-
مقدمة الكتاب
-
الشروع في ترجمة الإمام البخاري
-
نسب البخاري
-
ولادته
-
مبدأ طلبه الحديث
-
رحلته وتنقله في البلاد
-
عدة مشايخه
-
سنه أول ما كتب عنه
-
سعة حفظه
-
سيرته وأخلاقه
-
شعره
-
بيان أنه أول من صنف الصحيح المجرَّد
-
كون جامعه أصح الكتب بعد القرآن الكريم
-
سبب تجريده الصحيح
-
مقدار الأحاديث التي جرد منها الصحيح
-
تلقيبه بأمير المؤمنين
-
تسميته لكتابه
-
عنايته بجامعه ووصفه له
-
عرضه جامعه على أئمة السنة وانتقادهم
-
شرط البخاري في جامعه
-
معنى قوله: تركت من الصحيح
-
سر إيراده المعلقات
-
عثور المستملي على أصل البُخَاري
-
عدة أحاديث الجامع
-
عدة الأحاديث التي انتقدها عليه الحُفَّاظ
-
الموازنة بين الذين أخرج لهم وتكلم فيهم وبين ما انفرد بهم مسلم
-
تخريجه عمن رمي بالابتداع
-
فقه البخاري واجتهاده المطلق
-
شذرة من اختيارات البخاري الدالة على اجتهاده
-
عدة تلامذته الذين رووا عنه جامعه
-
من روى عنه من مشاهير أرباب الصِّحاح
-
ما قاله الإمام ابن خلدون في جامع البخاري
-
رد فرية على البخاري
-
ما حصل له من المحنة من كيد حساده
-
رجوعه إلى بخارى ونفي أميرها له ووفاته
-
ذكر وفاته
-
ثناء الأئمة على البُخاري
-
عدد مصنفاته
-
التغالي في رفع الأسانيد إلى جامعه
-
ما نظم في مدح البخاري وكتابه الجامع الصحيح
سعة حفظه:
قال حَاشِد بن إسماعيل: كان البخاريُّ يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فلمناه بعد ستة عشر يومًا. فقال: قد أكثرتم / عليَّ فاعرضوا عليَّ ما كتبتم، فأخرجناه فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلَّها عن ظهر قلب، حتَّى جعلنا نُحْكِم كتبنا من حفظه.
وقال محمَّد بن الأزهر السِّجِسْتاني: كنتُ في مجلس سليمان بن حَرْب، والبخاريُّ معنا يسمع ولا يكتب، فقيل لبعضِهم: ما له لا يكتب؟ فقال: يرجع إلى بخارى ويكتب من حفظه.
وقال ابن عَدِي الحافظ: سمعت عدة من مشايخ بغداد يقولون: إنَّ محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وأرادوا اّْمتحان حفظه، فعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتنٍ آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس، لكلِّ رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاريِّ، وأخذوا عليه الموعد للمجلس، فحضروا وحضر جماعة من الغرباء من أهل خُراسَان وغيرهم ومن البغدادين، فلما اّْطمئن المجلس بأهله انتدب رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاريُّ: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدًا بعد واحد حتَّى فرغ، والبخاريُّ يقول: لا أعرفه، وكان العلماء ممَّن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: فهم الرجل. ومن كان لم يدر القصة يقض على البخاريِّ بالعجز والتقصير وقلة الحفظ.
ثمَّ انتدب رجل من العشرة أيضًا فسأله عن حديثٍ من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدًا واحدًا حتى فرغ من عشرته، والبخاريُّ يقول: لا أعرفه.
ثم انتدب الثالث والرابع إلى تمام العشرة، حتَّى فرغوا كلُّهم من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة، والبخاريُّ لا يزيد على لا أعرفه، فلما عَلِمَ أنَّهم قد فرغوا، اّْلتفت إلى الأوَّل فقالَ: أمَّا حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا [وحديثك الثاني وصوابه كذا] والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فردَّ كلَّ متن إلى إسناده، وكلَّ إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقرَّ النَّاس له بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل.
قال الحافظ ابن حجر: هنا يُخضع للبخاريِّ، فما العجب من ردِّه الخطأ إلى الصواب، فإنَّه كان حافظًا، بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة.
وقال أبو بكر الكَلْوَذانيُّ: ما رأيتُ مثل محمَّد بن إسماعيل، كان يأخذ الكتاب من العلم فيطَّلع عليه اّْطلاعة، فيحفظ عامة أطراف الأحاديث من مرة واحدة. / وقال محمَّد بن حَمْدويه: سمعتُ البخاريَّ يقول: أحفظ مئة ألف حديث صحيح، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح.
وقال ورَّاقه له مرَّة [في خلوة] : هل من دواء للحفظ؟ فقال: لا أعلم شيئًا أنفع للحفظ من نَهْمَة الرجل، ومداومة النظر.
وقال البخاريُّ: ما جلست حتَّى عرفتُ الصحيح من السَّقيم، وحتَّى نظرتُ في كتب أهل الرأي، وما تركتُ بالبصرة حديثًا إلَّا كتبتُه.
وقال: لا أعلم شيئًا يُحتاج إليه إلَّا وهو في الكتاب والسُّنَّة، فقيل له: يمكن معرفة ذلك؟ فقال: نعم.