الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن أدنى أهل النار عذاباً ينتعل بنعلين

          1809- الرَّابع عشر: عن النُّعمانِ بن أبي عيَّاشٍ الزُّرَقيِّ عن أبي سعيدٍ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «إنَّ أدنى أهلِ النَّار عذاباً ينْتَعلُ بنَعلين من نارٍ، يغلي دماغُه من حرارةِ نعلَيه».
          وهذا الفصلُ مقرونٌ مع فصلٍ آخرَ بإسنادٍ واحدٍ فرَّقهما مسلمٌ في موضِعين، وأخرجَ الآخرَ مُدرجاً لم يذكرْ منه إلَّا طرَفاً، ثمَّ قال: وساقَ الحديث نحوَ حديثٍ ذكره قبلَه وهو: أنَّ رسول الله صلعم قال: «إنَّ أدنى أهلِ الجنَّة منزلةً رجلٌ صرَف الله وجهَه عن النَّار قِبَلَ الجنَّة، ومثَّل له شجرةً ذاتَ ظِلٍّ، فقال: أيْ ربِّ؛ قدِّمني إلى هذه الشَّجرة لأكون في ظلِّها». إلى هنا ذكر مسلمٌ منه فقط.
          وتمامه في كتاب أبي بكرٍ البَرْقانيِّ بالإسناد المذكور: [قال: «فقال الله ╡: هل عسَيتَ إن فعلتُ أن تسألَني غيرَه، قال: لا وعزَّتِك، فقدَّمه الله إليها ومثَّل له شجرةً ذاتَ ظِلٍّ وثَمرٍ أخرى، فقال: أيْ ربِّ؛ قدِّمني إلى هذه الشَّجرةِ أستظلُّ بظلِّها، وآكل من ثمَرها، فقال له: هل عسَيتَ إنْ أعطيتُك ذلك أن تسألَني غيرَه، قال: لا وعزَّتك، فيقدِّمه الله إليها، فيمثِّل له شجرةً أخرى ذاتَ ظِلٍّ وثَمرٍ وماءٍ، / فيقول: أيْ ربِّ؛ قدِّمني إلى هذه الشَّجرةِ فأكونَ في ظلِّها، وآكلَ من ثمَرها، وأشربَ من مائِها، فيقول: هل عسَيتَ إن فعلتُ ذلك أن تسألَني غيرَه، فيقول: لا وعزَّتك؛ لا أسألُك غيرَه، فيقدِّمه الله إليها، فتبرزُ له الجنَّة، فيقول: أيْ ربِّ؛ قدِّمني إلى باب الجنَّة فأكونَ نِجافَ الجنَّة(1)».
          وفي رواية ابن حنْبَل: «فأكونَ تحت نِجافِ الجنَّة، أنظرُ إلى أهلِها، فيقدِّمه الله إليها، فيرى أهلَ الجنَّة وما فيها، فيقول: أيْ ربِّ؛ أدخِلني الجنَّة، فيدخلُه الجنَّة، فإذا أُدخل الجنَّة قال: هذا لي؟! فيقول الله له: تَمَنَّ، قال: فيتمنى، ويذكِّرُه الله تعالى: سَلْ كذا وكذا، فإذا انقطعت به الأمانيُّ، قال الله تعالى: هو لك وعشَرةُ أمثاله، قال: ثمَّ يدخُل بيته، وتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان: الحمد لله الَّذي أحياك لنا وأحيانا لك، فيقول: ما أعطِي أحدٌ مثلَ ما أُعطيتُ»]
.
          هذا آخر هذا الفصلِ ويتَّصل به ها هنا في الرِّواية عند أبي بكرٍ البَرْقانيِّ الفصلُ الآخرُ في أدنى أهل النَّار عذاباً بنحو ما قدَّمنا.


[1] فأكونَ تحت نِجَاف الجنة: وهو أعلى الباب، وأصل النَّجَف: الارتفاع، ونَجَفتُ الرجلَ رفعت منه، والنَّجَف شِبه التَّل، وجمع النجف نِجاف.هامش (ق) نحوه، وزاد: (ودخل حسان على عائشة فأكرمته ونجَّفتْه؛ أي: رفعت منه).