الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما هذا الذي يبلغني من حديثكم، لقد

          1843- الثَّامن والأربعون: عن أبي سعيدٍ مولى المَهْريِّ أنَّه أصابهم بالمدينة جَهدٌ وشدَّةٌ، وأنَّه أتى أبا سعيدٍ الخدريَّ فقال له: إنِّي كثيرُ العيال، وقد أصابَتْنا شِدَّةٌ، فأردتُ أن أنقُل عيالي إلى بعضِ الرِّيف، فقال أبو سعيدٍ: «لا تفعلْ، الْزَم المدينةَ؛ فإنَّا خَرجنا مع نبيِّ الله صلعم _أظنُّ أنَّه قال: حتَّى قدِمنا عُسفانَ_ فأقَمنا بها لياليَ، فقال النَّاس: والله ما نحن ها هنا في شيءٍ، وإنَّ عيالنا لخُلوفٌ(1) ما نأمَنُ عليهم، فبلغ ذلك النبي صلعم فقال: ما هذا الَّذي يبلُغُني من حدِيثِكم، لقد همَمت _أو: إن شِئتُم، لا أدري أيَّتَهما قال_ لآمُرَنَّ بناقَتي تُرحَلُ، ثمَّ لا أحِلُّ لها عُقدةً حتَّى أقدَمَ المدينةَ.
          وقال: اللَّهمَّ إنَّ إبراهيمَ حرَّم مكَّة فجعَلَها حراماً، وإنِّي حرَّمتُ المدينةَ حراماً ما بين مَأزِمَيها، أنْ لا يُهراقَ فيها دمٌ، ولا يُحمَلَ فيها سلاحٌ لقتالٍ، ولا تُخْبَطَ فيها شجرةٌ إلَّا لعلفٍ، اللَّهمَّ؛ بارك لنا في / مدينتِنا، اللَّهمَّ؛ بارك لنا في صَاعِنا، اللَّهمَّ؛ بارك لنا في مُدِّنَا، اللَّهمَّ؛ بارك لنا في صَاعِنا، اللَّهمَّ؛ بارك لنا في مَدينتِنا(2)، اللَّهمَّ؛ اجْعل مع البرَكة برَكتين، والَّذي نفسي بيده؛ ما من المدينة شِعبٌ(3) ولا نَقْبٌ(4) إلَّا عليه ملَكان يحرُسانها حتَّى تقدَموا إليها. ثمَّ قال للناس: ارتحِلوا. فارتحَلنا، فأقبلنا إلى المدينة، فوالَّذي نحْلِف به _أو يُحلَف به_ ما وضَعنا رحالَنا حينَ دخَلنا المدينةَ حتَّى أغارَ علينا بنو عبد الله بن غَطَفانَ، وما يَهِيجُهم قبلَ ذلك شيءٌ».
          وفي حديث يحيى بن أبي كثيرٍ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «اللَّهمَّ بارك لنا في مُدِّنَا وصَاعِنَا، واجْعل مع البرَكة برَكتين».
          وفي حديث اللَّيثِ بن سعدٍ عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ عن أبي سعيدٍ مولى المَهْريِّ: أنَّه جاء إلى أبي سعيدٍ الخُدْريِّ لياليَ الحرَّة، فاستشارَه في الجَلاء منَ المدينةِ، وشكا إليه أسعارَها وكثرةَ عِياله، وأخبره أنْ لا صبرَ له على جَهْد المدينةِ ولَأْوائِها(5)، فقال له: ويْحَك! لا آمُرك بذلك؛ إنِّي سمعتُ رسول الله صلعم يقول: «لا يصبِرُ أحدٌ على لَأْوائِها فيموتَ إلَّا كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يومَ القِيامة، إذا كان مسلماً».


[1] عيالنا خُلُوف، والحيُّ خلوف؛ أي: غُيَّبٌ.تصحيف في مخطوط «الغريب» إلى (حيالنا) بدل (عيالنا).
[2] سقط قوله: (اللَّهمَّ بارك لنا في صَاعِنا، اللَّهمَّ بارك لنا في مَدينتنا) من (ق).
[3] الشِّعْبُ: أرض منخفضة بين جبلين.
[4] النَّقْب: الطريق في الجبل.
[5] قال يعقوب: اللأْوَاء: الشدة.