الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف

          1191- الأوَّل: عن سعيدِ بن إياسٍ الجُرَيريِّ عن أبي الطُّفيل عامر بن واثِلةَ اللَّيثيِّ قال: قلت لابن عبَّاسٍ: «أرأيت هذا الرَّمَل(1) بالبيت ثلاثةَ أطوافٍ، ومَشيَ أربعةِ أطوافٍ، أسنَّةٌ هو؟ فإنَّ قومَك يزعمُون أنَّه سنَّةٌ! قال: فقال: صدَقوا وكذَبوا.
          قال: قلت: ما قولُك: صدَقوا وكذَبوا؟. /
          قال: إنَّ رسولَ الله صلعم قَدِمَ مكَّة، فقال المشركون: إنَّ محمَّداً وأصحابَه لا يستَطِيعون أن يطوفوا بالبيت من الهُزْلِ(2)، وكانوا يَحسُدونه، قال: فأمرَهم رسولُ الله صلعم أن يَرمُلوا ثلاثاً ويمشوا أربعاً».
          قال: قلت له: أخبِرني عن الطَّواف بين الصَّفا والمروة راكباً، أسنَّةٌ هو؟ فإنَّ قومَك يزعمون أنَّه سنَّةٌ! قال: صدَقوا وكذَبوا.
          قال: قلت: ما قولك: صدَقوا وكذَبوا ؟.
          قال: «إنَّ رسولَ الله صلعم كَثُرَ عليه النَّاس يقولون: هذا محمَّد، هذا محمَّد، حتَّى خرَج العواتقُ من البيوت، قال: وكان رسول الله صلعم لا يُضرَبُ النَّاسُ بين يديه، فلمَّا كَثُرَ عليه ركِب، والمشيُ والسَّعيُ أفضلُ».
          وفي حديث ابن أبي حُسين عن أبي الطُّفيل، قال: قلت لابن عبَّاسٍ: «إنَّ قومَك يزعمون أنَّ رسولَ الله صلعم رمَل بالبيت وبين الصَّفا والمروة، وهي سنَّةٌ! قال: صدَقوا وكذَبوا». لم يزد.
          وفي حديث عبد الملكِ بن سعيدِ بن الأبْجَر عن أبي الطُّفيل قال: قلت لابن عبَّاسٍ: «أُرَاني قد رأيت رسول الله صلعم، قال: فصِفْه لي، قال: قلت: رأيتُه عند المروةِ على ناقةٍ وقد كَثُرَ النَّاس عليه، قال: فقال ابن عبَّاسٍ: ذاك رسولُ الله / صلعم، إنَّهم كانوا لا يُدَعُّون(3) عنه ولا يُكرَهون».


[1] الرَّمَل: في الحج كالهَروَلة، والخَبَب: وهو فوق المشي ودون الإسراع.وقال: هو ضربٌ من العَدْوِ فيه اهتزاز.
[2] قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ الهُزْل بضم الهاء واسكان الزاي، وهكذا حكاه القاضي في «المشارق» وصاحب «المطالع» عن رواية بعضهم قالا: وهو وهم، والصواب الهُزال بضم الهاء وزيادة الألف، قلت: وللأول وجهٌ وهو أن يكونَ بفتح الهاء لأنّ الهَزل بالفتح مصدرُ هزلته هزلاً كضربته ضرباً، وتقديره: لا يستطيعون يطوفون؛ لأن الله تعالى هَزَلهم.والله أعلم.
[3] الدَّعُّ: الدَّفع، لا يُدعُّون: أي لا يُدفَعون.