-
مقدمة المصنف
-
شرح مقدمة الثلاثيات
-
حديث سلمة: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار
-
حديث سلمة: كان جدار المسجد عند المنبر
-
حديث سلمة: فإني رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها
-
حديث سلمة: كنا نصلي مع النبي المغرب
-
حديث سلمة: أن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل
-
حديث سلمة: أمر النبي رجلًا من أسلم أن أذن في الناس
-
حديث سلمة: كنا جلوسًا عند النبي إذ أتي بجنازة
-
حديث سلمة: أن النبي أتي بجنازة، ليصلي عليها
-
حديث سلمة: على ما توقد هذه النيران
-
حديث أنس: يا أنس كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ألا تبايع
-
حديث سلمة: يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح.
-
حديث بسر: كان في عنفقته شعرات بيض
-
حديث سلمة: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة
-
حديث سلمة: غزوت مع النبي سبع غزوات
-
حديث أنس: كتاب الله القصاص
-
حديث سلمة: لما أمسوا يوم فتحوا خيبر أوقدوا
-
حديث سلمة: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة
-
حديث سلمة: أسمعنا يا عامر من هنيهاتك
-
حديث أنس: أن ابنة النضر لطمت جاريةً، فكسرت ثنيتها
-
حديث سلمة: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال
-
حديث أنس: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش
الخامس عشر: [خ¦4272]
قال البُخاري: (حَدَّثَنَا أَبُوْ عَاصِمٍ الضَّحَاكُ بنُ مَخْلَدٍ) وَسقط الضَّحاك بن مخلد لأبي ذرٍّ، (ثنا) أي قال أَبُو عاصم: حدثنا (يَزِيْدُ بنُ أَبي عُبَيْدٍ) وَلأبي ذرٍّ وَابن عسَاكر وَالأصيلي: أخبرنا، وَهُو أصحُّ النُّسخ، فينبغي أن يكون هُو الأصلُ، خلافًا لما جَعله الشَّارح كما قدَّمناه، ثم ثبوت ابن أبي عُبيد مخصوصٌ بروَاية أبي ذر، فينبغي أن يَكون نُسخة لا أصلًا، (عن سَلمة) أي ابن الأكوع، كما في أصل الشَّارح.
(قال) أي أبو سلمة، وَفي نُسخة: أنَّه قالَ: (غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم سَبْعَ غَزَوَاتٍ) بالسِّين وَالموحدة ثم فتح الغين المعجمة وَالزاي، جمع غزوة، وَهي المرَّة من الغزو، وَهي في اصطلاح أهل الحديث وَالسِّير ما قصد النَّبيُّ صلعم قتال الكفَّار بنفسه، أو بجيش من قِبَلِهِ، وَقصدهم أعمَّ من أن يكون في بلادهم، مثل غزوة أحد أو الخندق، أو إلى الأماكن التي حلوا بها وَنزلوا فيهَا من بلاد أعدائهم، كخيبر وَنحوها.
ثم أوَّل هذه الغزوات السَّبعة: الحديبيَة، وَالثانية: خيبر، وَالثَّالثة: غزوة ذي قَرَد، وَهي غزوة نهب غَطَفان وَفَزَارة لقاح النبي صلعم كما تقدَّم، وَالرَّابعة: غزوة فتح مكة، وَالخامسَة: غزوة حُنين مع قبيلة هوَازن وَهي عقيب فتح مكة، وَأسقط الشَّارح السَّادسة، وَهي إما غزوة الطائف أو غزوة الحُرقات أو غزوة وَادي القرى كما يُفهم ممَّا بعد، وَالسَّابعة: غزوة تبوك، وَهي آخر غزوات النبي صلعم ، كذا ذكره الشارح.
وَجَعَل شارح أصله في الحديث تسع غزوات، بفوقيَّة قبل السين، ثم قال: هكذا في الفرع هنا في روَاية أبي عاصم الضَّحاك، فإن كانت محفوظة فلعلَّه عدَّ غزوة وَادي القرى الَّتي وَقعت بعدَ خيبر، وَعُمرة القضاءِ، وَبها تكمل التِّسعة.
قال القَسطلاني: لكن رأيت في غير الفرع من الأُصُول المعتمدة: سبعٌ بالموحَّدة، وَفي هذه الرِّوَاية (وَغَزَوْتُ مَعَ ابنِ حَارِثَةَ) أي زيدُ بن حَارثة مولى النَّبيِّ صلعم ، (اسْتَعْمَلَهُ) أي جَعله النبي صلعم عاملًا وَأميرًا (علينا)، وَالمناسب أنَّه يُراد به أسامة بن زيد بن حَارثة، وَذلك لقوله: (أخرجه) أي أورد البخاري الحديث (في كتاب المغازي في باب بَعْثِ النَّبي صلعم أسامة بن زيد الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ). / ثم الحُرَقَاتِ بضمِّ الحاءِ المهملة وَفتح الرَّاء وَالقَاف، جمعٌ حُرقَةٍ، كهُمزَةٍ، وَهي بطنٌ من جُهينة، وَهي بالتَّصغير؛ قبيلة كبيرة.
وَأمَّا المغَازي فجمعُ مَغزاة، مَصدرٌ ميميٌّ لغَزا يَغزو غَزوًا وَمغزاةً، فالميم زائدة وَالأصل غَزاة.
هذا وَقال الشَّارح: استعمل (علينا)، أي في تلك الغزوَات، وَأبهمَ عددَ هذه الغزوات في روَاية أبي عاصم، لكن عُينت بأنَّها سَبعٌ كما تقدَّم في روَاية البخاري، قالَ: وَيُفهم من كلام أهل السِّير وَالمغازي:
أنَّ الأُوْلى من تلك الغزوات كانت في سنة خمس من الهجرة قِبَلَ نجدٍ في مائة راكب.
وَالثَّانية: في ربيعٍ الآخر سنة ستِّ إلى بني سُليم.
وَالثَّالثة: في جُمادى الأولى منهَا في مائة وَسبعينَ راكبًا إلى عيرٍ لقريش رجعُوا من الشام.
وَالرَّابعةُ: في جمادى الأخرى منها إلى بني ثعلبة.
وَالخامسةُ: في خمسمائةٍ إلى ناسٍ من بني جذام بطريق الشام، كانوا قطعُوا الطَّريق على دِحْيَةَ الكَلْبي حينَ رجعَ من عند هِرَقْلَ.
وَالسَّادسةُ: إلى وَادي القرى.
وَالسابعةُ: إلى ناسٍ من بني فَزَارَةَ، انتهى.
وقولُ أرباب المغازي أظهر، فتأمَّل وَتدبَّر.
لكن ذكر البُخاريُّ قبلَ هذه الرِّواية رِوَاية أُخرى: عن يزيد بن أبي عُبيد، أنَّه قال: سَمعت سَلمة بن الأكوع يقول: غَزَوْتُ مَعَ النَّبي صلعم سَبْعَ غَزَوَاتٍ _بالموحَّدة بعد السِّين_ عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَةِ، وَخَيْبَر، وَيَوْمُ القَرَدِ، وَغَزْوَةُ الفَتْحِ، وَالطَّائِفِ، وَتَبُوْكَ، وَهي آخِرُهُنَّ، وَخَرَجْتُ فِيْمَا يُبْعَثُ مِنَ البُعُوْثِ _جمعُ بعثٍ وَهُوَ الجَّيْشُ_ تِسْعَ غَزَوَاتٍ _بفوقيَّة قبل السين_ مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُوْ بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ أَمِيْرٌ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ، وَأُخْرَى إِلَى بَنِي كِلَاب، وَثَالِثَةٌ إِلَى الحَجِّ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةَ أَمِيْرًا إِلَى الحُرَقَاتِ، وَإِلَى أَبْنَى _بفتح الهَمْزَةِ وَسُكُوْنِ المُوَحدة ثم نونٌ مفتوحة مقصورة_ مِنْ نَوَاحي البَلقاء.
وَهذه خمسةٌ ذكرهَا أهلُ السِّير، وَبقيتْ أربعٌ لم يَذكروها، فيُحتمل أن يكون في هذا الحديث حَذفٌ، أيْ: وَمرَّةً علينا غيرهما.
هذا، وَقال في ((الفتح)): أمَّا غزوات سَلمة مع النَّبي صلعم فتقدَّم بيانها في عُمرة الحديبيَّة، وَقد ذكرَ منها الطَّريق الأخير من حديث الباب، يعني بعثُ أُسامة وَالحُديبية وَيوم حنين وَيوم القَرَد، وَفي آخره: قال يزيد _يعني ابن أبي عُبيد الرَّاوي عنه_: وَنسيتُ بَقيَّتهم، كذا فيه بالميم في ضمير جمع الغزوات، وَالمعروفُ فيه التَّأنيث.
وَأما بقيَّة الغزوات التي نسيهنَّ يزيد فهنَّ: غزوة الفتح، وَغزوة الطَّائف، وَغزوةُ تَبُوك، وَهي آخر الغزوات النَّبويَّة، فهذه سَبعُ غزواتٍ كما ثبتَ في أكثرِ الرِّوايات.
ثُمَّ قالَ: وَأما مَا وَقع عند أبي نُعيم في ((المستخرج)) فقال في أوَّله: أُحُد، وَخيبر، وَفيه نظر؛ لأنَّهم لم يذكروا سَلمة فيمن شَهد أُحدًا، انتهى.
قُلتُ: يُحتمل أنْ يَكون مُستند من عدَّ أُحدًا وَخيبر من مشاهده، ما أشارَ إليه القاضي عيَاض في ((الشِّفَا))، وَابنُ الأثير في ((جامع الأصول))، وَالكَرْمَانِي في ((شرحه)): من أنَّ سَلمة بن الأكوع هو الَّذي كلَّمه الذِّئب، وَقد وَرد في بعض رواياته ((أَنَّ الذِّئْبَ قَالَ لِلرَّاعِي: أَنْتَ أَعْجَبُ مِنِّي وَاقِفًا عَلَى غَنَمِكَ وَتَرَكْتَ نَبِيًّا لَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيًّا أَعْظَمَ مِنْهُ عِنْدَهُ قَدْرًا، قَدْ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَأَشْرَفَ أَهْلُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، يَنْظُرُوْنَ قِتَالَهُم، وَمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إَلَّا هَذَا الشِّعْبِ فَتَصِيْرَ فِي جُنُوْدِ الله))، إلى أنَّ ذكر قصَّته / وإسلامه، وَوجودَه النَّبي صلعم يُقاتل، وَالظَّاهرُ أنَّه كان ذلكَ في أُحد، وَأيضًا قال في ((الفتح)) _في بيانِ غَزوة زيد بن حَارثة بَعد أن ذكر حديث الباب_: وَرواهُ أبو مسلم الكَجِّي عن أبي عَاصم بلفظ: «وَغَزَوْتُ مَعَ زَيْدِ بنِ حَارِثَةٍ سَبْعَ غَزَوَاتٍ يُؤَمِّرُهُ عَلَيْنَا». وَكذلك أخرجه الطَّبراني عن أبي عاصم. وَكذلكَ أخرجه الإِسْمَاعِيْلِي من طريق أبي عاصم.
وَقد تَتَبَّعْتُ ما ذكرهُ أهلُ المغازي من سرايا زيد بن حارثة فبلغت سبعًا، كما قاله سلمة، وَإن كان بعضهم ذكر ما لم يذكره بعض:
فأوَّلها: في جمادى الآخرة سنة خمسٍ قِبَلَ نجدٍ [في مائة راكب، وَالثَّانية: في ربيع الآخر سنةَ ستِّ إلى بني سُليم.
والثالثة: في جُمادى الأولى منها] في مائة وَسبعين، فتلقَّى عيرًا لقريش وَأسروا أبا العاص بن الربيع. وَالرَّابعة: في جُمادى الآخرة منها إلى بني ثعلبة.
وَالخامسة: إلى حُسْمى _بضم المهملة وَسكون المهملة مَقصورًا_ في خمسمائة إلى ناسٍ من بني جذام، بطريق الشَّام كانوا قطعوا الطريق على دِحْيَة، وَهو راجعٌ من عند هرقل.
وَالسادسة: إلى وَادي القرى.
وَالسَّابعة: إلى ناسٍ من بني فَزَارَةَ، وَكان خرج قِبَلَهَا في تجارةٍ، فخرجَ عليه ناس من بني فَزَارَةَ، فأخذوا ما معه وَضربوه، فجهَّزه النَّبِيُّ صلعم إليهم، فأوقع بهم.