا كان عنده ممَّن لم يجترح السيِّئات ولا يجري عليه كتابتها لصغره؛ سمَّاه زاكيًا، فأعلمه الخضر بعلمٍ مِن علم الله لم يكن عنده، والذي عليه أهل العلم بتأويل القرآن والسُّنَّة أنَّ الغلام الذي قتله الخضر كان ممَّن(2) لم يبلغ حدَّ التَّكليف على ما قاله أهل اللغة / في الغلام أنَّه كان طبع كافرًا، أو خلق كافرًا شقيًّا في بطن أمِّه، على ما روى ابن مسعود وأنس وأبو هريرة وغيرهم عن النَّبيِّ صلعم: «إنَّ الشَّقيَّ مَن شقي في بطن أمِّه».
وقد روى سليمان عن رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عن [أبي] إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن أُبيِّ بن كعب، عن النَّبيِّ صلعم: «أنَّ الغلام الَّذي قتله الخضر طُبِعَ كافرًا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا»، ورَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ ثقةٌ، وغيره في الإسناد يُستغنى عن ذكره، وهذا الحديث مطابق للآثار المتواترة في أنَّ الشَّقيَّ مَن شقيَ في بطن أمِّه.
وروى سفيان، وشعبة، وأبو عوانة، وأبو معاوية، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة يطول ذكرهم، كلُّهم عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال: حدَّثنا رسول الله صلعم وهو الصَّادق المصدوق: «أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ أو خلق ابن آدم يَمْكُثُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَصِيْرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَصِيْرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكًا، فيقول: يا ربِّ أذكرٌ أم أنثى؟ أشقيٌ أم سعيدٌ؟ ما الأجل؟ وما الأثر؟ فيُوحي / ويكتب المَلَك، حتَّى(3) إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى لاَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ قَيْدُ باعٍ(4)، فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الكِتَابُ الَّذي سبق، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجل لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ _أو قيدُ ذراعٍ_ فيغلب عَلَيْهِ الكِتَابُ الَّذي سَبَقَ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ». [خ¦7454]
حدَّثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا: حدَّثنا قاسم بن أصبغ قال: حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل قال: حدَّثنا يحيى بن أبي بُكير، قال: حدَّثنا زهيرٌ قال: حدَّثنا عبد الله بن عطاء أنَّ عكرمة بن خالد حدَّثه أنَّ أبا الطفيل حدَّثه أنَّه سمع عبد الله بن مسعود يقول: (إنَّ الشقيَّ مَن شقي في بطن أمِّه، وإنَّ السعيد من سُعِد في بطن أمه مَن وعظ بغيره)، فخرجتُ من عنده أتعجَّب ممَّا سمعته منه حتَّى دخلتُ على أبي شرَيحة(5) حذيفة بن أُسيد الغفاري فتعجَّبت عنده، فقال: ممَّ تعجب؟ فقلت: سمعتُ أخاك عبد الله بن مسعود يقول: (إنَّ الشقيَّ مَن شقي في بطن أمِّه، وإنَّ السعيد(6) من وعظ بغيره)، قال: ومن أيِّ ذاك تعجب؟ فقلتُ: أيشقى أحدٌ بغير عملٍ؟ فأهوى إلى أذنيه وقال: سمعتُ رسول الله صلعم بأذنَيَّ هاتين يقول: «إنَّ النُّطفة / تمكث في الرَّحم أربعين ليلةً، ثمَّ يتصوَّر عليها الملك _قال زهير: حسبته قال: الَّذي يخلقها_ فيقول: يا ربِّ أذكرٌ أم أنثى؟ يا ربِّ سويٌّ أو غير سويٍّ؟ فيجعله الله سويًّا أو غير سويٍّ، فيقول: يا ربِّ ما أجله؟ ما خلقه؟ ما رزقه؟».
قال أبو عمر: والعلماء مجمعون إلَّا طائفة شذَّت أنَّ أولاد المسلمين في الجنَّة وإنْ كانوا لم يبلغوا الحلم، فعلمنا بالإجماع أنَّ مَن مات من أولاد المسلمين قبل أن يبلغ التكليف كان ممَّن سَعِدَ في بطن أمِّه ولم يشقَ، ففي هذا بيان وتلخيص لجملة تلك الأحاديث.
وقد رُوي عن النَّبيِّ صلعم من نقل الآحاد العدول معنى ما أجمعوا عليه، من ذلك روى شعبة عن معاوية بن قُرَّة بن إياس المُزني عن أبيه عن النَّبيِّ صلَّ الله عليه وسلَّم: أنَّ رجلًا من الأنصار مات له ابن صغيرٌ فوَجَدَ عليه، فقال له رسولُ الله صلعم: «ما يسرُّك أَلَّا تأتي بابًا من أبواب الجنَّة إلَّا وجدته يستفتح لك؟»، فقال(7) _أو فقيل_ له: يا رسول الله، أله خاصَّة أم للمسلمين عامَّة؟ فقال: «بلْ للمسلمينَ عامَّةً»، وقد أجمع جمهور العلماء على القول بهذا الحديث، وكفى بهذا حجَّة.
وأمَّا حديث طلحة بن يحيى عن عمَّته / عائشة بنت طلحة عن عائشة أمِّ المؤمنين قالت: أُتِيَ رسول الله صلعم بصبيٍّ من صبيان الأعراب ليصلِّي عليه، فقالت: طُوبى له، عصفورٌ من عصافير الجنَّة، لم يعمل سوءًا ولم يدركه ذنبٌ، فقال النَّبيُّ ◙: «أو غير ذلك يا عائشة؛ إنَّ الله خلق الجنَّة، وخلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النَّار، وخلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم، الله أعلم بما كانوا عاملين»، فحديثٌ منكر، وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتجُّ به، وأكثر النَّاس على حديث شعبة عن معاوية بن قُرَّة، إلا طائفةً تُفرِّط في الجبر(8) والقول به، تجعل الأطفال كلَّهم في المشيئة ما سبق لهم في بطون أمَّهاتهم، وهذا قولٌ في أطفال المسلمين مهجورٌ ولم يعدُّوه خلافًا.
وأمَّا أطفال المشركين؛ فاختلفت الآثار في ذلك عن النَّبيِّ صلعم، واختلف العلماء في ذلك أيضًا باختلافها، والذي عليه جمهور أهل السُّنَّة وعامَّتهم في أطفال المشركين الوقوف عن القطع عليهم بجنَّة أو بنار؛ لأنَّ ابن شهاب روى عن عطاء بن يزيد اللَّيثيِّ عن أبي هريرة سمعه يقول: سُئل رسولُ الله صلعم عن ذراري المشركين؟ فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».
وروى أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبَّاسٍ / عن النَّبيِّ صلعم مثله، ورواه شعبة وغيره عنه، وروى الثَّوريُّ عن أبي نضرة العبديِّ، عن أبي سعيد الخدريِّ، عن النَّبيِّ صلعم مثله.
وجائزٌ عند أكثر الجماعة وأهل السُّنَّة وممكنٌ تعذيب الله الأطفال في الآخرة بالنار كما يؤلمهم في الدنيا بالآلام والأسقام إن كان سبق لهم ذلك عند أخذ الميثاق عليهم، وكتب عليهم في بطون أمَّهاتهم بدَرْك الشقاء لهم حينئذ، والله ╡ غير ظالمٍ لهم، ولا لغيرهم؛ لأنَّ الظالم إنَّما يكون مَن أزال الشيء عن موضعه، بأنْ يُخالف ما أُمر به أو نُهي عنه، وقد جلَّ الله تعالى عن أنْ يؤمر أو ينهى، والكلام في هذا طويل جدًّا.
وقد روي عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: «خلق الله تعالى آدم، ثمَّ أخذ الخلق من ظهره، فقال: هؤلاء للجنَّة ولا أبالي، وهؤلاء للنَّار ولا أبالي»، وروي هذا من وجوه كثيرة بمعنًى واحدٍ.
وأخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدَّثني أبي قال: حدَّثني أحمد بن خالد قال: حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز، [ح] أخبرنا قاسم(9) بن محمَّد قال: حدَّثنا خالد بن سعيد قال: حدَّثنا أحمد بن عمرو قال: حدَّثنا محمَّد بن سنجر قالا جميعًا: حدَّثنا حجَّاج بن مِنْهال قال: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة / قال: حدَّثنا عليُّ بن زيدٍ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ قال: خطبنا رسول الله صلعم بعد صلاة العصر إلى مغربات الشَّمس، حفظها من حفظها، ونسيها مَن نسيها، فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: «أمَّا بعد؛ فإنَّ الدُّنيا حلوةٌ خضرةٌ، وإنَّ الله مُسْتَخْلِفُكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون، أَلَا فاتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء، أَلَا إنَّ بني آدم خلقوا على طبقاتٍ شتَّى، فمنهم مَن يُولد مؤمنًا، فيحيى مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم مَن يولد كافرًا، ويموت مؤمنًا، ومنهم مَن يولد مؤمنًا ويحيى مؤمنًا ويموت كافرًا...» وذكر باقي الحديث، وهذه الآثار كلُّها في معنى حديث غلام الخضر أنَّه طبع كافرًا، والآثار في هذا الباب كثيرةٌ جدًّا لا يحتملها الكتاب.
وقالت طائفة من أهل العلم: إنَّ أطفال المشركين في النَّار، واحتجُّوا بحديث الشَّعبيِّ عن عَلقمة بن قيس، عن سَلَمة بن يزيد الجُعفيِّ قال: أتينا رسول الله صلعم أنا وأخي، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ أُمُّنا كانت تَقْرِي الضيفَ وتصل الرَّحم وتفعل، وأنَّها وَأَدَتْ أختًا لنا في الجاهليَّة، فهل ذلك نافع أُختنا، فقال رسول الله صلعم: «أرأيتم الوائدة والموؤودة، فإنَّهما جميعًا من أهل النَّار / إلا أن تدرك الوائدةُ الإسلامَ، فتسلم فيعفو الله عنها»، وهذا عندنا يحتمل أن يكون خرج قوله صلعم في عينٍ لا يتعدَّى.
واحتجَّت هذه الطائفة أيضًا بحديث ابن عبَّاس عن الصَّعب بن جثَّامة أنَّ النَّبيَّ صلعم سُئل عن أهل الدِّيار من المشركين فيُسْبَون، فيصاب(10) من ذراريهم ونسائهم؟ فقال: «هم منهم»، وبعضهم يقول في هذا الحديث: «هم من آبائهم»، وهذا أيضًا عندنا على أحكام الدنيا، وعلى ذلك خرج السؤال.
والجواب _والله أعلم_ أنَّه لا قَوَدَ على مَن قتل مِن أطفالهم ولا دية ولا كفَّارة.
وقالت طائفة من أهل العلم أيضًا: أطفال المشركين في الجنَّة، واحتجُّوا بآثار، منها: ما رواه ياسين بن معاذ الزيَّات _وليس بالقويِّ_ عن الزُّهري عن عروة عن عائشة قالت: سألت خديجةُ النَّبيَّ صلعم عن أولاد المشركين؟ فقال: «هم مع آبائهم»، ثمَّ سألته بعد ذلك؟ فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، ثمَّ سألته بعدما استحكم الإسلام؟ فنزلت: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]، فقال: «هم على الفطرة، وقال: هم على الفطرة، وقال: هم في الجنَّة»، واحتجُّوا أيضًا بالحديث / الصَّحيح عن النَّبيِّ صلعم من حديث أبي هريرة وغيره: «كلُّ مولودٍ يُوْلدُ على الفِطرة...»، قالوا: والفطرة عندنا الإسلام، واحتجُّوا أيضًا بحديث عياض بن حِمار عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: «قال الله ╡: إنِّي خلقتُ عبادي حنفاءَ...»، في حديث طويل ذكره.
واحتجُّوا أيضًا بحديث أبي رجاء العُطارديِّ عن سَمْرةَ بنِ جُندَبٍ عن النَّبيِّ صلعم حديث الرؤيا _الحديث الطويل_ وقوله: «وأمَّا الرَّجل الطَّويل الَّذي في الرَّوضة فإنَّه إبراهيم صلعم، وأمَّا الوِلْدان الَّذين حوله فكلُّ مولودٍ يولد على الفطرة»، قال: فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، فأولادُ المشركينَ؟ فقالَ رسولُ الله صلعم: «وأولادُ المشركين»، وفي روايةٍ أخرى عن أبي رجاء العُطاردي في هذا الحديث: «والشَّيخ في أصل الشَّجرة إبراهيم، والصِّبيان حوله أولاد النَّاس»، وهذا الحديث محتملٌ للتأويل أيضًا، ليس فيه حجَّة قاطعة، وبالله التوفيق.
وقد استوعبنا القول في معاني هذا الباب كلِّه، وما تفرَّق [أهل] الإسلام فيه في «التمهيد» [وذكرنا فيه] ما جاء من الآثار، والحمد لله.
واحتجُّوا أيضًا بقول الله ╡: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38]، وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:15]، وقوله: {إنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التحريم:7].
قالوا: ومن لم يعمل ولم يبلغ وقت العمل لم يرتهن / بشيءٍ ولم يُجزَ بما لم يعمل.
واحتجُّوا أيضًا بالإجماع في رفع القَوَد والقصاص والحدود والآثام عنهم في دار الدنيا، قالوا: فالآخرة بذلك أولى، قالوا: وإذا لم يكونوا في النار بدليل القرآن والسُّنَّة؛ لم يكن لهم بدٌّ من الجنَّة؛ لأنَّه لا دار هناك للقرار إلَّا الجنَّة والنَّار، وقد روى يزيد بن هرمز عن ابن عبَّاس في جوابه لنجدة الحروري حين كتب إليه يسأله عن مسائل منها: قتل أولاد المشركين؟ فكتب إليه ابن عبَّاس: «إنَّ رسول الله صلعم لم يكن يقتل أولاد المشركين، وأنت فلا تقتلهم إلَّا أنْ تكون تعلم منهم مثل ما عَلِمَ الخضر من الغلام حين قتله»، والكلام في هذا الباب يتَّسع، وقد طوَّلت فيه الفِرَق، والله الموفِّق للصواب.
[1] (قال): ليس في الأصل.
[2] في الأصل: (من).
[3] لفظ ما في البخاري: «فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ»، وسبق أن نبَّهنا أن الشيخ يكتب من ذهنه.أما ما أورده فهو لفظ حديث آخر لآنس لفظه: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم، قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِي خَلْقَهُ قَالَ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». [خ¦318].
[4] لفظ «أَوْ قَيْدَ باعٍ» ليس في البخاري.
[5] في المخطوط: أبي شريحة بالشين المعجمة.
[6] (وإن السعيد): تكرر في الأصل.
[7] (فقال): تكرر في الأصل.
[8] في المخطوط -وتابعه محقق المطبوع-: (في الخير)، وانظر التمهيد: 6/348.
[9] في المخطوط: (قال أخبرنا قاسم) وهو خطأ.
[10] في الأصل: (فتصاب).