سعة حفظه
وأمَّا سَعة حفظه فكثيرٌجدًّا، وأنا إنْ شاء الله أشيرُ إلى يسيرٍ منه:
قال سُلَيم بن مجاهد: قال لي محمَّد بنُ إسماعيل البخاريُّ: إنِّي لا أجيءُ بحديثٍ عن الصَّحابة والتَّابعين إلَّا عرفتُ مولدَ أكثرهم ووفاتَهم ومساكنَهم، ولستُ أروي حديثًا من حديث الصَّحابة والتَّابعين _يعني: من الموقوفات_ إلَّا ولي في ذلك أصلٌ أحفظه حفظًا عن كتاب الله وسنَّة رسوله صلعم.
وقال عليُّ بنُ الحسين بن عاصم البِيكنديُّ: قدم علينا محمَّد بن إسماعيل البخاريُّ، فقال له رجلٌ من أصحابنا: سمعتُ / إسحاقَ بنَ راهويه يقولُ: كأنِّي أنظر إلى سبعين ألفَ حديثٍ من كتابي. فقال محمَّد بن إسماعيل: أَوَتعجبُ من [هذا؟] فلعلَّ في هذا الزَّمان من ينظرُ إلى مئتي ألفِ حديثٍ من كتابه. وإنَّما عنى نفسَه.
وقال ورَّاقه: سمعتُهُ يقولُ: ما نمتُ البارحةَ حتَّى عَدَدْتُ كم أدخلتُ في تصانيفي من الحديث، فإذا هو نحو مئتي ألفِ حديث.
وقال أيضًا: لو قيل لي شيءٌ لما قمتُ حتَّى أروي عشرة آلاف حديثٍ في الصَّلاة خاصة.
وقال أحمد بن حمدون الحافظُ: رأيتُ البخاريَّ في جنازةٍ ومحمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ يسأله عن الأسماء والعلل، والبُخاريُّ يمرُّ فيه مثلَ السَّهم، كأنَّه يقرأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.