♫
الحمدُ للهِ(1) الذي اختار نبيَّنا محمَّدًا صلعم من العالَم بأسره، وجعل كلَّ كمالٍ(2) داخلًا تحت أَسره، فبرز صلعم فُرقانًا للمشتَبِه من الأقوال والأفعال، [جامعًا صحيحًا لكلِّ عمدةٍ وأفضال](3)، مبيِّنًا بحسن حديثه مُجمَلات التِّبيان، عزيزًا مشهورًا فضلُه من غير زورٍ ولا بهتان، موضوعًا شانيه عن شأْو الكمال غيرَ مرفوعٍ، ضعيفًا عن مقاومته(4)، [وهو على كلِّ مرتبةٍ مرفوعٌ](5)، تتابعت معجزاته وعضَدَها شواهد، ولِمَ لا؟ وسنده الفرد الواحد؟.
أحمَده على(6) أن جعل مقام أهل الحديث عاليًا، ونشر لهم في الخافقين أعلاما، وزكَّى لهم أحلاما، وأوردهم من مناهل السُّنَّة أحلى ما(7).
وأشهد أنَّ لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، شهادةً تنفع قائلها حين يصير مُدرَجًا في الأكفان، وتجعله _بعد أن صار منقطِعًا عن الأهل والخِلَّان_ موصولًا بجناب(8) القدس، راقيًا لأعلى غُرَف الجِنَان.
وأشهد أنَّ سيِّدَنا محمَّدًا صلعم عبدُه ورسوله، المخصوص بفتح الباري، الذي صار لرِفعة محلِّه كالكوكب السَّاري، لم يشذَّ(9) عن كماله، بل تسلسل وروى عن كريم / خلاله، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه العدول في جميع الأحوال، الصَّادقين في الأقوال، خصوصًا وارثيه الذين ثقُلت لهم الميزانُ(10)، ولم يثبت لهم فيها توهين واستقام منها(11) اللِّسانُ، صلاةً وسلامًا دائمَين ما دامت سلسلة الإسناد المخصوصة بهذه الأمَّة المحمَّديَّة متَّصلةً في كلِّ حينٍ، وما برحت تلك الطَّائفة _التي قيل إنَّها أهل الحديث_ ظاهرةً على الحقِّ إلى يوم الدِّين.
وما غدت وجوه حَمَلة السُّنَّة متلألئةً بالأنوار، منتفيةً عنها الحسرةُ، ببركة دعاءه صلعم لهم بالنُّضرة(12).
[1] عنوان الكتاب في لوحة غلاف نسخة دار الكتب كما أثبتناه، وذكر بعده أن المؤلف أملاه في مجالس درس الحديث حيث جاء فيها: (وكان ذلك إجلاساً بدرس الحديث بالخانقاه الشَّيخونية)، وجاء عنوان الكتاب في النسخة الأزهرية (رسالة شيخ الإسلام العلامة نجم الدين الغيطي)..
[2] في (ز): (الجمال).
[3] ما بين معقوفين ليس في (ز).
[4] في (ز): (مقارنته).
[5] بدل مما بينهما في (ز): (وعن كل مرتبة مدفوع).
[6] (على): ليس في (ز).
[7] الأصل فيها (ماء)، وإنما حذف الهمرة ليستقيم معه السجع. وجاءت العبارة في (ز): (وزكى لهم أحلى ما، وأوردهم من مناهل السُّنَّة أحلاما).
[8] في (ز): (بجنات).
[9] في (ز): (يشد)، وزيد فيها (بشد شرف).
[10] في (ز): (تلك الموازين).
[11] في (ز): (فيها).
[12] في (ز): (بالنصرة).