الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: عرضت علي الأمم فرأيت النبي معه الرهيط

          1039- الرَّابع والسِّتُّون: عن حُصين بن عبد الرَّحمن السُّلَميِّ قال: كنت عند سعيد بن جُبير فقال: أيُّكم رأى الكوكب الَّذي انقضَّ البارحةَ(1) ؟ قلت: أنا، ثمَّ قلت: أما إنِّي لم أكن في صلاةٍ، ولكن لُدِغتُ(2)، قال: فماذا صنَعتَ؟ قلت: استَرقَيتُ، قال: ما حملك على ذلك؟ قلت: حديثٌ حدَّثناه الشَّعبيُّ، فقال: وما حدَّثكم الشَّعبيُّ؟.
          قلت: حدَّثنا عن بُريْدةَ بن الحُصيب الأسلميِّ، أنَّه قال: لا رقيةَ إلَّا من عينٍ أو حُمَة(3). عُرِضَت عليَّ الأُمَمُ، فرأيتُ النَّبيَّ معه الرُّهَيط
          فقال: قد أحسَنَ من انتهى إلى ما سَمِع، ولكن حدَّثنا ابن عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلعم قال: قال رسول الله صلعم: «عُرِضَت عليَّ الأُمَمُ، فرأيتُ النَّبيَّ معه الرُّهَيط(4)، والنَّبيَّ ومعَه الرَّجل والرَّجلان، والنَّبيَّ وليس معَه أحدٌ، إذ رُفع لي سوادٌ عظيمٌ، فظننتُ أنَّهم أمَّتي، فقيل لي: هذا موسى وقومُه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سوادٌ عظيمٌ! فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخَرِ، فإذا سوادٌ عظيمٌ! فقيل لي: هذه أمَّتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، ثمَّ نهض فدخل منزلَه.
          فخاض النَّاس في أولئك الَّذين يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، فقال بعضهم: فلعلَّهم الَّذين صَحِبوا رسولَ الله صلعم، وقال بعضهم: فلعلهم الَّذين وُلِدُوا في الإسلام فلم يُشرِكوا بالله، وذكَروا أشياءَ.
          فخرَج عليهم رسولُ الله / صلعم فقال: ما الَّذي تخوضون فيه؟ فأخبروه، فقال: هم الَّذي لا يَرقُون، ولا يَستَرقون، ولا يَتطيَّرون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون.
          فقام عُكَّاشة بنُ مِحْصَن، فقال: ادعُ الله لي أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم. ثمَّ قام رجلٌ آخر، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عُكَّاشة». هذا حديث سعيد بن منصور عن هُشيم.
          وأوَّل حديث أبي بكرِ بن أبي شيبةَ: قال رسول الله صلعم: «عُرِضَت عليَّ الأُمَمُ».
          ولم يذكر ما قبله هو ولا غيره ممَّن سَمَّينا، وذكروا ما سوى ذلك بنحوِه أو طرفاً منه. / [خ¦3410]


[1] انقَضَّ الكوكَبُ: أي هوى، وانقضَّ الحائط أي: وقع، والطائرُ كذلك، وكلُّ ما انحدر من عُلوٍ إلى سُفلٍ بسرعة فقد انقضَّ وهوى.
[2] اللَّدْغُ للعقرب، يقال: لدغَته العقربُ ولسَّتْه، وأبَرَتْه تأبُرُه، ويقال للحية: عضَّت تعَضُّ، ونهَشَت ونهَسَت، وبكَرَت وأبْكَرَت.
[3] الحُمَة: كل ما حَميَ بموضعه من لدغِ الهوامِّ.
[4] في (أبي شجاع): (الرهط).والرَّهْط من الناس: العِصابة دون العشَرة، وقيل: إلى الأربعين.