أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد المالكي، / أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن المستملي، أخبرنا أحمد بن الحسين بن علي الخُسْرُوجَرْدِي، أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، قال: والصحيحُ من الحديث ينقسم على عشرة أقسام، خمسةٌ منها متفقٌ عليها، وخمسةٌ منها مختلَف فيها:
فالقسم الأول من المتفق عليها: اختيار البُخارِيِّ ومسلم، وهو الدرجة الأولى من الصحيح.
ومثاله الحديثُ الذي يرويه الصحابي المشهور بالرواية عن الرسول صلعم، وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه التابعيُّ المشهور بالرواية عن الصحابة، وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظُ المتقن المشهور، وله رواةٌ ثقاتٌ من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخٌ البُخارِي ومُسْلِم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة في روايته، فهذه الدرجة الأولى من الصحيح، والأحاديث المروية بهذه الشريطة / / /
لا يبلغ عدَدُها عشرةَ آلاف حديث.
والقسم الثاني من الصحيح المتفَقِ عليها: الحديث الصحيح بنقل العدل عن العدل، رَوَاهُ الثقاتُ الحفاظ إلى الصحابي، وليس لهذا الصحابي إلَّا راوٍ واحدٍ، ومثاله حديث عروة بن مُضرِّس الطائي أنَّه قال: «أتيتُ النَّبيَّ صلعم وهو بالمزدلفة... » الحديث.
وهذا الحديث من أصول الشريعة، مقبول متداول بين فقهاء الفريقين، ورواته كلهم ثقات، ولم يُخرِّجه البُخارِيُّ ولا مُسْلِم في الصحيحين، إذ ليس له راوٍ عن عروة بن مُضرِّس غيرُ الشَّعْبِي, / وشواهد هذا كثيرة في الصحابة كعُمَير بن قَتَادة الليثي ليس له راوٍ غيرُ ابنه عُبَيد، وأسامةَ بنِ شَريك، وقُطبةَ بنِ مالك، على اشتهارهما في الصحابة، ليس لهما راوٍ غيرُ زياد بن عِلاقة، وهو من كبار التابعين، ومِرْداسِ بن مالك الأسلمي، والمستورِدِ بن شَدَّاد الفِهري، ودُكَينٍ المزني، كلُّهم من الصحابة، وليس لهم راوٍ غيرُ قيس بن أبي حازم، والشواهد لما ذكرناه كثيرة، ولم يخرج البُخارِي ومُسْلِم هذا النوع من الصحيح.
والقسم الثالث من الصحيح المتفَقِ عليها: أخبارُ جماعة من التابعين عن الصحابة، والتابعون ثقات، إلَّا أنَّه ليس لكل واحد منهم إلَّا الراوي الواحد، وذَكَر له مثالًا.
والقسم الرابع من الصحيح المتفَقِ عليها: هذه الأحاديث الأفراد والغرائب، التي يرويها الثقات العدول، تفرَّد بها ثقة من الثقات، ليس لها طرق / مخرجة في الكتب، وذَكَر له مثالًا.
والقسم الخامس من الصحيح: أحاديث جماعة من الأئمَّة عن آبائهم عن أجدادهم، ولم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إلَّا عنهم.
قال: وهذه الأقسام الخمسة مخرَّجة في كتب الأئمَّة محتج بها، ولم يُخرَّج في الصحيحين منها حديثٌ كما بيَّنا في كل قِسم منها. هذا آخر كلام الحاكم. / /