الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: اقرأ ابن حضير

          1807- الثَّاني عشر: عن عبد الله بن خبَّابٍ: أنَّ أبا سعيدٍ حدَّثه: «أنَّ أُسَيدَ بنَ حُضَير بينما هو ليلةً يقرَأ في مِرْبَدِهِ(1)، إذ جالَت(2) فرسُه، فقرَأ، ثمَّ جالت أخرى، فقرَأ، ثمَّ جالت أيضاً، قال أُسيدٌ: فخشيت أن تَطأ يحيى، فقمت إليها، فإذا مثلُ الظُّلَّةِ(3) فوقَ رأسي فيها أمثالُ السُّرُج، عرجَت في الجوِّ(4) حتَّى ما أَراها ! قال: فغدَوت على رسول الله صلعم فقلت: يا رسول الله؛ بينما أنا البارحةَ من جَوف اللَّيل أقرأُ في مِرْبَدِي، إذ جالَت فرسي، فقال رسول الله صلعم: اقرأ ابنَ حُضَير.
          قال: فقرأتُ، ثمَّ جالَت أيضاً، فقال رسول الله صلعم: اقرأ ابنَ حُضَير. قال: فقرأت ثمَّ جالَت أيضاً، فقال رسول الله صلعم: اقرأ ابنَ حُضَير.
          قال: فانصرفتُ وكان يحيى قريباً منها، خشِيتُ أن تَطأه، فرأيت مثلَ الظُّلَّةِ فيها أمثالُ / السُّرُج، عرَجَت في الجوِّ حتَّى ما أراها، فقال رسول الله صلعم: تلكَ الملائكةُ كانت تستَمِع لك، ولو قرأتَ لأصبَحَتْ يراها النَّاسُ، ما تستَتِرُ منهم».
          وأخرجَه البخاريُّ أيضاً تعليقاً فقال: وقال اللَّيث... فذكر بإسناده إلى أُسيدِ بن حُضَير قال: وقال ابنُ الهاد: حدَّثني بهذا عبدُ الله بن خبَّابٍ عن أبي سعيدٍ عن أُسيدٍ. [خ¦5018]
          وأخرج أبو مسعودٍ حديثَ مسلمٍ في أفراده من هذا المسند، وأخرجَه أيضاً في مسند أُسيدٍ، وهو عندي أحقُّ بمسندِ أُسيدِ بن حُضَيرٍ، وأن يكون متَّفَقاً عليه في ذلك المسند.


[1] المِرْبَد في حديث أبي سعيد: البَيْدَر؛ وهو الموضع الذي يُجمع فيه ثمر النخيل عند جِدَاده، والمِرْبَد أيضاً موقف الإبل، واشتقاقه من ربدَ أي: أقام.وقال ابن الأعرابي: الرَّبد الحَبْس، وتُسمى الخشبة أو العصا التي تعترض صدور الإبل فتمنعها من الخروج من المكان مِرْبداً.
[2] جال يجول جَوْلاً: إذا تحرك وانتقل، وأجلتُه أنا.
[3] الظُّلَّة: كل ما غطى وستر.
[4] الجَوُّ: جو السماء، وهو ما بَعُدَ من الهواء.