الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إنه لا يولد له

          1840- الخامس والأربعون: عن أبي نضْرةَ عن أبي سعيدٍ قال: صَحِبتُ ابنَ صيَّادٍ إلى مكَّة فقال لي: ما قد لقيتُ من النَّاسِ! يزعُمون أنِّي الدَّجَّالُ، ألستَ سمعتَ رسول الله صلعم يقول: «إنَّه لا يُولَد له؟» قال: قلت: بلى، قال: فَقَد وُلِدَ لي، أوَليس سمعتَ رسول الله صلعم يقول: «لا يدخلُ المدينةَ ولا مكَّةَ؟»، قلت: بلى، قال: فقد وُلِدتُ بالمدينة، وهذا أنا أريدُ مكَّةَ، قال: ثمَّ قال لي في آخرِ قولِه: أما والله؛ إنِّي لَأعلَم مولدَه ومكانَه وأينَ هُو، قال: فَلَبَسَنِي (1). /
          وفي حديث سُليمانَ التَّيميِّ عن أبي نضْرةَ عنه قال: قال لي ابنُ صائدٍ _وأخذَتْني منه ذَمَامَةٌ_ : هذا عَذَرْتُ النَّاس، ما لي ولكم يا أصحابَ محمَّدٍ! ألم يقُل نبيُّ الله صلعم: «إنَّه يهوديٌّ؟»، وقد أسلمتُ، وقال: «ولا يولَد له» وقد وُلِدَ لي، وقال: «إنَّ الله حرَّم عليه مكَّةَ» وقد حجَجْت، قال: فما زالَ حتَّى كاد أن يأخُذَ فِيَّ قولُه، قال: ثمَّ قال: أما والله؛ إنِّي لأعلم الآن حيثُ هو، وأعرف أباه وأمَّه. قال: وقيل له: أيسرُّك أنَّك ذاك الرَّجلُ؟ قال: فقال: لو عُرِضَ عليَّ ما كرِهتُ.


[1] وللحديث رواية أخرى عند مسلم ░2927▒ لم يذكرها الحميدي من طريق الجُريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: خَرَجْنا حُجَّاجاً أو عُمَّاراً، ومعنا ابْنُ صَائِدٍ، قال: فَنَزَلْنا مَنْزِلاً، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أنا وهو، فَاسْتَوْحَشْتُ منه وَحْشَةً شَدِيدَةً ممَّا يُقَالُ عليهِ، قال: وجاءَ بِمتاعهِ فوضعَهُ مع متاعِي.فقلتُ: إِنَّ الحَرَّ شَدِيدٌ، فلو وَضَعْتَهُ تحتَ تلكَ الشَّجَرَةِ.قال: ففعلَ، قال: فَرُفِعَتْ لنا غَنَمٌ، فانطلقَ فجاءَ بِعُسٍّ، فقال: اشْرَبْ أبا سعيدٍ.فقلتُ: إِنَّ الحَرَّ شَدِيدٌ واللَّبَنُ حارٌّ، ما بي إِلَّا أَنِّي أكرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عنْ يَدِهِ _أو قال آخُذَ عن يَدِهِ_ فقالَ: أبا سعيدٍ لقدْ هممتُ أنْ آخُذَ حَبْلاً فَأُعَلِّقَهُ بشجرةٍ، ثُمَّ أختنقَ ممَّا يَقُولُ لي النَّاسُ، يا أبا سعيدٍ مَنْ خَفِيَ عليهِ حديثُ رسولِ اللهِ صلعم ما خَفِيَ عليكمْ معشرَ الأنصارِ، ألستَ مِنْ أعلمِ النَّاسِ بحديثِ رسولِ اللهِ صلعم؟ أليسَ قد قال رسولُ اللهِ صلعم: «هوَ كافرٌ» وأنا مسلمٌ، أوليسَ قد قال رسولُ اللهِ صلعم: «هو عقيمٌ لا يُولدُ لهُ».وقد تركتُ ولدي بالمدينةِ؟ أوليسَ قد قال رسولُ اللهِ صلعم: «لا يدخلُ المدينةَ ولا مكَّةَ» وقدْ أقبلتُ منَ المدينةِ وأنا أُرِيدُ مكَّةَ؟ قال أبو سعيدٍ الخدريُّ: حتَّى كدْتُ أَنْ أعذرَهُ، ثمَّ قال: أَمَا واللهِ إنِّي لَأعرفُهُ وأعرفُ مولدَهُ وأينَ هو الآنَ، قال: قلتُ لهُ: تبَّاً لك، سائرَ اليومِ.قد نبَّه على هذا ابن الأثير في «جامعه» 10/371.