وهذا باب نَذكُرُ فيه الشروطَ المعتبرةَ المذكورةَ عند الأئمة التي مَن احتوى عليها، وتحلَّى بحليتها، لَزِمَ قَبولُ خبره، واستَحقَّ إخراجَ حديثه في الصحيح، ثم نُرْدِفُه بذكر قصدِ البُخارِي في وضع كتابه، وكذلك نذكُرُ شرطَ مَن عداه من الأئمَّة الذين ذكرناهم أولًا، فهاتان مقدمتان من حيث الإجمالُ والتفصيلُ ذكرتُهما مجملًا، ثم أذكرهما مفصلًا، فأقول:
اعلم وفقك الله تعالى أنَّه لمَّا كان كلُّ مكلَّف من البشر، لا يكاد يَسلم مِن أنْ تشوب طاعتَه معصيةٌ، لم يكن سبيلٌ إلى أن لا يُقبَلَ إلَّا طائعٌ محضُ الطاعة؛ لأنَّ ذلك يُوجِبُ أن لا يُقبَل أحد، وهكذا لا سبيل إلى قبول كل عاصٍ؛ لأنَّه يُوجِبُ أن لا يُرَد أحد.
وقد أمَر الله تعالى بقبول العدل، ورَدِّ الفاسق بنص القرآن، فاحتيج إلى التفصيل: فكلُّ مَن ثبَتَ كَذِبُه رُدَّ خبرُه وشهادته؛ لأنَّ الخبر ينقسم إلى الصدق والكذب، فالصدقُ هو الخبَرُ المتعلِّقُ بالمخبَر عنه على ما هو عليه، والكذبُ عكسُه.