-
المقدمة
-
حديث: إن أمامكم حوضي
-
حديث الإفك
-
وهم آخر في بعض حديث الإفك
-
وهم ثالث في بعض روايات حديث الإفك
-
في وهم رابع في بعض طرق حديث الإفك
-
حديث: التمس لي غلامًا من غلمانكم
-
قصة بئر معونة
-
حديث: ما من مسلم تصيبه مصيبة
-
حديث: اللهم أعنِّي عليهم بسنين
-
قصة الراهب بحيرة
-
حديث: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان
-
حديث: للعبد المملوك الصالح أجران
-
حديث: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون
-
حديث في رجم الزاني
-
حديث سبيعة الأسلمية
-
حديث: أما العباس فهي عليه صدقة
-
حديث عدي في نزول: {حتى يتبين لكم الخيط}
-
حديث أنس: أنه رأى في يد النَّبي خاتم من ورق
-
حديث النهي عن أكل السباع
-
حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا
-
قصة الهجرة
-
حديث: فيما سقت السماء والعيون
-
حديث: إلا فيما كان رقمًا في ثوب
░19▒ ومنها: ما رواه أبو داود في باب «النهي عن أكل السباع»، من كتاب «الأطعمة» من حديث / صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ(1) ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ☺ ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم خَيْبَرَ، فَأَتَتِ الْيَهُودُ فَشَكَوْا أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى حَظَائِرِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : «أَلَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالُ المُعَاهَدِينَ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ حُمُرُ الْأَهْلِيَّةِ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ».
رواه كذلك...(2) عن بقيَّة بن الوليد قال: حدَّثني ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى(3) .
والحديث عند النسائي، وابن ماجه، والدارقطني، وغيرهم، من طرق عن بقية، ولم يقل أحد فيه: (عن خالد بن الوليد غزوت مع النَّبيِّ صلعم خيبر)، عدا(4) رواية أبي داود، سوى ما جاء في رواية ذكرها أبو(5) جعفر محمَّد بن جرير الطبريُّ، في كتاب «مختصر اللَّطيف»(6) قال: حدَّثنا أحمد بن المقدام: حدَّثنا عمر بن عبد الرحمن: حدَّثنا أيوب عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل من أهل خيبر، عن خالد بن الوليد ☺ قال: كنا مع رسول الله صلعم بخيبر، فشكا إليه اليهود أن أصحابه يصيبون من ثمارهم، قال: فأمرني أن أنادي: الصلاة جامعة، ولا يدخل إلَّا مسلم.
فذكر بقيَّة الحديث، [ويجد ما يقوم] والذي يتعلَّق بهذا الحديث من أصله، من الاضطراب والتضعيف، لسنا بصدده، وقد بسطته في موضع آخر، إنما نقصد هنا بيان الوهم في قولهم: (عن خالد بن الوليد ☺ أنه غزا خيبر مع النَّبي صلعم )، وليس ذلك بصحيح، فقد جزم / أحمد ابن حنبل والبخاريُّ بأنَّه لم يشهدها، حكاه عنهما الحافظ زكي الدين عبد العظيم في «مختصر السنن»، قال الحافظ شرف الدين الدِّمياطيُّ: كان إسلام خالد ☺ بعد خيبر بتسعة أشهر، لأنَّه أسلم في أوَّل يوم من صوم سنة ثمان، وغزوة خيبر كانت في جمادى الأولى سنة سبع.
قلت: وقيل: إنَّها كانت في المحرم، أو في صفر من هذه السنة.
وقال أبو محمَّد بن حزم: لم يُسلم خالد إلَّا بعد خيبر بلا خلاف، وكأنَّه لم يطلع على غير ذلك، فقد قال ابن عبد البَّر في «الاستيعاب»: قيل: كان إسلامه بين الحديبية وخيبر، وقيل: بل كان سنة خمس بعد فراغ النَّبيِّ صلعم من بني قريظة، وقيل: كان في سنة ستٍّ، وقيل: بل في أوَّل سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ♥ . قلت: هذا القول الأخير هو الصحيح المعتمد، وما سواه فليس بشيء لما سنذكره، وقد ذكر ابن عبد البر أيضًا أنَّ خالد بن الوليد كان على خيل رسول الله صلعم يوم الحديبية، وكانت في ذي القعدة سنة ستٍّ.
قلت: وهذا ضعيف أو باطل، ففي «صحيح البخاريِّ» مسندًا عن المِسْوَر بن مَخْرَمة ☻ في قصة الحديبية بطولها، قال: خَرَجَ النَّبيُّ صلعم زمن(7) الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ / صلعم : «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ(8) فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَة، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ»، فَوَ اللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، فهذا نصٌّ صحيحٌ من النَّبي صلعم أنَّ خالد بن الوليد لم يكن يومئذٍ مسلمًا، و [ما](9) كان على خيل النَّبيِّ صلعم ، بل على خيل قريش، فبطَل بهذا أن يكون إسلامه قبل الحديبية، وقال مصعب بن عبد الله الزُّبيري _وإليه المرجع في أخبار قريش_ في ترجمة الوليد بن الوليد: الصَّحيح أنَّه شهد مع النَّبيِّ صلعم عمرة القضاء، وكتب إلى أخيه خالد، وكان خالد خرج من مكَّة فارًا؛ لئلَّا يرى رسول الله صلعم وأصحابه بمكَّة كراهة الإسلام، فسأل رسول الله صلعم الوليد عنه وقال: «لَو أَتَانَا لأكرمناه وَمَا مثله(10) سقط عَلَيْهِ الْإِسْلَام فِي عقله»، فكتب بذلك الوليد إلى أخيه خالد، فوقع الإسلام في قلب خالد، وكان ذلك سبب هجرته ☺ ، فهذا يقتضي أن إسلامه كان بعد عمرة القضاء، وكانت بعد خيبر قطعًا، وقال محمَّد بن إسحاق في سيرته، رواية زياد البكائيِّ عنه: حدَّثني يزيد بن أبي حبيب، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي، عن حبيب بن أبي أوس قال: حدَّثني عمرو بن العاص مِنْ فِيْهِ...؛ فذكر قصَّة ذهابه إلى النجاشيِّ، وما جرى له معه، ومبايعته إياه على الإسلام، إلى أن قال: ثم خرجت عامدًا إلى رسول الله صلعم لأسلم، فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو(11) مقبل من مكَّة(12) فقلت: أين يا أبا سليمان؟ فقال: والله لقد استقام المَنْسَم، وإن الرجل لنَبِيٌّ أذهبُ(13) والله فأسلم(14) ، فحتى متى؟ قال: فقلت: والله ما جئت إلَّا لأسلم، / قال: فقدمنا المدينة على رسول الله صلعم ، فتقدَّم خالد بن الوليد، فأسلم وبايع...؛ وذكر بقية الحديث، وهو صحيح لتصريح ابن إسحاق فيه بالتَّحديث(15) ، ويزيد بن أبي حبيب مسند عن كبار رجال «الصَّحيحين»، وحبيب وراشد مولاه(16) ذكرهما ابن حبَّان في «الثقات»، ولم يضعفهما(17) أحد، فهذا سند ثابت، يقتضي صحَّة ما ذكره الحافظ الدمياطيُّ، وأن إسلام خالد كان في أوَّل سنة ثمان؛ لأنَّ فتح مكَّة كان في شهر رمضان من سنة ثمان؛ وإذا كان لم يسلم إلَّا يومئذٍ، فلم يشهد غزوة خيبر.
ولهذا قال ابن عبد البر بعد كلامه المتقدِّم: لا يصح لخالد بن الوليد ☺ مشهد مع النَّبي صلعم قبل الفتح.
وقد(18) تبيَّن بهذا كلِّه أنَّ قول من قال: عن خالد في هذا الحديث: (غزوت مع النَّبيِّ صلعم خيبر(19) ) لا أصل له، والله أعلم.
[1] في الأصل زيادة: «عن أبيه»، ولا موضع لها.
[2] بياض في الأصل.
[3] في الأصل: ((بن عمر)).
[4] في الأصل: ((عن)).
[5] في الأصل: ((بن)).
[6] لعل مراده: كتاب: لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام.
[7] في الأصل: ((من)).
[8] في الأصل: ((النعيم)).
[9] زيادة لتوضيح المعنى.
[10] في الأصل: ((قبله)).
[11] في الأصل: ((وهم)).
[12] في الأصل: ((مقبل في حكم)).
[13] في الأصل: ((إذا ذهب)).
[14] في الأصل: ((أسلم)).
[15] في الأصل: ((بالحديث)).
[16] في الأصل: ((مولد)).
[17] في الأصل: ((يصحفهما)).
[18] في الأصل: «وهل».
[19] ((خيبر)): ليس في الأصل.