-
المقدمة
-
حديث: إن أمامكم حوضي
-
حديث الإفك
-
وهم آخر في بعض حديث الإفك
-
وهم ثالث في بعض روايات حديث الإفك
-
في وهم رابع في بعض طرق حديث الإفك
-
حديث: التمس لي غلامًا من غلمانكم
-
قصة بئر معونة
-
حديث: ما من مسلم تصيبه مصيبة
-
حديث: اللهم أعنِّي عليهم بسنين
-
قصة الراهب بحيرة
-
حديث: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان
-
حديث: للعبد المملوك الصالح أجران
-
حديث: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون
-
حديث في رجم الزاني
-
حديث سبيعة الأسلمية
-
حديث: أما العباس فهي عليه صدقة
-
حديث عدي في نزول: {حتى يتبين لكم الخيط}
-
حديث أنس: أنه رأى في يد النَّبي خاتم من ورق
-
حديث النهي عن أكل السباع
-
حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا
-
قصة الهجرة
-
حديث: فيما سقت السماء والعيون
-
حديث: إلا فيما كان رقمًا في ثوب
░9▒ ومنها: حديث عبد الله بن مسعود ☺ قال: إنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ صلعم دَعَا قالَ: «اللَّهُمَّ؛ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بسنينَ كَسِنِي يوُسفَ» فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا العِظَامَ وَالمَيْتَةَ مِنَ الجَهْدِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، / فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:11] فَاتاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَيْ مُحَمَّدُ؛ إِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ(1) اللهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ، فَدَعَا فَسُقُوا، فَنَزَلَتْ: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان:15] فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلى كُفْرِهم حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ، فَأَنْزَلَ الله: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان:16] قَالَ(2) : يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ.
اتَّفقا عليه، وأخرجه البخاريُّ في مواضع، منها: «كتاب الاستسقاء»، من طريق سفيان الثَّوريِّ، عن منصور والأعمش، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن ابن مسعود، ثمَّ قال في آخره: وَزَادَ أَسْبَاطٌ، عَنْ مَنْصُورٍ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلعم ، فَسُقُوا الغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ المَطَرِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقي النَّاسُ حَوْلَهُمْ. [خ¦1020]
أمَّا ما يتعلَّق بقول ابن مسعود ☺ في تفسير الدخان الذي ذكر في الآية بما حكى؛ فقد خالفه فيه جماعة من الصَّحابة، منهم عليٌّ، وابن عمر، وابن عبَّاس، وأبو هريرة ♥ ، فقالوا: إنَّ الدخان المذكور في القرآن لم يأت بعد، بل يجيء في آخر الزمان من أشراط الساعة، وهذا هو الصَّحيح إن شاء الله تعالى؛ لما روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ☺ ، أنَّ رسولَ اللهِ صلعم قَالَ: «لَنْ(3) تَقُومَ السَّاعة حَتَّى تَرَوْنَ(4) عَشْرَ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، والدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَدَابَّةَ الأرضِ، وَيَأَجُوجَ / وَمَأْجُوجَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» [م:2901] ، فهذا نصٌّ صريح في أن الدُّخان لم يأتِ بعد، وجاء فيه مفسَّرًا أيضًا حديثان، لا أعرف الآن سندهما، أحدهما: عن حذيفة ☺ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «من أشراط الساعة دخان(5) يمكث في الأرض أربعين يومًا»، والآخر عن ابن مسعود نحوه، وزاد: «فيأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام، ويدخل جوف الكافر والمنافق حتى ينتفخ»، وذكر بعض الأئمة في الجمع بين هذه الأحاديث وقول ابن مسعود ☺ أنَّ الدخان اثنان أحدهما: وقع في زمن النبوَّة لأهل مكَّة كما ذكر ابن مسعود، والآخر يخرج من أشراط الساعة، ولا يخلو هذا من نظر؛ فإنَّ الذي رآه أهل مكَّة ليس حقيقة الدخان، بل شيء كهيئته يخيَّل إليهم من الجهد والجوع، وأيضًا فغزوة بدر كانت على رأس سبعة عشر شهرًا من مَقْدَم النَّبيِّ صلعم المدينة، وهذا الجهد الذي أخذ أهل مكَّة لم [يكن] والنَّبيُّ صلعم بين أظهرهم قطعًا، بل بعد الهجرة، ومقتضى قول ابن مسعود ☺ أنَّ أهل مكَّة أصابتهم سنة شديدة، ثمَّ أخصبوا وكايدوا وتعدوا(6) حال الجهد فعادوا بعده، وإنَّ الله ╡ وعدهم بعد ذلك بيوم بدر، ومقتضى هذا أن تكون آيات الدخان مدنيَّة، ولم يعدها أحد من أمَّته كذلك أصلًا.
وأيضًا في «الصَّحيحين» عن أبي هريرة أنَّه شهد القنوت من النَّبيِّ صلعم : / «اللهَّم؛ أَنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ...» الحديث. وفيه: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ»، قال: ثمَّ رأيته ترك الدُّعاء بعد ذلك، وهذا يدلُّ على أنَّ دعائه بسنين كسني يوسف كان بعد إسلام أبي هريرة، وإنَّما أسلم بعد بدر، والكلام في هذا مشهورٌ، والمقصود بالإشكال ما ذكره البخاريُّ في قضيَّة الاستسقاء لأهل مكَّة، فإنَّه _والله أعلم_ وهم، دخل به حديث في حديث من بعض الرُّواة، ودوام المطر سبعًا، ثمَّ الدعاء بكشفه إنما كان لأهل المدينة ومن حولهم من المسلمين، كما رواه أنس بن مالك ☺ ، من عدَّة طرق عنه، وأنَّ السَّائل لذلك كان من المسلمين، قاله يوم الجمعة والنَّبيُّ صلعم على المنبر كما هو مشهور في دواوين الإسلام، وإلَّا فإذا دعا لأهل مكَّة بالمطر فـــأيُّ(7) تعلق لأهل المدينة به حتى يسألوا كشفه عنهم؟ فالقصَّتان كلٌّ منهما منفصلة عن الأخرى، والله سبحانه أعلم.
[1] في الأصل: ((فأوحى)).
[2] في الأصل: ((لأن)).
[3] في الأصل: ((لا)).
[4] في الأصل: ((تكون)).
[5] في الأصل: ((دخانًا)).
[6] في الأصل: ((وتعدَّا)).
[7] في الأصل: ((أي)).