-
المقدمة
-
حديث: إن أمامكم حوضي
-
حديث الإفك
-
وهم آخر في بعض حديث الإفك
-
وهم ثالث في بعض روايات حديث الإفك
-
في وهم رابع في بعض طرق حديث الإفك
-
حديث: التمس لي غلامًا من غلمانكم
-
قصة بئر معونة
-
حديث: ما من مسلم تصيبه مصيبة
-
حديث: اللهم أعنِّي عليهم بسنين
-
قصة الراهب بحيرة
-
حديث: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان
-
حديث: للعبد المملوك الصالح أجران
-
حديث: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون
-
حديث في رجم الزاني
-
حديث سبيعة الأسلمية
-
حديث: أما العباس فهي عليه صدقة
-
حديث عدي في نزول: {حتى يتبين لكم الخيط}
-
حديث أنس: أنه رأى في يد النَّبي خاتم من ورق
-
حديث النهي عن أكل السباع
-
حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا
-
قصة الهجرة
-
حديث: فيما سقت السماء والعيون
-
حديث: إلا فيما كان رقمًا في ثوب
░1▒ فمنها: ما وقع في «الصَّحيحين» وغيرهما من طريق حمَّاد، عن نافعٍ، عن ابن عمر ☻ قال: قال رسول الله صلعم : «إِنَّ أَمَامَكُمْ حَوْضِي(1) مَا بَيْنَ جَنْبَيْه(2) كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ(3) وأَذْرُحَ»، وهذا لفظ مسلم، وعنده من طريق عبيد الله(4) بن عمر عن نافعٍ نحو هذا، وزاد: قال عبيد الله: فسألته _يعني: نافعًا_ فقال: قريتان بالشَّام، بينهما مسيرة ثلاثة أيام.
وتبع نافعًا على هذه المساحة جماعةٌ ممَّن تكلم على هذا الحديث.
وقال ابن وضَّاح من المالكيَّة في أذرح: إنَّها فلسطين.
وفي «الصَّحيحين» أيضًا: عن حارثة بن وهب ☺ أنَّه سمع النَّبي صلعم يقول: «حوضي كما بين صنعاء والمدينة»، وهذا لفظ البخاريِّ.
وقد سئل الشَّيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام(5) ☼ عن الجمع بين الحديثين فقال: المقدر بما بين / المدينة و صنعاء هو بحسب الطول، وبما بين جوثا(6) وأذرح هو بحسب العرض.
قلت: وهذا لا يستقيم؛ ففي «صحيح مسلمٍ» عن عبد الله بن عمرو ☻ قال: قال رسول الله صلعم : «حوضي مسيرة شهرٍ، وزواياه سواء».
ومن حديث أبي ذَرٍّ ☺ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال في صفة الحوض: «عرضه مثل طوله، ما بين عمَّان إلى أيلة».
وكذلك روى البخاريُّ(7) في «صحيحه» من طريق ابن جُريج، عن مجاهدٍ، عن النَّواس بن سمعان ☺ ، عن النَّبيِّ صلعم بهذا اللفظ: «عرضه وطوله سواء؛ كما بين أيلة إلى عمَّان» الحديث.
ومثله أيضًا ما روى النَّضر بن شُمَيل، عن شَدَّادِ بْنِ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا الوَازِعِ؛ وهو جابر بن عمرو أنَّه سمع أبا برزة الأسلميَّ ☺ يقول: سمعت رسول الله صلعم يقول: «ما بين ناحيتي حوضي؛ كما بين أيلة إلى صنعاء، مسيرة شهرٍ، عرضه كطوله» الحديث.
وكذلك رُوي أيضًا من حديث عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله ☻ بإسنادين جيدين.
روى الجميع الحافظ ضياء الدين المقدسيُّ، في جمعه «طرق أحاديث الحوض»، فامتنع حينئذٍ الجمع الذي ذكره الشيخ عزُّ الدين ☼، ولكن حديث ابن عمر وقع فيه اختصارٌ قدح(8) فيه، اقتضاه قصد مَن سمعه حينئذ لمانع شغله عن إدراك جملة الحديث، فحصل الوهم فيه لعامَّة مَن بعده.
وقد روى الحافظ ضياء الدين في الكتاب المذكور بسندٍ جيِّدٍ إلى سليمان بن بلالٍ: حدَّثنا إبراهيم بن أبي أسيد، عن جدِّه، عن أبي هريرة ☺ أنَّ رسول الله صلعم قال: «إذا / أنا هلكت فإنِّي فرطكم على الحوض»، قيل: يا رسول الله؛ وما الحوض؟ قال: «عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء(9) وأذرح، بياضه بياض اللبن...»؛ وذكر بقيَّة الحديث.
وإبراهيم بن أبي أسيد هذا قال فيه أبو حاتم: محلُّه الصِّدق، ولم يتكلَّم فيه أحد، وجدُّه أبو أَسِيد؛ بفتح الهمزة وكسر السين، قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: أظنُّه سالمًا البرَّاد.
قلت: وسالمٌ هذا وثَّقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: كان من خيار المسلمين لكن كنيته أبو عبد الله.
وقد ذكر شيخنا المزيُّ في «الأطراف» أنَّ حديث الحوض هذا رواه أحمد بن صالح، عن أبي ضَمْرة أنس بن عياض، عن إبراهيم بن أبي أَسِيد، عن جدِّه أبي أسيد، عن أبي هريرة قال: فكأنَّه نسبه إلى جدِّه.
وقد أخرج أبو داود في «سننه» بالسَّند الذي ذكراه أوَّلًا حديث: «إيَّاكم والحسد؛ فإنَّ الحسد يأكل الحسنات»، فيكون حسنًا عنده على قاعدته.
ففي هذا الحديث بيانٌ لما سقط في حديث ابن عمر ☻، وهذا هو الصَّحيح، فإنَّ جرباء(10) وأذرح قريتان متقاربتان جدًّا، بحيث يسمع أهل كلِّ قرية النداء من الأخرى، وهما بين بلد الصنعان وبلد الشوبك على جادَّة الطريق، شاهدتُها قريب أذرح ليلةً، ولا يعرف مكان(11) تسمَّى بهذا الاسم غيرهما.
قال الحازميُّ: كان أهل جرباء يهودًا، كتب النَّبيُّ صلعم الأمان لمَّا قدم عليه يُحَنَّة بن رؤبة صاحب أيلة بقومٍ منهم ومن أهل أذرح يطلبون الأمان.
وهذا يدلُّ على تقاربهما، كما شاهدته، و أمَّا قول ابن وضَّاح في أذرح: إنَّها فلسطين، فوهمٌ بلا شكٍّ؛ فإنَّ الذي قال / الحازميُّ والبكريُّ، فصاحب «الغريب في شرح مسلمٍ» وغيرهم: إنَّ أذرح مدينة في طرف الشام، في قبلة الشوبك، بينهما(12) وبينه نحو نصف يوم، وهي في طرف الشراة، في طرفها الشمالي.
وأمَّا اختلاف الأحاديث في تقدير مساحة الحوض _أَوْرَدَنا اللهُ إيَّاه بفضله وكرمه_ فالكلام عليها مشهور، وأحسن وجهٍ قيل فيه: إنَّ التقدير كان في كلِّ وقت بحسب ما يفهم الحاضرون من المسافة، مع تقارب ذلك وأنَّه نحو شهر، والمقصود إنَّما هو التَّنبيه على الموضع النَّاقص في حديث ابن عمر ☻، وإزالة الإشكال عنه، وبالله التوفيق.
[1] بهامش الأصل: في نسخة: «حوض». وهو لفظ مسلم، وما أورده من جامع الأصول: 7989.
[2] هذا لفظ جامع الأصول: 7989، ولفظ مسلم: ناحيتيه، وأثبته في المخطوط مضروبًا عليه.
[3] هكذا في المخطوط: (جوثا)، ولم أجد الرواية بهذا اللفظ، ولعلها: (جربا).
[4] في الأصل: ((عبد الله)).
[5] في المطبوع: «وقال _ يعني ابن وضاح _: سئل الشيخ عز الدين بن عبد السَّلام». وهو وهم شنيع وزيادة لا مبرر لها.
[6] في الأصل: ((جوثا)).
[7] كذا قال، ولم يخرج البخاري عن النَّواس شيئًا، والحديث أخرجه ابن بشكوال في ذيله على «جزء أحاديث الحوض» لبقي بن مخلد، ر: (48).
[8] غير واضحة في الأصل، وفي المطبوع: فدعه.
[9] في الأصل: ((حوباء)).
[10] في الأصل: ((جوباء)).
[11] في الأصل: ((من كان)).
[12] في الأصل: ((بينها)).